يعتمد بعض مزارعي البيوت المحمية وخاصة في "سهل عكار" طرائق بسيطة مبتكرة لتخفيف تكاليف الزراعة، وتحقيق مردودية اقتصادية عالية، مقارنة مع تكاليف الزراعة بالطرائق المعتادة.

العمل بزراعة البيوت المحمية وفق الطرائق البسيطة، المعتمدة في تحضيراتها على الطبيعة بعناصرها ومقوماتها، ومنها تغريق التربة بالرذاذ وتحضيرها للتعقيم بواسطة الشمس أو ما يعرف بـ"التبويط"، ومن ثم المكافحة الحيوية والتلقيح بالنحل الطنان، من أهم الأسباب لتحقيق مردودية اقتصادية مناسبة، خاصة مع ارتفاع تكاليف الزراعة بوجه عام. والمزارع "منذر أحمد" من مزارعي منطقة "سهل عكار" يعمل وفق هذه الطرائق، حيث قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 شباط 2016، عن هذه العملية: «لقد ارتفعت أسعار مستلزمات زراعة البيوت المحمية، لأن أغلب هذه المستلزمات مستوردة، لذلك كان لا بد من العود إلى طرائق الزراعة البسيطة المعتمدة على مقومات الطبيعة للتخفيف من التكاليف وتحقيق عائدية إنتاجية جيدة، ومنها مرحلة التعقيم الشمسي أولى خطوات الزراعة وتحضير البيوت المحمية، حيث تتم حراثة الأرض عدة مرات وتنظف جيداً من البقايا الزراعية السابقة، ومنهم من يستخدم طرائق الحراثة التقليدية بواسطة البغال، وآخر يستخدم الجرارات الزراعية الصغيرة، ومن ثم تمد أنابيب التنقيط المعروفة بالرذاذ على كامل مساحة الحقل ضمن الأقواس المعدنية، وذلك بطريقة منظمة لتكون عملية الري المعروفة باسم الإغراق متكاملة وشاملة لكامل الحقل، ونستخدم -كما قلت- الرذاذ الذي يوفر من كميات المياه المطلوبة للتغريق إلى أكثر من النصف بدل الأنابيب العادية التي تعتمد كميات كبيرة من المياه، ناهيك عن الجهد العضلي المطلوب في نقل الأنبوب لتغطي المياه كامل مساحة الأرض.

كما أنني أستخدم في مراحل محددة؛ وهي ما بعد عملية التلقيح بالنحل الطنان، المصائد الفرمونية الصفراء، للتخلص من الحشرات الضارة بجميع أجناسها، وهي عملية غير مكلفة أبداً، كما أستخدم "السواد العربي" العضوي المعروف بروث البقر أو زرق الطيور، لتسميد الشتول، وبذلك أوفر الكثير من تكاليف التسميد الكيميائية المرتفعة الثمن

وبعدها يغطى سطح التربة بالشرائح البلاستيكية المخصصة لهذه العملية، وتحكم عملية التغطية، وخاصة الجوانب بواسطة وضع التراب على الشرائح، إضافة إلى وضع اللاصق البلاستيكي على الأماكن التي لا يمكن للتراب أن يحكم إغلاقها.

عيسى ساره مع خلية نحل طنان

وتترك التربة مغطاة لنحو شهر وتزيد، حيث تتبخر المياه بفعل أشعة الشمس، وتسخن الأجواء تحت الشرائح البلاستيكية؛ وهذا يقتل مختلف البكتيريا الضارة والحشرات الصغيرة، ويعني أننا عقمنا التربة طبيعياً وبتكاليف قليلة، مقارنة مع من يستخدم المعقمات الكيميائية».

المزارع "عيسى سارة" من منطقة "الخراب" أكمل عمله هذا معتمداً الطرائق البسيطة والمجدية اقتصادياً، حيث أضاف: «أعتمد في زراعة البيوت المحمية طرائق التلقيح الطبيعية بعيداً عن هرمونات التلقيح الصناعية، وذلك بواسطة النحل الطنان، الذي يقوم بعمليات تلقيح شبه تامة لأزهار الشتول الجاهزة للتلقيح، ومنها شتول البندورة والخيار والفليفلة، وهي خطوة من شأنها تحقيق مردودية إنتاجية مرتفعة وبتكاليف أقل وإنتاج ثمري عالي الجودة وخالٍ من بقايا المواد الكيماوية التي تضر بالصحة، وهو ما يعني أنني أحصل على إنتاج يعرف بالمحصول العضوي، وهي طريقة تقليدية كان أجدادنا يستخدمونها في زراعاتهم المختلفة، لكن بأوجه أخرى منها الاعتماد على النحل والفراشات وبعض الحشرات التي تجذبها الأزهار، لتقوم بعملية التلقيح للزراعات المكشوفة».

تغطية التربة بشرائح البلاستيك للتعقيم الشمسي

ويتابع: «كما أنني أستخدم في مراحل محددة؛ وهي ما بعد عملية التلقيح بالنحل الطنان، المصائد الفرمونية الصفراء، للتخلص من الحشرات الضارة بجميع أجناسها، وهي عملية غير مكلفة أبداً، كما أستخدم "السواد العربي" العضوي المعروف بروث البقر أو زرق الطيور، لتسميد الشتول، وبذلك أوفر الكثير من تكاليف التسميد الكيميائية المرتفعة الثمن».

المزارع "عماد مرعي" من منطقة "سهل عكار" قال: «عمليات الزراعة المعتمدة على مقومات الطبيعة كالتسميد بروث البقر والمصائد الفرمونية والتعقيم الشمسي وغيرها، هي الأكثر جدوى في الوقت الراهن، لأن مستلزمات زراعة البيوت المحمية مرتفعة جداً، وهذا وضع المزارع أمام خيارين أحلاهما مرٌّ، فإما التخلي عن زراعة حقله، أو تحمل أعباء التكاليف المرتفعة، لكن إبداع المزارع السوري والعودة إلى تلك المقومات حل المشكلة وأمّن محصولاً زراعياً نظيفاً ومردودية إنتاجية جيدة».

المزارع محمد إسماعيل

المزارع "محمد إسماعيل" من ريف مدينة "بانياس" تحدث عن مواعيد الزراعة بوجه عام وزراعة البندورة كمثال، فقال: «بعض المزارعين يزرعون البيوت المحمية ضمن مرحلتين تسميان موسمين زراعيين ضمن السنة الزراعية الواحدة، وتبدأ زراعة شتول الموسم الأول ضمن التربة في شهر آب وتستمر فيها نحو شهرين ونصف الشهر، وتكون الأسعار منخفضة نوعاً ما لكثافة الإنتاج؛ عكس الموسم الثاني الذي ترتفع أسعار المنتج "البندورة" أو "الخيار" مثلاً لانخفاض كميات الإنتاج، حيث تزرع الشتول ضمن التربة في شهر كانون الأول وتبقى فيها ثلاثة أشهر، وهنا تكون عمليات التسويق جيدة ومثمرة للمزارع لارتفاع الأسعار على عكس الموسم الأول».

ويضيف: «وآخرون يزرعون موسماً زراعياً واحداً ضمن السنة الزراعية، ويسمى موسماً طويلاً كما في منطقة "الخراب"، حيث تزرع الشتول ضمن التربة في شهر آب، وتبقى فيها ما يقارب سبعة أشهر، وهنا يكون للشتول تعاملات خاصة كتنزيلها عدة مرات عن الشبكة الهوائية إلى سطح التربة كلما نمت نحو الأعلى، فتسهل عمليات العناية بها وقطاف الثمار عنها وخاصة البندورة. ومزارعو هذا الموسم يحصدون قيم مختلف الأسعار المرتفعة والمنخفضة والمتوسطة».