تعد تربية الدواجن من الحلقات الإنتاجية المتكاملة، بدءاً من إنتاج بيوض الأمهات مروراً بصناعة الأعلاف وانتهاءً بمداجن إنتاج فروج المائدة، وهي تخضع لنظام السوق الراهن الذي يراه المربون غير عادل.

ولتوضيح هذه التكاملية الإنتاجية التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 تشرين الثاني 2014، أول مربي دواجن في "الساحل السوري" وهو السيد "سمعان ساره" من قرية "متن الساحل"، حيث قال: «أربي الدواجن منذ عام 1967 وكانت تجربتي في هذا المجال في تلك الفترة ناجحة، بدليل أنني ساهمت بإدخال هذه التربية التي أصبحت مهنة إلى أعمال "الساحل السوري" المتعددة، حتى إني كنت مسؤولاً عن تأمين الصوص للعديد من المداجن ومنها مداجن الدولة، لامتلاكي إجازة استيراد كقطاع خاص في تلك الفترة، وأنا حالياً بفضل امتلاكي أمهات لإنتاج البيض أنتج صوص التربية للمداجن، مع تأمين الأعلاف اللازمة للتربية، أي حلقة متكاملة من العمل.

تكلفة الكيلوغرام من الفروج في هذه الفترة حوالي 300 ليرة سورية، ويباع بحوالي 270 ليرة سورية ضمن المدجنة دون تكلفة النقل، أي إن البيع خاسر، كما أن تكلفة البيضة الجاهزة للتفقيس ضمن الحواضن حوالي ثمانين ليرة سورية، وهي تكلفة مرتفعة، ويتبعها أيضاً لواحق استهلاك المازوت مع انقطاع التيار الكهربائي المضطرب، أي إننا سنضطر للبيع بخسارة في هذه المرحلة

في الوقت الحالي ازداد عدد المربين والمنتجين في قطاع الدواجن، وهو ما أدى لضغط كبير على سوق التصريف المحلي الضعيف أساساً، حيث كان الإنتاج في البداية يسوق إلى مختلف المحافظات السورية عبر موزعين وتجار امتهنوا هذا الأمر، مع تأمين الأعلاف المناسبة التي كانت مؤسسة الأعلاف قبل رفع يدها عن دعم هذا القطاع معنية بتأمين المواد العلفية الأولية كالذرة والصويا والفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية، أي إنها كانت مسيطرة على السوق وصاحبة القرار بتحديد أسعاره، أما الآن فالجميع يعملون على سعر صرف الدولار، وهو ما أدى إلى تذبذب الأسعار الذي انعكس سلباً على سعر بيض الأمهات والصوص والفروج عامة.

السيد سمعان سارة

وهو ما خلق هوة كبيرة لا يمكن ردمها، أدت إلى البيع في أغلب الأحيان بسعر التكلفة وما دون، وهذا أدى إلى تهاوي سوق الفروج عامة، وانعكس على الجميع سلباً».

ويضيف السيد "سمعان": «في البداية كنت أحضر الصوص من "لبنان"، وبعدها من "دمشق" وبعدها أصبحت أنتجه في منشأتي الصغيرة كأول عامل بهذا المجال في الساحل السوري، ومن ثم طورتها وحدثتها حتى وصلت إلى ما هي عليه حالياً من تكاملية إنتاجية، من إنتاج بيض الأمهات والتفقيس، مع إنتاج الأعلاف بأفضل الطرائق الحديثة، وإن الحاجة في الفترات السابقة كانت السبب في هذا العمل الضخم والمتكامل، حيث خضع عملي في عام 1967 كما يخضع اليوم تماماً، للكثير من الهموم أولها أهمية توافر الحظ الجيد للعمل، وإمكانية عدم تحول الصوص إلى لحم خلال التربية أي إلى فروج مائدة، لسوء منشئه، وهو ما سيضطر المربي للبيع بخسارة كبيرة مرهقة، قد تؤدي إلى فناء العمل من أساسه.

مفاقس البيض

والالتزام بمهنية العمل والتعاملات التجارية شيء أساسي لصناعة اسم في مجال العمل هذا، وهو ما يؤدي إلى ثقة كبيرة يحتاجها الجميع في تعاملاتهم، وهذا أمر أدركته وحاولت توفيره لسوق العمل، وتمكنت منه جيداً، حيث كنت أستقدم المواد العلفية الأولية من المستوردين وفق دفعات مالية مريحة، وأصنعها ومن ثم أوزعها على زبائني بذات الطريقة من الدفعات المالية، وهو ما أدى لأريحية بالتعامل يحتاجها المربي، ولكن اليوم الدفع قبل الحصول على البضاعة لكلا الطرفين أرهق الجميع، وذلك وفق أسعار متذبذبة بالاعتماد على سوق صرف الدولار».

إن ارتفاع الأسعار ورفع الدعم الحكومي عن هذا القطاع، لم يكن بمصلحة أحد، وهنا قال السيد "سمعان": «في البداية تلقيت الدعم الحكومي المناسب، لكوني الأول في "الساحل السوري"، إضافة إلى أن أسعار البيض والصوص والمواد العلفية الأولية كانت زهيدة، وهو ما انعكس على سعر الفروج بالنسبة للمواطن، وشجع أسواق التصريف للعمل، ولكن اليوم ارتفاع أسعار كل شيء أضعف سوق التصريف، حيث لم يعد بإمكان المربي شراء الصوص ليكون عمله في تربيته مربحاً، ولا المواطن يستطيع شراء فروج المائدة».

السيد رمزي سارة

وفي لقاء مع السيد "رمزي سارة" مسؤول ومشرف على منشأة "سمعان للدواجن"، تحدث عن صعوبات العمل فقال: «بعد أن كان عملنا متشعباً في هذا المجال، اقتصر حالياً على إنتاج البيض من الأمهات وتفقيسه في الحواضن، ومن ثم بيعه للمربين مع الأعلاف المناسبة المنتجة لدينا بأفضل الطرائق الحديثة، ولكن هذا العمل اليوم تشوبه الكثير من الهموم؛ أولها اعتماد السوق على كميات الإنتاج وتحديد الأسعار وفق العرض والطلب، وهو ما يعني أن العامل في هذا المجال قد يضطر للبيع بخسارة، كما يحدث الآن منذ عيد "الأضحى"، ثانيها ارتفاع سعر المازوت الصناعي اللازم لعمل المفاقس مع انقطاع التيار الكهربائي الكبير، ثالثاً رفع المسؤولية من الجهات الرسمية عن استيراد المواد الأولية الخاصة بصناعة الأعلاف، وهو ما سمح للمستوردين بالتحكم في الأسعار وفقاً لرؤيتهم الشخصية البعيدة عن الواقع المجتمعي».

وبتوضيح للفوارق السعرية بين المنتج والمستهلك قال السيد "رمزي": «تكلفة الكيلوغرام من الفروج في هذه الفترة حوالي 300 ليرة سورية، ويباع بحوالي 270 ليرة سورية ضمن المدجنة دون تكلفة النقل، أي إن البيع خاسر، كما أن تكلفة البيضة الجاهزة للتفقيس ضمن الحواضن حوالي ثمانين ليرة سورية، وهي تكلفة مرتفعة، ويتبعها أيضاً لواحق استهلاك المازوت مع انقطاع التيار الكهربائي المضطرب، أي إننا سنضطر للبيع بخسارة في هذه المرحلة».