اتسعت رقعة مساحات البطاطا الربيعية على حساب مزروعات فصلية عديدة؛ لمزاياها الإنتاجية العالية والتسويق السريع، حيث بدأت زراعتها تلقى رواجاً أكبر.

ويعود سبب تفوقها اليوم إلى ارتفاع تكاليف إنتاج باقي الأصناف، وتراجع أسعارها، وغير ذلك من ظروف طبيعية واستثنائية، فحازت ثقة الناس تبعاً لعوامل عديدة يقول في بدايتها السيد "عامر محمد" من منطقة "جعابين طرطوس"، الذي يزرع أرضه للمرة الأولى في هذا الموسم 2015: «تتصف منطقتي بتربتها النهرية الرسوبية الخصبة وسهلة الحراثة، وقد صادف أن اقتلعت أشجار مزرعتي لانقضاء دورتها الحياتية، فاخترت البطاطا لإشغال المساحات الفارغة ريثما أعيد زراعة الأشجار فيها مرة أخرى، وقد كانت البطاطا أحد محاصيل عدة من "بندورة، فليفلة، باذنجان، كوسا، خيار، فاصولياء..." يلجأ إليها المزارعون في الريف الشمالي المحاذي لمدينة "طرطوس"، لكنها كانت تزرع بنسب قليلة جداً، و"الدرنات" مأخوذة من البطاطا البلدية التقليدية، ومع دخول الأزمة السورية، وحصول تغيير في أنماط الزراعة، بسبب فقدان الكثير من المواد، وارتفاع أسعار القسم الباقي؛ بدأ المزارعون في محيط مدينة "طرطوس" تجريب البطاطا المحسنة، وفعلاً أخدت التجربة تتوسع منذ عام 2013، وصار المزارعون يتناقلون أخبار الزراعة الناجحة ونسب الإنتاج الوفيرة في الأراضي الجديدة».

لا نستطيع معاملة البطاطا كما في سهل عكار حيث زراعتها الأساسية، فهناك تجد معدات الزراعة الحديثة، والمساحات الواسعة التي يمكن لتلك المعدات العمل فيها، بالتالي تقليل التكاليف وزمن العمل، أما نحن فنلجأ إلى حراثة الأرض بالطرائق التقليدية، ثم زراعتها ومتابعة جميع المراحل اللاحقة يدوياً، لكن ذلك لم يؤثر في الإنتاج، بل كان المحصول وفيراً في أول تجربة لي، بما يلبي حاجة المنزل، في حين تجد بعض المزارع المحيطة تزرع مئات الكيلو غرامات

يمكن أثناء القيام بجولة على الطرق الريفية حول المدينة وباتجاه الريف الجبلي ملاحظة الأراضي التي تزرع البطاطا بما توافر لها من مساحة، وصولاً إلى مناطق "الشيخ بدر والدريكيش"، ويقول هنا السيد "بهجت خليل" مزارع من قرية "القمصية" التابعة لمدينة "الدريكيش": «لا نستطيع معاملة البطاطا كما في سهل عكار حيث زراعتها الأساسية، فهناك تجد معدات الزراعة الحديثة، والمساحات الواسعة التي يمكن لتلك المعدات العمل فيها، بالتالي تقليل التكاليف وزمن العمل، أما نحن فنلجأ إلى حراثة الأرض بالطرائق التقليدية، ثم زراعتها ومتابعة جميع المراحل اللاحقة يدوياً، لكن ذلك لم يؤثر في الإنتاج، بل كان المحصول وفيراً في أول تجربة لي، بما يلبي حاجة المنزل، في حين تجد بعض المزارع المحيطة تزرع مئات الكيلو غرامات».

مزارع واسعة تبنت زراعة البطاطا بدل محاصيلها التقليدية

يلاحظ هنا لجوء المزارعين إلى أساليب العناية المقننة بحقولهم، حرصاً على أكبر إنتاج ممكن، حيث تحتاج البطاطا إلى أسمدة عدة، وبعض مبيدات الفطريات، والأسمدة الورقية.

والآن وقد وصلنا إلى منتصف الموسم الزراعي للبطاطا، زرنا أحد المراكز الزراعية التي تعنى ببيع البذار والعناية بالشتول، والتقينا السيد "إبراهيم حسن" صاحب المركز، حيث قال في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 نيسان 2015: «البطاطا حاجة أساسية للاستهلاك الغذائي، وتجربة زراعتها في أراضٍ جديدة أعطت نتائج تفوق التوقعات خاصة في المناطق "الجردية" في "الشيخ بدر" باتجاه "برمانة المشايخ"، وهي أراضٍ حمراء خفيفة إلى متوسطة تجود فيها هذه الزراعة، حيث بلغ إنتاج إحدى المزارع هناك 74كغ لكل 1كغ مزروع، وهذه نتيجة خارقة، لأن كميات الإنتاج المعروفة لا تتجاوز 35كغ، وبالنسبة لنا فنحن كمراكز زراعية نبيع أنواعاً محددة مصدرها "هولاندا، والدانمارك"، وهي أنواع محسنة، تعطي إنتاجاً جيداً.

الاكتفاء الذاتي جانب مهم للإقبال على هذه الزراعة

أما إقبال الناس الشديد على هذه الزراعة فيعود إلى رغبة أهل الريف بتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا الغذاء المهم، ثم قلة تكاليف الإنتاج، وسهولته، عدا قصر الموسم، وعدم حاجته إلى عناية كبيرة، وهو ما جعل هذه الظاهرة تنتشر على رقعة واسعة بلغت كتقدير 10% من المساحات المزروعة، التي كانت سابقاً تزرع بالخضار الفصلية الأخرى».

وبالنسبة إليه فهو يعتقد أن هذه التجربة ناجحة، وليست موجة سريعة وتنتهي، طالما أثبتت نجاحها، وأعطت نتائج جيدة جداً.

مع السيد "إبراهيم حسن" في مركزه الزراعي

في هذا الموسم 2015 تخضع تجربة "البطاطا الربيعية" إلى اختبار حقيقي بتوقعات المزارعين، حيث نسب الزراعة الكبيرة مقارنة مع الأعوام الماضية، ويجري الحديث بكثرة عن فكرة التصدير وما إذا كانت الدولة ستتيح ذلك في حال الإنتاج الفائض.