من الإحساس بروح الكتلة تُخلق الفكرة لدى الحرفي "محمد البونياحي" لتتحول إلى عمل فني إبداعي يشكله بإزميله ومطرقته ومبضعه المعدني.

فبعد غياب حوالي /30/ عاماً عن الساحة العملية جاء الحرفي "محمد أحمد" المعروف "بالبونياحي"- الذي التقاه موقع eSyria بتاريخ "25/7/2011"- وفي جعبته الكثير من الأفكار والرؤى للعمل بها في مجال النحت، وخاصة أنه عضو اتحاد الحرفيين، فهو وبحسب رأيه يشعر بأن الفن يمشي في عروقه كما الدم فيها وخاصة النحت الحرفة التي يحترمها كثيراً ويقدرها، مضيفاً: «إن تعلقي بالنحت أبعدني عنه سنوات كثيرة لأعود الآن وكلي شوق للعمل به، حيث إنني أشعر بالمتعة حين أمارس الأعمال النحتية، فهي تعيدني إلى عمر المراهقة وسنوات الشباب».

لدي فكرة لا أحب التصريح عنها بشكل واضح ولكني أعمل عليها بهدوء وهي حلم أتمنى إنجازه بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين والنحاتين

ويتابع: «أشعر بروح كل ما تمسكه يدي من كتل ومجسمات، صخرية كانت أم خشبية وكأنه مثل كائن حي، وهذا يدفعني للعمل على نحت شيء من هذه الكتل تعبر عن هذه الروح الهائمة بداخلها، وأنا أرى أن دوري يكمن هنا كمصمم الأزياء الذي يصنع الفستان على مقاس الجسد- الكتلة-».

الأمومة

وعن طريقة تعامله مع الكتلة ضمن الفراغ يقول الحرفي "أحمد": «عند النظر إلى الكتلة ولأول مرة تظهر الفكرة مباشرة، فقد تكون الكتلة مقاربة بمظهرها العام لشكل ما أو لشخصية أو لابتسامة على وجه، فكل قطعة أمسكها بيدي يجب أن يكون منها شيء بعد النظر إليها من جميع الزوايا الممكنة، فالنظرة الأولية مهمة لأنها تظهر الخطوط العريضة والتصور المسبق للعمل النحتي النهائي.

وهنا يمكنني القول إنني من هذه النظرة الأولى يخيل لي سماع الأصوات التي تصدرها الكتلة في أعماقها لأظهر حقيقة ما بداخلها وأخلصها من الزوائد الثانوية وأعطيها الشكل الحقيقي لها».

من أعماله النحتية على الخشب

ويتابع: «أبدأ العمل على الكتلة بهدوء تام حتى أظهر الخطوط الأساسية لها والشكل الحقيقي الذي يدفعني الله سبحانه لنحته فيها، دون النظر إلى ماهية الكتلة- صلابتها أو هشاشتها-، فأنا أحضرها في أغلب الأحيان من الطبيعة الجبلية الجميلة التي عشت وترعرعت فيها والتي منحتي مخزونا فكريا لا يستهان به.

حيث يمكن أن أجد في هذه الطبيعة الكتل الصخرية والكتل الخشبية والكتل الغضارية الطبيعية التي أفضل العمل عليها دون سواها بواسطة المبضع المعدني، وهذه الكتل هي الوحيدة التي أقصد من أجلها ريف محافظة "اللاذقية" للعثور عليها، والعمل عليها يحتاج إلى عناية جيدة وعزل عن الرطوبة».

السيد "منذر رمضان"

فالأعمال النحتية على الخشب وبحسب رأيه الشخصي لها طرق وأساليب تختلف عن الكتل الأخرى، وهنا قال: «الأعمال النحتية على الخشب تحتاج إلى نوعية معينة من الخشب كالتوت والزيتون والسنديان والزنزرخت والصنوبر، وأجمعها بشكل مباشر بأشكالها الغريبة والطبيعية في شهر تشرين الأول وتشرين الثاني، حيث تكون أشجار الغابات في مرحلة التقليم أي مرحلة "الجماد"، وبالتالي تكون شبه خالية من الماء في عروقها ما يساعد على حمايتها من تشكل السوس الذي ينخر في الخشب ويظهر بعد العمل عليه».

وعن أهم أعماله النحتية يقول: «لدي عمل نحتي أسميته الأمومة وهو من الحجر الصلب القاسي، رأيت فيه من النظرة الأولى عاطفة وحناناً لشيء ما لم أدركه بشكل كاف منذ البداية، وهذا ما دفعني للعمل عليه لرؤية مضمونه وما يمكن أن يخرج منه، حيث رأيت فيه بعض الزوائد التي يجب إزالتها لتظهر منه أنثى توحي بأم تعمل بيد وتحمل طفلها الصغير بيدها الأخرى وتحمل الطفل الأكبر ضمن جيب قماشي وضعته على ظهرها».

وعن طموحاته ومشاريعه المستقبلية يقول السيد "البونياحي": «لدي فكرة لا أحب التصريح عنها بشكل واضح ولكني أعمل عليها بهدوء وهي حلم أتمنى إنجازه بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين والنحاتين».

وفي لقاء مع السيد "منذر يونس رمضان" عضو مكتب تنفيذي في اتحاد حرفيي "طرطوس" قال عن أعمال "البونياحي": «أشعر بأن أعمال السيد "محمد" تحصل على شيء من روحه، فعندما أنظر إليها أرى فيها حياة تكاد تروي في بعض الأحيان التعابير والأحاسيس التي أكتسبها من وحي صانها، حتى إني أشعر بأنها جزء منه، وبما أنه ليس سوى هاوٍ لحرفة النحت على الخشب يمكن القول إن كل ضربة إزميل هي إبداع».

ويضيف: «الهواية لا تنافس الدراسة الأكاديمية التي تعطي الفنان الطريقة وخط السير الصحيح والقدرة على الصقل، ولكن الهواية هي أساس الإبداع، لذلك أنا مع مشاركة الفنان أو الحرفي في جميع المعارض ليظهر أفكاره ويدور حولها النقاش الفني البناء، إضافة لإعطاء الفرصة للمتلقي ليرى القيم الجمالية في الأعمال الخشبية للحرفيين ويبدي رأيه فيها، وقد يكون رأيه ذا قيمة إيجابية تنعكس على مضمون الأعمال القادمة للحرفي».

يشار إلى أن الحرفي "محمد أحمد" والمعروف "بالبونياحي" من مواليد /1958/ شارك في معرض الوفاء للوطن وقائد الوطن وبعض المعارض الحرفية الأخرى، وهو عضو اتحاد حرفيي "طرطوس".