لوحات فنية وأخرى للحب والعشق والحياة نسجتها الحرفية "فاتن غانم" من أهالي قرية "الزرقات" التابعة لمدينة "صافيتا" في ريف "طرطوس" مستخدمة في ذلك مواد من الطبيعة الريفية الجميلة التي أحاطت بها واستقت منها معظم أفكارها وأعمالها التي أمنت لها فرصة العمل المناسبة .

eSyria التقى الحرفية "فاتن غانم" لتحدثنا عن منتجاتها وأعمالها وحبها لهذه المهنة وكيف تتعامل معها، حيث قالت: «تعلمت حرفة تنسيق الورود التي أحببتها منذ الصغر، وصناعة الملابس والهدايا الجميلة والقيمة من عشق كان بداخلي لها، حيث لم أتمكن من تحصيلها أكاديمياً، وإنما عملياً من أرض الواقع، ورغبت في هذا العمل من مبدأ تجديد تراث الآباء والأجداد المندثر، والذي اعتمدوا عليه في حياتهم اليومية» .

عند الانتهاء من العمل أشعر بالسعادة العارمة التي لا تلبث أن تختفي مطالبة بخلق فكرة جديدة وأفضل من سابقتها وهذا ما أعتبره طموح لا نهاية له

وتتابع: «أعتبر هذه المهنة رسالة إنسانية سامية غايتها أولاً وأخيراً الإنسان، وخاصة ذوي الدخل المحدود، وهذا أمر طالما سعيت إليه وكافحت باستمرار لأتمكن من صقل موهبتي التي أعتز بها، وتقديم ما هو رخيص التكلفة وغالي القيمة» .

بعض أعمالها

وبما أننا تحدثنا عن الإنسان البسيط وجب علينا التوضيح من القصد، حيث تقول: «لقد استخدمت في أعمالي كل ما هو من بقايا الطبيعة الريفية البسيطة بممتلكاتها، والغنية بأفكارها، التي جعلتني أسيرتها في بعض الأحيان لما فيها من مواد خام يمكن تطويرها وتحسينها واستخدامها لخلق ما هو ذا قيمة، يعود بالفائدة المادية والمعنوية لمستثمرها ومستخدمها، حيث استخدمت بقايا قشور السنديان وجذوع التوت والنباتات البرية العشبية والأصداف البحرية والحرير الطبيعي والخيوط النسيجية، لصناعة الإطارات "البراويز" والصمديات والملابس والمطرزات والهدايا، لأؤكد للجميع وخاصة من هم بحاجة إلى فرصة عمل لتحسين مستوى المعيشة، أن من يسعى يمكنه الاستفادة من كل ما هو محيط به لخلق منتج قابل للاستثمار» .

وعن بعض أعمالها تقول: «صنعت من خشب التوت الذي أحب التعامل معه لصلابته ومتانته مجسما صغيرا على شكل عربة يجرها الخيل وزينتها ببعض أوراق الليمون اليابسة والمتكسرة، والتي أخذت شكل الشبك الحفيف بسبب طبيعتها الرائعة والمدهشة، لتكون بمثابة إطار مضاء بإضاءة خفيفة مخفية لوضع صورة شخصية ضمنها» .

بعض أعمال الحياكة

وأهم ما تحب التعامل معه من توالف الطبيعة تقول: «أنا بنظري لا يوجد شيء على وجه الأرض إلا ويصلح لأن يكون تحفة جميلة برؤية فنية، فيمكن استخدام نشارة الخشب لصناعة الأعشاب منها، وورق الليمون اليابس لصناعة كل الأوراق الصناعية الشفافة، وقشور السنديان لصناعة أرضية اللوحات الجدارية، وأخشاب التوت لصناعة الإطارات "البراويز"، وغيرها من البقايا الطبيعة الكثيرة» .

أما عن الإحساس الذي يكون لديها نتيجة التعامل مع هذه الأعمال الفنية، تقول: «أشعر بالأمل والسعادة عندما أستخدم هذه المواد والبقايا وأنتج منها شيئا جميلا يسر من يراه ويشعره بالفرحة، لذلك فهي بالنسبة لي بمثابة رسالة للإنسان لأن يكون بسيط بحياته وواقعي في تعامله مع الأخر، فكلنا من وإلى الطبيعة، ورسالة أيضاً لرب وربة الأسرة لاستخدام كل ما هو تالف أو ما يراه تالف في بيته أو حديقة بيته، ليصنع منها شيئا جميلا وجذاب وإن فشل في المرة الأولى، فهو دليل على النجاح في المستقبل» .

الآنسة "فاطمة حسين"

وتتابع موضحة مستقبل هذه المهنة: «هذه الأعمال اليدوية مطلوبة ومرغوبة عند الكثير من المواطنين الذواقة، والذين يقدروا معنى الفن، وأنا أجدها جيدة جداً وتستطيع تأمين حالة اجتماعية أسرية جيدة، حيث تحتاج فقط إلى التفكير المستمر لخلق أفكار جديدة ومتجددة في العمل لكي لا تتكرر فكرة العمل مرتين فتضيع» .

لحظة انتهائها من العمل لحظة غير مرضية لها توضح ذلك: «عند الانتهاء من العمل أشعر بالسعادة العارمة التي لا تلبث أن تختفي مطالبة بخلق فكرة جديدة وأفضل من سابقتها وهذا ما أعتبره طموح لا نهاية له» .

وفي لقاء أخر مع الآنسة "فاطمة حسين" تحدثنا عن رأيها بهذه الحرفة وعمل الآنسة "فاتن" من خلال ما تقدمه من أعمال، فتقول: «هذا النوع من الأعمال الحرفية والتي تعتمد على مهارات يدوية وأفكار خلاقة بشكل دائم، تشعرني بالغبطة والأسى، حيث أن الغبطة لما نستطيع فعله من مجسمات جميلة جداً من علبة معدنية مثلاً أو زجاجة عصر فارغة، والأسى لما نحن بحاجة إلى هكذا حرفة ولا نقدرها» .

في حين أكد المخبري "وسام تفاحة" أحد المهتمين بهذا الموضوع، أن الحركة الفنية الحرفية في محافظتنا تلقى رواجاً وإهتماماً جيدين من قبل المهتمين من المواطنين من خلال متابعتم للمعارض الفنية المقامة، وما أسمعه من تساؤلات الحضور عن الأعمال الفنية الموجودة في هذه المعارض.