عاشَ "أديب الطيار" ابن مدينة "صافيتا" متنقلاً بين عدة دول عربية كمدرس ومسؤول رفيع المستوى، ودَرَسَ بمدرسة "تجهيز البنين" بمحافظة "اللاذقية"، وأصدر مجلة "التجدد" ونشر كتابه "حسنات الاضطهاد" الذي أثار غضب الاحتلال الفرنسي آنذاك.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت مسقط رأس الأديب "أديب الطيار" بتاريخ 15 كانون الأول 2019، والتقت المدرس "نهاد الطيار" الذي جمع نصوصه الأدبية بعد وفاته حيث قال: «"أديب الطيار" شاعر وأديب ومفكر معاصر، ولد في "صافيتا" عام 1907 وعاش حياته متنقلاً بين "سورية"، و"لبنان"، و"مصر"، ودرس الثانوية في "لبنان" حيث نال شهادة البكالوريا بالفرنسية عام 1927، وحينها أصدر مجلة "التجدد" في "صافيتا" التي توقفت بعد أن صدر منها ستة أعداد فقط، حيث كانت منبراً للأقلام المناهضة للاحتلال الفرنسي، وكان حينها يقود النشاطات الطلابية المناهضة له.

عمل "أديب" أمين سر محافظة "اللاذقية" عام 1928، ومن ثم عين نائباً في "مجلس الأمة" في الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 إبان الوحدة مع "مصر"، وأحيل للتقاعد في عهد الانفصال، كما عين عضواً في الإدارة المحلية في "طرطوس" فترة تسميتها كمحافظة

وأصدر عام 1936 كتاب "حسنات الاضطهاد" ليشد به عضد الناشطين الوطنيين حينها، وكان يؤكد أن الاضطهاد يدفع إلى المقاومة ويعزز النضال الوطني، وقد تضمن الكتاب مجموعة من المقالات السياسية التي تجمع بين واقعية التاريخ وجمالية الأدب، ومقالات وجدانية بأسلوب النثر الشاعري.

الشاعر عيسى حبيب

ولم يرق للمحتل ما يقوم به، فقام بسجنه، وبعد خروجه من السجن عام 1938 عين مدرساً في المحافظة لثانوية "تجهيز البنين"، وهي ثانوية "جول جمال" لاحقاً، وكان من طلابه الشاعر "سليمان العيسى"، والرئيس الراحل "حافظ الأسد"، ما أدى إلى أبعاده عن عمله الذي لم يعد إليه إلا بعد جلاء الاحتلال الفرنسي عن "سورية"».

ومن أبرز المناصب التي تقلدها قال "نهاد": «عمل "أديب" أمين سر محافظة "اللاذقية" عام 1928، ومن ثم عين نائباً في "مجلس الأمة" في الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 إبان الوحدة مع "مصر"، وأحيل للتقاعد في عهد الانفصال، كما عين عضواً في الإدارة المحلية في "طرطوس" فترة تسميتها كمحافظة».

المدرس نهاد الطيار

وعن منجزاته الشعرية قال الشاعر "عيسى حبيب" أحد طلابه سابقاً، وزميله في مهنته التعليم لاحقاً: «آثاره الشعرية والنثرية جمعت في كتاب واحد مؤلف من 268 صفحة حمل اسمه، وأصدرته وزارة الثقافة عام 1986، وكذلك نشرت قصائده قبل رحيله في مجلات متعددة منها "القيثارة"، و"ألف باء"، و"مرآة الغرب"، كما ترجم الكثير من الشعر الفرنسي إلى العربية أثناء عمله كمدرس في "اللاذقية".

كانت مقالاته تتصدى للأساليب الاستعمارية للمحتل الفرنسي الذي كان يعزز تقسيم البلاد إلى دويلات، ويغري بالأساليب الخبيثة بعض الجهلة لتشكيل برلمانات صورية تخدم مصالحه التي وقف بوجهها، ومع تباشير "الجلاء" نشر بحثاً مطولاً عرض فيه رؤيته في الدساتير والانتخابات والمعاهدات».

كتابه حسنات الاضطهاد

ويتابع: «بعد جلاء المحتل الفرنسي عين محافظاً جديداً لـ"اللاذقية"، فرفع إليه كتاباً بعنوان "هدم الهرم" عرض فيه ما في المحافظة من تخلف وتفرقة، وبعد أقل من شهر رفع كتاباً إلى وزير الداخلية بعنوان "حية لها رأسان تسعى إلى حاجتها بالتقلب" حذّر فيه من المتلونين آنذاك، كما عرف "أديب الطيار" بخياله الأدبي الرائع، وهنا كانت قصائده الشعرية نثرية وبعضها مترجمات، ولكن غلبت عليها الوطنية والقومية المنتزعة من واقع الأحداث».

ومن قصائده بعنوان "حزيران أجلانا وتشرين ردنا":

«وقفنا على أراض الصمود ركابنا فقبل ثراها في خشوع وفي وجد

فكم من شهيد قد سقاها نجيعة عليه سلام الله في جنة الخلد

قنيطرة الأحرار يا بلدة الفدا ويا مصنع الأبطال في المآذق الله

لئن دمرت أحقادهم لك بلدة فلا تعتبي يا أخت إن الخنى يردي

إذا العرب صفت والليالي حليفة وتشرين قد هز الرميم من اللحد

تفضلت الأيام بالجميع بيننا وأنجزت الآمال ما كان وعد».

يشار إلى أنّ الشاعر "أديب الطيار" من مواليد حي "القلعة" في مدينة "صافيتا" عام 1907 وتوفي عام 1981.