مازالت نساء المنطقة الساحلية يحافظن على إعداد مؤونة البندورة لفصل الشتاء، على الرغم من التغيرات التي طرأت على طرائق تحضيرها المتعددة، مع المحافظة على ممارسة الطقوس الاجتماعية التي ترافق العمل بدءاً من تحضير الأدوات ومشاركة الصغيرات.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 أيلول 2015، "جهينة اسماعيل" ربة منزل من "طرطوس"؛ التي حدثتنا عن طرائق تحضير مؤونة "البندورة" لفصل الشتاء، وتقول: «تبدأ التحضيرات أواخر شهر آب وبداية شهر أيلول، وتعد أهم أنواع المؤونة لكونها تمثل المكون الأساسي لأكلات الشتاء، ولكونها تتوافر في فصل الصيف بوجه كبير وسعر أقل فيتم الاحتفاظ بها ضمن عدة طرائق لتستخدم في الطبخات الشتوية».

تبدأ التحضيرات أواخر شهر آب وبداية شهر أيلول، وتعد أهم أنواع المؤونة لكونها تمثل المكون الأساسي لأكلات الشتاء، ولكونها تتوافر في فصل الصيف بوجه كبير وسعر أقل فيتم الاحتفاظ بها ضمن عدة طرائق لتستخدم في الطبخات الشتوية

وتضيف: «تتعدد أساليب حفظ "البندورة"؛ منها التجفيف و"الدبس" والتفريز والحفظ في المطربانات، وكل ذلك يتم ضمن عادات متوارثة ما زلنا نحافظ عليها لما لها من أهمية في اجتماع العائلة أثناء تحضير المؤونة، وكما هو معروف فثمار البندورة سريعة التلف لذلك لا بد من إنهائها في يوم واحد، وهذا يتطلب مشاركة جميع أفراد العائلة، ويكون بإصرار من قبل ربة المنزل بحضور البنات و"الكنات" المتزوجات حديثاً للمشاركة بالعمل لتكون فرصة ليتعلمن كيفية تجهيزها، ولتحصل كل منهنّ على مؤونة بيتها، وأحياناً يشترك في عمل المؤونة بعض الأقارب أو الجيران إذا كانت الكمية كبيرة، وهو ما يجعل هذا اليوم فرصة للقاء وتبادل الأحاديث والذكريات ويخفف عبء العمل».

دبس البندورة

وتتابع: «يعدّ إعداد مؤونة البندورة عملاً خاصاً بالنساء؛ حيث يقتصر دور الرجل على إحضار الخضار من السوق، وتبدأ النساء تحضير الأدوات اللازمة للعمل؛ آلة عصر البندورة، المطربانات، القماش الذي سيتم صف "شرحات" البندورة، ويتم تقسيم العمل حيث تقوم الفتيات الصغيرات بغسل ثمار البندورة، ثم تقوم الأم بفرزها فهناك ثمار غير ناضجة ومازال لونها أخضر؛ يتم تكليف إحدى الفتيات بصنع المخلل منها بعد تقطيعها، ووضعها في الماء والملح، أما الثمار الناضجة المتماسكة فيتم تقطيعها على شكل "شرحات"، ورش الملح عليها من الوجهين وحملها إلى الشرفات أو السطوح وصفها على قطع القماش ليتم تعريضها لأشعة الشمس حتى تجف.

ومنها ما يتم تقطيعه إلى مربعات، ويضاف إليها الملح وتوضع في "حُلل" كبيرة وتغلى على النار، ثم تسكب في المطربانات، مع وضع قليل من الزيت على الوجه، وإغلاقها جيداً، وتستخدم لطبخ "البامية" في فصل الشتاء».

طريقة التجفيف

وتتابع: «أما الباقي فنحوله باستخدام آلة عصر البندورة إلى "الدبس"، ونضع الخليط تحت أشعة الشمس، ويحرك كل ساعتين تقريباً، وبعد مرور عدة أيام يصبح على شكل مزيج متماسك يخلط مع القليل من الزيت، ويحفظ ليستخدم في طبخ "المحاشي" و"الفاصوليا" في فصل الشتاء.

بينما الثمار الناضجة غير المتماسكة فنخلطها بالخلاط الكهربائي، ونضعها ضمن أكياس بلاستيكية في "الفريزر"، وعادة نستخدمها في الشتاء لصنع "البيتزا"، و"المحمرة"».

محمد أحمد

أما "محمد أحمد" صاحب محل "بزورية" فيقول: «يتميز المطبخ الشرقي باستخدام البندورة في معظم الأكلات، وهذا ما دفع الكثيرات من ربات المنازل للاحتفاظ بها، خصوصاً العاملات منهن، وتعد السلعة الأساسية لدينا وتكون على شكل "دبس"، أو مجففة إلى جانب بعض الأنواع الأخرى مثل "البامية"، و"الملوخية"، التي تعد اليوم الحل الأمثل للكثيرين بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي؛ وهو ما جعل عملية التفريز غير مجدية».

وعن فوائد البندورة يحدثنا الصيدلاني "أسامة النبهان" بالقول: «تعدّ البندورة من الخضار المفيدة لأنها تحتوي على مواد مضادة للأكسدة، إضافة إلى فيتامين K، ومادة "الليكوبين" اللذين يجعلان منها عاملاً مهماً لحماية العظام، ومعالجة أمراض القلب، كما ثبت مؤخراً أن تناولها يحمي من مرض "السرطان"، وإن أفضل طريقة لتناولها هي أن تكون طازجة في فصل الصيف، وإن كان لا بد من حفظها للشتاء فطريقة التجفيف والدبس أفضل من "التفريز" لأن تعريضها لأشعة الشمس يكسبها بعض الفيتامينات الضرورية للجسم».