الزيتون شجرة نصف حراجية تعيش في مختلف أنواع الأراضي والبيئات، وتحتاج إلى القليل من الرعاية، ويجب تنفيذها بطريقة تؤدي الفائدة المرجوة منها مثل عملية التقليم الصحيحة.

في تقليم أشجار الزيتون هناك مجموعة ممارسات يجب القيام بها بطريقة صحيحة، وإلا أدت إلى إلحاق الأذى بالشجرة المباركة، وهذا الأذى يحتاج إلى وقت حتى يتم ترميمه إذا لم تكن الشجرة قد أصيبت إصابة مميتة، لذلك يجب الحذر أولاً في تنفيذ هذه العملية غير القابلة للرجوع.

هناك تقليم سنوي يجرى على كل الأشجار بعد الانتهاء من جني الموسم، وهناك تقليم مرتبط بعمر الشجرة، فالأشجار المعمّرة تقلم بقساوة تشمل حتى الأغصان المنتجة أحياناً وتترك حتى يظهر المجموع الخضري ثانية عليها، هذا التقليم ضروري كي تستعيد الشجرة حيويتها وقدرتها على الإنتاج

يتحدث لمدونة وطن "eSyria” السيد "علي شاهين" من مزارعي قرية "بستان الحمام" (ريف بانياس) بتاريخ 12 كانون الثاني 2015، فيقول: «الحذر ثم الحذر من تقليم الزيتون الجائر، رغم أن الزيتون شجر حراجي ويتحمل مختلف الأجواء والقساوات، إلا أن تقليمه الجائر يؤدي ليس فقط إلى فقدان المحصول بل إلى فقدان المجموع الخضري الذي يعادل في الأهمية المحصول نفسه، فالعلاقة بينهما علاقة تكامل، فثمار الزيتون تظهر في أغلب الأحيان على نقط اتصال الأوراق بالأشجار، وهو ما يعني أن قطع الأغصان يعني التقليل من الإنتاج».

تقليم تجديدي من الأرض

أما كيف يتم التقليم عموماً، فيقول السيد "شاهين" إنه يعتمد على نظرة شاملة للشجرة المقلمة ويضيف: «حيث يجب تقليم الفروع الداخلية التي تمنع مرور الضوء لداخل الشجرة، وكل الأغصان التي يشتبه بأنها مصابة أو عليها أوراق صفراء اللون مثلاً، كذلك الأغصان ذات الأوراق القليلة (المعيدنة ـ متحولة إلى عود قليل الأوراق)، مع الانتباه ألا يزيد ارتفاع الشجرة على أربعة أمتار من الأرض، على أن يكون الفراغ بين المجموع الخضري والأرض كافياً لمرور الهواء والضوء اللازم للشجرة».

يضيف السيد "شاهين": «هناك تقليم سنوي يجرى على كل الأشجار بعد الانتهاء من جني الموسم، وهناك تقليم مرتبط بعمر الشجرة، فالأشجار المعمّرة تقلم بقساوة تشمل حتى الأغصان المنتجة أحياناً وتترك حتى يظهر المجموع الخضري ثانية عليها، هذا التقليم ضروري كي تستعيد الشجرة حيويتها وقدرتها على الإنتاج».

تقليم متوازن لشجرة منتجة

هذه الخبرات الشعبية تعززها دراسات علمية محلية تقول نفس الكلام السابق، على أنها تضيف إلى ذلك معلومات أخرى مهمة، تذكر مثلاً نشرة صادرة عن وزارة الزراعة السورية، «إن التقليم يرتبط بعمر الشجرة بوجه رئيس، فلدينا تقليم النمو للأشجار الصغيرة، حيث تقلم بغاية توجيه الجذوع والأغصان المستقبلية في التوزع الصحيح، يترك مثلاً فوق قمة الجذع ثلاثة أو أربعة أغصان ستكون مستقبلاً جذوعاً داخلية في الشجرة؛ (تسمى بالعامية شخد وهي تحريف لكلمة فخذ)، "ولا يترك في جوف الشجرة أي غصن مذكر، وهذا الغصن هو امتداد الجذع الرئيس ويجب قطعه لأنه يأخذ كثيراً من نمو الشجرة والمجموع الخضري ويسمى في بعض البلدان المتوسطية الخاتم».

عندما تدخل الشجرة مرحلة الإنتاج فإن ممارسة التقليم أمر ضروري، تذكر "موسوعة الزيتون" للدكتور "سمير نصير": «إن الغاية هي رفع كمية الإشعاع الشمسي الذي تتعرض له قبة الشجرة، وهذا يتيح رفع كمية وجودة الإنتاج وبذلك نحصل على إنتاج ونوعية جيدة بدلاً من الحصول على إنتاج كبير دون نوعية أو العكس؛ ونخفف بذلك من ظاهرة التناوب (المعاومة).

نسبة الزيت والثمار للزيتونة

في مرحلة الإنتاج لدينا نوعان من التقليم: الأول قطع تخفيفي، والثاني قطع تجويفي، ويفضل النوع الثاني في هذه المرحلة، حيث يسمح هذا النوع من التقليم كما يذكر الدكتور "نصير" في التخفيف من إنهاك الأغصان التي تخرج منها إذ تمتص كمية كبيرة من النسغ، كما أنها تحجب النور عن الأغصان السفلية، ولا تبتر كل الأغصان بل تترك بعضها لتظلل المجموع الخشبي للشجرة، ويجب بتر الأغصان السفلى التي تعيق العمليات الزراعية من فلاحة ومن عمليات القطف (خاصة الآلي منه).

ويجب الحصول على توازن بين مختلف الأغصان التي تمثل هيكل الشجرة، حتى لا تختلف بعضها عن بعض كثيراً، وللسعي لتمكين دخول النور إلى داخل الشجرة، ومن علامات ذلك تكوّن أغصان غليظة إضافة إلى ظهور إنباتات قوية على هذه الأغصان، والانتباه إلى عدم المبالغة في قطع أغصان القبة العالية؛ إذ يؤدي هذا -كما تذكر الموسوعة إياها- إلى انخفاض نسبة الورق ومن ثم انخفاض الإنتاج.

تساعد هذه العمليات التي تكتسب بالخبرة والتعاون مع المهندسين المختصين ذوي الخبرة الحقلية في تحسين نوعية الزيت المنتج، إضافة إلى تحقيق مردودية عالية في الكميات الخضراء المستخدمة للمائدة، ويلجأ إلى التقليم التخفيفي في سنوات قلة الإنتاج للحصول على ثمار ذات حجم كبير تصلح للمائدة وللتخزين أيضاً، وتصح هذه الطرائق لكثير من المناطق السورية مع مراعاة فوارق النوع والعمر والتربة، وينصح باستشارة الخبراء دوماً».