تعتمد السيدة "سلفانا أحمد" على موهبتها وقدراتها ومحبتها لما تنتجه بالصدف البحري، في ابتكار التصاميم المتجددة التي تشرع أسواق التصريف أمامها، وتؤمن مصدر دخل رديف وجيد لأسرتها.

البراعة والدقة في العمل والنظرة الأنثوية حاضرة في مختلف مراحل العمل بحرفة تنسيق الصدفيات، بالنسبة للحرفية "سلفانا أحمد" التي تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 تشرين الأول 2014 بالقول: «مع انتشار وتزايد العاملين بحرفة تنسيق الصدفيات، كان يجب على الحرفي المهتم بعمله وجودته ومصدر دخله أن يبتكر ويجدد في مشغولاته باستمرار، لأن التكرار في العمل يعني موت المنتج ومن بعده صاحبه مهنياً.

باعتقادي تقدم السيدة "سلفانا" نموذجاً عن المرأة السورية المنتجة، فخبرتها وبراعتها تضاهي براعة من هم أقدم منها بالعمل، فمشغولاتها جميلة ودقيقة التفاصيل، وهي تساهم بنشر ثقافة الإنتاج بدلاً من أن نبقى مستهلكين لكل شيء

ومن هذا المبدأ عملت على وتيرة متسارعة بالتجديد وتقديم التصاميم المختلفة باستمرار، حيث أقدم كل ما يجول في ذهني كامرأة لها نظرتها الأنثوية في الجمال، خاصة أن ما أنتجه من تنسيق الصدف يعد هدايا وأثاثاً منزلياً للزينة والاستخدام أي إن لربة المنزل الرأي الأول والنهائي فيه.

صندوق مصدف

وهنا أدخلت أيضاً البراعة في التنفيذ كي أكسب الزبائن وينتشر اسم أعمالي بين الجميع، فلم أكن أهتم بالوقت الذي يجب تفريغه من حياتي الأسرية للعمل، ولم يشكل هذا مصدر إزعاج لأسرتي، بل على العكس نال التقدير والاحترام لإخلاصي لعملي».

لم تكن بدايات العمل بحرفة تنسيق الصدفيات بالنسبة للحرفية "سلفانا" صعبة بحسب رأيها، وهنا قالت: «كانت بداية عملي من حوالي عشر سنوات مصادفة، عندما رأيت هذه المنتجات على أرصفة ميناء "أرواد" في "طرطوس"، ومن ثم تحولت هذه المصادفة إلى فضول وعزيمة عالية وشغف للتجربة، ومحاولة إنتاج شيء من بيئتي وطبيعتي البحرية، وفعلاً كانت أول تجربة لي جيدة بمختلف معاييرها، وهذا ما شجعني على المتابعة مستفيدة من الأخطاء والتجارب التي سبقتني، وابتكار تصاميم جديدة بشكل مستمر، معتمدة في ذلك على أعمال وتجارب سابقة لي في مجال "الكنفة" وتصميم الملابس وتوالف البيئة».

من مشغولاتها الصدفية

وفيما يخص مراحل العمل تقول الحرفية "سلفانا": «المادة الأساسية في العمل هي الصدف، وهو نوعان: الأول محلي نجمعه ونحضره عن الشاطئ البحري، أو أشتريه في بعض الأحيان من جامعيه بالوزن، حيث يوجد من امتهن حرفة جمع الصدف، أما النوع الثاني فهو مستورد من خارج "سورية"، وفي الأغلب من "الفلبين"، وأستخدمه ضمن العمل، وبقية الأصداف المحلية كلمسة فنية على التحفة الصدفية، لأن أشكال الصدف المستورد مغايرة لأشكال الصدف المحلي، أي إنني أضيف شيئاً جديداً وجمالية لافتة للناظر.

ومما أصنعه من هذه الحرفة الصناديق الخاصة بالجواهر والمقتنيات الثمينة، وهي بأحجام ومقاسات متعددة، إضافة إلى علب المحارم و"اللمبديرات والمضايف"، والأشكال الحيوانية المتنوعة كالعصافير والطواويس، وغيرها.

كما أنني أدخل الرمل البحري الذي يحضره لي زوجي من مدينة "بانياس" كرشة خفيفة فيما بين الصدفيات بعد التركيب، توحي بطبيعة البيئة البحرية التي تنتمي إليها المكونات، وهذا جذب السياح والمصطافين لاقتناء بعض من أعمالي وأخذها معهم كتذكارات من بلادي».

هذا الشغف بالعمل تحول إلى مهنة تعتمد عليها السيدة "سلفانا" في حياتها الأسرية الاجتماعية، وهنا تقول: «تحولت حرفة تنسيق الصدف بالنسبة لي إلى عمل أمتهنه وأعتاش مع بقية أفراد عائلتي من مردوده المادي، علماً أنني لا أمتلك صالة للعرض أو محلاً صغيراً، وإنما أعتمد على زبائن وأصدقاء يعلمون موقع منزلي الذي خصصت منه غرفة لي كمشغل لمنتجاتي وأدواتي، فيقصدونني لقضاء حاجة ما، والمشاركة بالمعارض الإنتاجية كمعارض المرأة الريفية وغيرها، التي ساهمت بالترويج لمنتجاتي في مختلف الدول، حيث تم التسويق لها إلى "كندا" مثلاً.

كما أنني اعتمدت على جهدي الشخصي في التسويق إلى بعض الدول العربية والمجاورة، عبر تجار ومستثمرين يعملون في هذا المجال، وهذا لم ينجح لولا العناية الفائقة بمشغولاتي التي ميزتها عن بقية الأعمال الصدفية لمختلف الزملاء، بنوعية المواد الأولية المستخدمة فيها، فعلى سبيل المثال أنا لا أستخدم الألواح المضغوطة أو المعروفة بألواح "إم دي إف"، بل أستخدم الخشب الحر النظيف الذي يمنح القطعة قيمة وقدراً أكبر وعمراً أطول، كما أن ابتكار التصاميم الجديدة أمر مهم أيضاً».

وتضيف: «المفارقة أنني أعمل بجهدي وبقوتي العضلية على مكنات كهربائية تحتاج إلى الوعي والحذر بالتعامل معها، كمنشار الزاوية والخراقة، علماً أن الأغلبية ممن يعملون بها يبقون حذرين جداً منها لخطورة وصعوبة التعامل، فأي خطأ مهما كان بسيطاً قد يؤدي إلى أذية كبيرة للحرفي، وهذا الأمر نال إعجاب وتقدير جميع أصدقائي».

وفي لقاء سابق مع السيدة "مي يوشع" تحدثت عن جمالية ما تقدمه السيدة "سلفانا"، فقالت: «باعتقادي تقدم السيدة "سلفانا" نموذجاً عن المرأة السورية المنتجة، فخبرتها وبراعتها تضاهي براعة من هم أقدم منها بالعمل، فمشغولاتها جميلة ودقيقة التفاصيل، وهي تساهم بنشر ثقافة الإنتاج بدلاً من أن نبقى مستهلكين لكل شيء».

ومن الجدير بالذكر أن السيدة "سلفانا أحمد" من قرية "الواسطات".