صَوَّرَ التشكيلي "فواز سويدان" الواقع وخاصة الريفي منه، الذي تعشقت مراحله اليومية في مخزونه البصري والفكري، بموضوعات إبداعية تمكن منها بتجربة بدأت من أربعة عقود تقريباً.

مدونة وطن "eSyria" زارت الفنان "فواز وجيه سويدان" في قريته "بارمايا" بتاريخ 8 آب 2014، ليحدثنا عن حياته الفنية، وكيف انطلق من البيئة الريفية الخصبة، ويقول: «الانطلاقة الفنية بالنسبة للفنان مهمة جداً فهي المخزون الفكري المستقبلي له، وبالنسبة لي بدأت حياتي الفنية مبكراً، وكانت عبارة عن عبث بأقلام التلوين، ولكنه عبث بحب وتفاؤل ونظرة إلى المستقبل، وأذكر في الطفولة أني كنت أطلب من أهلي أن يرسموا لي رغم أنهم ليسوا برسامين، وكان للبيئة الريفية دور كبير في مخزوني ونشأتي الفنية، فقد خلقت حالة من الألفة مع المناخ العام ورائحة التراب والريحان وألوان الأزهار، مما كون حالة خاصة أساسها الحب والعشق لهذه البيئة، فبدأت الرسم من الإنسان العامل بالحقل والعامل بالحصاد وقطاف الزيتون والعامل على المحراث الخشبي، حقيقة هذا التعامل والعشق الفني للتراث تبلور بالمهارات الفنية التي اكتسبتها علمياً في كلية الفنون الجميلة، فالفنان الدارس لأصول التصوير الفني وقواعده والموهوب بالفطرة ستبرز شخصيته الفنية وتتبلور وتنتج الفن التشكيلي الإبداعي الذي يغني ذائقة المتلقي ويحسن من ثقافة المجتمع بالعموم، وهذا لا يعني أن الفنان الدارس والموهوب لا يحتاج إلى المتابعة في معالجة وتطوير معارفه العلمية والفنية، بل على العكس هو في تلقٍّ دائم للتطوير والعلم».

يدرك كل من ينظر إلى لوحات الفنان "فواز" قيمة الجمال الحقيقي، ويدركه أكثر من خلال التمعن بتصويره لواقع حياة الإنسان بمختلف جوانبه، إضافة إلى أن اللوحات التي قدمها على مراحل وسنوات متعددة لواقع حياته توضح مسيرته الفنية وتطور أدواته ومهاراته، وهي قيمة جيدة فيها الكثير من الإبداع

وعن أهمية المرحلة التعليمية في المجال الفني، يقول: «الهدف الأساسي من المرحلة التعليمية هو بناء الفنان على قواعد سليمة لينطلق بعدها إلى الأفق الأوسع، فأنا حينما درست في "دمشق" واستقريت فيها سنوات، اغتنت ذائقتي الفنية البصرية بالعمارة الدمشقية التي تشد جميع الفنانين بأبنيتها المتداخلة مع بعضها بعضاً، وكنت قد اشتغلت على هذه الذائقة ضمن البيئة الساحلية والريفية وأغنيتها، فزادت قدرتي التصويرية والدمجية بفنية عالية، وهو أمر سجلته في أغلب لوحاتي».

من لوحاته

ليست كل الألوان قادرة على تحفيز وإظهار الأفكار بالنسبة للفنان "فواز"، وخاصة عندما يصور ذاته الواقعية، يقول: «من خلال تجربتي الفنية الطويلة التي تتجاوز أربعة عقود، والتي استعملت وجربت خلالها الكثير من الأدوات والمهارات والأفكار، ولعبت بجميع الألوان الزيتية والمائية والغواش وغيرها، وجدت بالألوان الزيتية القدرة على إعطائي قيم تصوير عالية، وخاصة اللوحات الواقعية التي أقصد بها تعدد مراحل الزمن وإظهار شخصيتي فيها، وهذه اللوحات أثارت الكثير من التساؤلات برسمها، وهنا أقول ليس هناك من سبب معين لرسمها، وإنما هي قدرة على رسم ذاتي دون مرآة أو صورة شخصية، ويمكن القول هنا إن الأمر لا يتعدى لإدراك المتلقي مراحل حياتي كيف هي، وبعد تجربتي الطويلة والانتقال ما بين الساحل والداخل، حصلت على حب كبير للون الأزرق الفياض الغامر للكون، لأنه مريح وبارد، ومنه يمكن تقديم مختلف درجات الأخضر، وهذا اللون الحياتي هو فسحة ومساحة رؤية كبيرة بالنسبة لي».

والتشكيلي "فواز" رسم الكثير من لوحات البورتريه الذي يعد من أصعب أنواع التصوير الفني، وهذا بحسب رأي الكثيرين من النقاد والمختصين، ليس ليكون اختصاصاً له وإنما لامتلاكه مهاراته وقدرة التصوير الدقيق بالألوان الزيتية لحالات الوجه المتطبعة بالحالة النفسية العام للشخص، ويعتبر أن اللوحة مرآة لواقعه، ويقول: «لدي الكثير من اللوحات المعبرة عن الواقع الاجتماعي والبيئي واليومي، ففي إحدى لوحاتي رسمت طفولتي عام 1985، وفي أخرى رسمت الخيول بحركات وصرخات الإغاثة التي تطلقها وحركات الكرامة والعنفوان التي تبديها برأسها، فريشتي انطباعية تعتمد على اللمسة السريعة والمباشرة والألوان النفسية الواضحة، فدائماً اللون عندي مدروس ولا أرسمه إلا في ضوء الشمس ليكون طبيعياً معبراً موظفاً مئة بالمئة لهدف ما ضمن اللوحة، وهذا يحتاج إلى براعة وتمرس لخلق إحساس بالبعد الزماني والمكاني أي البعد الثالث وقيمة اللوحة».

الفنان فواز رسماً

ويتابع: «بما أن اللوحة مرآة الواقع فإن موضوع التضاد اللوني مهم جداً في بعضها، ففي كثير من لوحاتي أحاول خلق حالة من هذا التضاد للتركيز على المكان المضيء في اللوحة وجعلها مثيرة بالنسبة للمتلقي، لأن المتلقي شيء مهم بالنسبة لي من مبدأ أن الفن للناس، وذلك بحضور العقل وبحالة ذهنية نفسية نقية بعيداً عن الحزن والعواطف البائسة».

وفي لقاء مع الفنانة "سارة سويدان" خريجة كلية فنون جميلة، وعن لوحات الفنان "فواز" تقول: «يدرك كل من ينظر إلى لوحات الفنان "فواز" قيمة الجمال الحقيقي، ويدركه أكثر من خلال التمعن بتصويره لواقع حياة الإنسان بمختلف جوانبه، إضافة إلى أن اللوحات التي قدمها على مراحل وسنوات متعددة لواقع حياته توضح مسيرته الفنية وتطور أدواته ومهاراته، وهي قيمة جيدة فيها الكثير من الإبداع».

يوم ريفي

يشار إلى أن التشكيلي "فواز وجيه سويدان" من مواليد قرية "بارمايا" التابعة لمدينة "بانياس" عام 1953، وخريج كلية الفنون الجميلة منذ عام 1979.