لقد كان للبيئة التي عاش فيها النحات "ماجد خليل" دور كبير في انطلاق رؤيته النحتية للكتل الخشبية والحجرية، فجسد مكوناتها بتعبيرية أحاطت بها الخطوط المنحنية دلالة على البساطة والسلاسة في الفهم والتعامل.

يحاول تقديم رسالة إنسانية من خلال أعماله على الكتل النحتية، حيث يرى في هذه الرسالة تأصلاً للبيئة التي ينتمي إليها وعاش فيها وكانت سبباً في انطلاق موهبته بالرسم الذي يعدّ أساساً في التعامل مع تلك الكتل، وتابع النحات "ماجد خليل" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 تموز 2018، وقال: «لكل نحات مفردة يجب أن يعمل بها ويقدمها برؤيته للمتلقي، وهذا لا يقلل من قيمة العمل بوجه عام، بل يتأصل به، ومن هنا أحاول دائماً تقديم شيء من ذاتي وشخصيتي وبطريقتي الخاصة، لأن لهذه المفردة صلة بين الماضي والحاضر، ومن هنا تأتي شمولية العمل النحتي كتشكيل فني.

أحاول أن أقدّم خطاً منحنياً مدروساً يجول على كامل الكتلة النحتية مع معالجة للسطوح التي يمر فيها مع ما يمكن تسميته الإيقاع النحتي دلالة على جمالية مسخّرة للوصول إلى نتيجة أيضاً تراكمية تحتمل في مختلف أعمالي، وكأن مشهداً بصرياً واحداً يجمعها

فالعمل النحتي بالنسبة لي لوحة فنية وتشكيل معماري له علاقة بالفراغ والسطوح العامة، ومن هنا يجب العمل على هذا السطح والخطوط العامة لتكون منسجمة مع الفكرة والحركة والإيقاع، لأن هارموني الأشياء وخاصة بالكتل النحتية شيء أساسي».

ماجد خليل

ويتابع: «أهتم كثيراً بالرمزية الجمالية للكتلة النحتية بعيداً عن المشهد البصري العام لها، وهذا لا يعني التقليل من قيمة المشهد البصري، بل هو تأصيل له من خلال الرمزية التي يحتملها وبُعد التفكير الذي يثار لدى المتلقي للوهلة الأولى من سؤال ماذا يريد من فكرة هذه الكتلة.

وهنا أحاول دائماً من خلال عملية تأصيل الفكرة في الكتلة النحتية التطرق إلى التراث برمزية ومشهدية بصرية بسيطة، لكنها عميقة من حيث الفكرة».

حسن محمد

المدرسة التعبيرية في الأعمال النحتية التي يقدمها النحات "ماجد" تظهر بارزة لتحاكي الفكرة انطلاقاً من ثبات الحركة، وهنا قال: «بالنسبة للثبات في الحركة أحاول تقديمها دائماً برمزية واقعية قد لا تشد فكر المتلقي للبحث فيها، لكنها تحاول تقديم فكرة بسيطة أرغب من خلالها إيصال معرفة تراكمية معتمدة على مشاهد بصرية متتالية في مخيلته، وهذا ليس بالأمر السهل في كثير من الأحيان».

وبالنسبة للخطوط المنحنية التي تظهر جلية في كل عمل يقدمه، قال: «أحاول أن أقدّم خطاً منحنياً مدروساً يجول على كامل الكتلة النحتية مع معالجة للسطوح التي يمر فيها مع ما يمكن تسميته الإيقاع النحتي دلالة على جمالية مسخّرة للوصول إلى نتيجة أيضاً تراكمية تحتمل في مختلف أعمالي، وكأن مشهداً بصرياً واحداً يجمعها».

محمد البونياحي

وبالنسبة لطبيعة المدرسة التي ينتمي إليها، قال باستيضاح مفصل: «على مستوى المدرسة الفنية التي أعمل بها يمكن القول إنها المدرسة التعبيرية، منطلقة من النقيض فيها، كالحركة والثبات والخطوط المنحنية المتكاملة كرسالة للمجتمع، معتمداً في أغلب الأعمال على التحوير والاختزال والمعالجة والمبالغة في بعض الأحيان.

إذاً، هي نوع من الحرية التي يتمتع بها النحات في محاولة لإيصال الفكرة بأسلوب خاص يمكن تسميته البصمة الخاصة التي يدركها المتلقي من الوهلة الأولى لمتابعته للعمل النحتي».

وفيما يخص الملتقيات النحتية، قال: «العمل المباشر أمام الناس من خلال الملتقيات النحتية يساهم بدغدغة الحس الداخلي لهم، فتسهل عملية إيصال الفكرة ومضمون كل فنان ورسالته؛ أي هي مساهمة بإغناء ذائقتهم البصرية.

وهنا أؤكد أن ما شدني إلى الفن -وبوجه خاص منه الرسم كبداية- البيئة الطبيعية التي كانت تحيط بي في الصغر، والحيوانات التي تعيش فيها، وطبيعة هذه الحياة بوجه عام، فرسمت كل شيء فيها، وهذا كان الخطوة الأولى قبل النحت».

وفي لقاء مع النحات "حسن محمد"، قال: «يقدم النحات "خليل" منحوتات لها دلالتها الجميلة، منها مثلاً "الديك" الذي يدل على رمزية الفجر المتجدد في كل يوم، وقد تمكن من الفكرة بشكل جيد، وخاصة الوشاح الذي يلف عنق هذا الطائر الجميل، وبوجه عام يهتم بالخطوط المنحنية التي تدل على السلاسة والبساطة.

أي إنه وظف السائد توظيفاً مباشر على فكرة قديمة متوارثة، وهذا ليس بالأمر البسيط، لأن الأغلبية لا يقتنعون للوهلة الأولى بهذا، ويحتاجون إلى التعمق في قراءة العمل».

أما النحات "محمد البونياحي"، فقد أكد أن ما يقدمه النحات "خليل" في الكتل النحتية له إيحاءاته الخاصة، كالنشاط والانتماء والحياة والتجدد، إضافة إلى أنه يملك خطاً خاصاً به، فأعماله تتميز بتحولاتها بين الانتماءات إلى المدارس الفنية، حيث يبدأ بمدرسة وينتهي بأخرى، وهي المدرسة التعبيرية».

يشار إلى أن النحات "ماجد محمد خليل" من مواليد عام 1976، قرية "سريجس" في ريف "القدموس"، وهو خريج كلية الفنون الجميلة، قسم النحت.