قديماً خطت طريقها أقدام الكشافة، وعلى مدى عقود شكلت فسحة للشباب الراغبين بعناق الطبيعة وخوض غمارها، وصولاً إلى حالة اجتماعية جعلت منها ثقافة تجمع المجتمع وفئاته.

جمعت "المسر" الكشفية في صفوفها أشخاصاً من مختلف مشارب الحياة ومواقعها وتناقضاتها، جمعهم هدف واحد يتجسد في الرغبة بنقل جزء من مجريات حياتهم إلى مستوى آخر، ومكان مختلف يتبادلون فيه أحاديثهم وأفكارهم، ويتجردون من التزامات حياتهم وضغوطها، في مكان أساسه التعامل مع الطبيعة بجميع مكوناتها وظروفها، وتوضح لنا فكرته الآنسة "هلا علي" طالبة جامعية في كليتي التمريض والحقوق في جامعة تشرين، خلال حديثها لمدونة وطن "eSyria" في مسير شاركت فيه أصدقاءها من "الفوج السابع – كشاف سورية" بتاريخ 7 تشرين الثاني 2014، حيث قالت: «أسمع بـ"المسر" الكشفية بمختلف أشكالها منذ زمن بعيد، لكن اشتراكي فيها جاء بعد التواصل مع أصدقاء من الكشافة، حيث دعوني لمشاركتهم في أنشطتهم الكشفية، سواء بالمسير أو بأنشطة الاستكشاف والتعرف إلى ظروف البيئة المحيطة والتأقلم معها، أما الدافع وراء هكذا مسير فهو التمتع بمشاهد البيئة الطبيعية المحلية كنوع من السياحة المحلية، ثم الاشتراك بأي نشاط يحتاج للقوة والمغامرة بما يخرج الشخص من مصاعب الحياة وضغوطها، عدا كون المسير نشاطاً اجتماعياً محدداً بزمان ومكان، ويضم فئات المجتمع المختلفة التي تتفق على عمل جماعي يزخر بقيم التعاون والمحبة، أما أكثر ما أسعدني في أول مسير شاركت به فهو روح العمل الجماعي في تخطي الممرات الصعبة نسبياً، وتبادل الطعام، والرغبة في الإحساس بروح الجماعة».

عادت الحياة الكشفية إلى رونقها السابق بظهور فرق كشفية رياضية وأهلية، مازالت في طور البناء والتوسع، عدا فرق "كشاف سورية" ونشاطها المميز، وبدوري عدت إلى ممارسة أنشطة المسير بانتسابي لأحد فرق المسير والتخييم، وهو فريق "سلام يا طبيعة" في محافظة "طرطوس"، الذي تميز بضمه لفئات المجتمع كافة، وغيره من الفرق المنظمة للمسير والأنشطة الاجتماعية الأهلية المتنوعة

لمدونة وطن تجربة قديمة نسبياً في مشاركة فرق المسير والاستكشاف السورية في جولاتها، حيث تختلف هذه الفرق عن بعضها بدرجات تبعاً لغاية المسير والجهة المنظمة، ففرق الكشافة التابعة "لكشاف سورية" تخضع لقانون محدد وتفاصيل دقيقة في تنظيم المسير والمخيمات والأعضاء المشتركين فيها، أما فرق السير المرتبطة بالاتحاد الرياضي العام، أو الفرق الأهلية فإنها تخضع لقوانين أقل صرامة، وتضم أفراد المجتمع بكل تنوعاته، وتهدف لتقديم المتعة والفائدة، والحصول على قدر من الرياضة المتاحة للجميع عبر المشي.

من مسير "كشاف سورية - الفوج السابع"

في ذات السياق يقول السيد "علي عيوش" من الرعيل الأول لكشافة "سورية" خلال فترة ستينيات القرن الماضي، وحالياً عضو في فريق "سلام يا طبيعة" المتخصص بأنشطة المسير والتخييم: «لا بد بداية من التذكير بأن فرق الكشافة هي من نشرت فكرة "المسر" على اختلاف أماكنها وغاياتها، ففي مراحل العمر الأولى كنت عضواً في فرق الكشافة، التي كانت تنظم مختلف أشكال النشاط الكشفي، وكانت في منتصف القرن الماضي وما قبل أكثر تنوعاً من الآن، حيث كانت فرق المسير على نطاق أوسع، مثل فريق كشافة لحي من أحياء المدينة، بعكس الوقت الحالي القائم على جهات محددة ترعى هذا النشاط ضمن "سورية"، كما أن البعد الاجتماعي كان حاضراً بقوة في أنشطة المسير والتخييم، بإعلاء روح التعاون والمحبة، والتركيز على الجماعة».

يتابع متحدثاً عن تعافي الحركة الكشفية السورية وعودتها إلى السياق الاجتماعي: «عادت الحياة الكشفية إلى رونقها السابق بظهور فرق كشفية رياضية وأهلية، مازالت في طور البناء والتوسع، عدا فرق "كشاف سورية" ونشاطها المميز، وبدوري عدت إلى ممارسة أنشطة المسير بانتسابي لأحد فرق المسير والتخييم، وهو فريق "سلام يا طبيعة" في محافظة "طرطوس"، الذي تميز بضمه لفئات المجتمع كافة، وغيره من الفرق المنظمة للمسير والأنشطة الاجتماعية الأهلية المتنوعة».

السيد "علي عيوش" في مسير "سلام يا طبيعة"

بعد عام 2000 عاد لتنظيم "المسر" بعض النشاط خاصة في أجواء البيئة الطبيعية الجبلية؛ لما تحتويه من مناظر خلابة، وما تبعثه في النفس من هدوء وسكينة، وازداد عدد المشتركين في بعضها إلى ما يزيد على مئتي عضو، وهو ما يعكس بدوره رغبة الناس المتزايدة في الخروج إلى الطبيعة، واصطحاب أفراد عائلتهم لثقتهم بأهمية تلك الأنشطة على المستوى الشخصي والاجتماعي.

في حديث آخر يقول عضو كشاف "سورية" من فئة "جوال" الشاب "أحمد مرعب" من "الفوج 14" في اللاذقية: «من الناحية الكشفية يعد المسير ثاني أهم أنشطة الكشافة بعد المخيمات، أما في العموم فمن الرائع القيام بجولة في الخلاء وسط الطبيعة الخلابة، وهنا تبرز فرق الكشافة كأقدم المنظمين للمسير في الطبيعة، إضافة للجمعيات الأهلية، وجمعيات التوثيق العلمي، وعموماً فإن "سورية" تضم الكثير من هذه الفرق، التي نشطت في السنوات الأخيرة، لغايات عديدة، أظن أكثرها الوضع الاجتماعي غير السوي، الذي سببته الحرب الدائرة في البلاد، ومن الملاحظ هنا أن عدد جمعيات الاستكشاف والمسير ازدادت بوضوح في "اللاذقية" وغيرها، إلا أن المؤكد هنا أن أغلب تلك الجمعيات أسسها أفراد من الكشافة لخبرتهم في إدارة هذه الأنشطة».

مع الآنسة "هلا علي" في حديثها "لمدونة وطن"