كان طريقاً ترابياً صعب المسالك بسبب العلو الشاهق للتل الذي يرتفع عن سطح البحر 1260 متراً، يصل في نهايته إلى مزار التل الذي يعدّ مقصداً ومزاراً دينياً مهماً لأهالي المحافظة.

غير أنه عند نهاية السبعينيات تم شق الطريق بشكل حلزوني بعد عناء طويل كان وراءه إرادة قوية، ونذراً من رجل أضناه حرمانه من الأطفال بعد زواج دام 12 عاماً.

كان الطريق القديم مشكلاً من قوة الأرجل التي كانت تأخذ المسالك السهلة صعوداً نحو التل المرتفع، فالطريق لم يكن مخصصاً للسيارات نهائياً، ويشكل عبئاً كبيراً على المؤمنين الراغبين في إيفاء نذورهم، وأذكر أن عدداً كبيراً من الناس كانوا يخلعون أحذيتهم ويصعدون حفاة على الطريق الترابي الصعب. فتشكل من كل ذلك طريق يصعد مستقيماً إلى أكثر من نصف التل، ومن ثم تبدأ التعرجات نحو الأعلى من أكثر من مكان ليصل إلى المزار

مدونة وطن "eSyria" التقت الأستاذ "إبراهيم أبو كرم" يوم الخميس الواقع في 27 شباط 2014، وهو أستاذ الرياضيات المعروف، ورئيس مجلس المدينة السابق، الذي تحدث عن الطريق القديم، وكيفية تأقلم الناس معه، فقال: «كان الطريق القديم مشكلاً من قوة الأرجل التي كانت تأخذ المسالك السهلة صعوداً نحو التل المرتفع، فالطريق لم يكن مخصصاً للسيارات نهائياً، ويشكل عبئاً كبيراً على المؤمنين الراغبين في إيفاء نذورهم، وأذكر أن عدداً كبيراً من الناس كانوا يخلعون أحذيتهم ويصعدون حفاة على الطريق الترابي الصعب. فتشكل من كل ذلك طريق يصعد مستقيماً إلى أكثر من نصف التل، ومن ثم تبدأ التعرجات نحو الأعلى من أكثر من مكان ليصل إلى المزار».

الزكزاك لمنتصف الطريق إلى المزار.

وعن بداية شق الطريق، ومن قام به، تابع: «بدأ شق الطريق منتصف العام 1978 بإشراف الأستاذ "فايز الجرماني" مدير الخدمات الفنية في "السويداء"، حيث كان العمل في الطريق يشكل تحدياً كبيراً للعمال والفنيين، والسائقين لما يمثله الطريق من صعوبة كبيرة، نظراً لارتفاع التل. وكان المخطط الذي وضع يحدد معالم الطريق بشكل (زكزاك)، والملاحظ أن الطريق الذي صنع من أرجل الناس كان هو أساس المخطط العام حتى وصوله إلى ما بعد النصف، لتبدأ الصعوبة في الالتفاف حول التل، وشق الطريق في الرمل الأسود القابل للانهيار في حال لم يكن هناك تتابع في العمل. غير أن العاملين في الطريق كانوا على قدر المسؤولية لإنجازه والانتهاء منه دون أي حادث يذكر».

وعن القصة التي انتشرت بعد الانتهاء من الطريق، وكيف جرت، تحدث الشيخ "كمال الخطيب" المسؤول عن الوقف في مزار "شيحان" بالقول: «كان السيد "شفيق عازار" مدير منطقة "شهبا" آنذاك يشغل منصب رئيس بلدية المدينة، حيث كان مصراً على البقاء بشكل شبه يومي مع العمال وهم يشتغلون بالطريق، وبقي كذلك حتى انتهت الأعمال بشكل كامل. وكان (أبو عبدو) كما يحب أن ينادوه متعاوناً ومخلصاً للعمل بشكل غير طبيعي، وحريصاً على تفقد الكبيرة والصغيرة. كل ذلك وهو غير ملزم بفعل شيء من ذلك. وعلى الرغم من تساؤل الناس عن هذا الاهتمام غير أنهم اعتادوا الأمر دون أن يكتشفوا السبب إلا بعد أشهر من انتهاء العمل؛ فقد حضر المذكور بعد مدة من انتهاء العمل، وصعد إلى المزار، وأخبر من كان هناك أن الله رزقه بولد بعد 12 عاماً من زواجه، وكان في سريرته يطلب من الله القدير أن يرزقه الابن، وسوف يعمل جاهداً من أجل إنجاز الطريق الواصل إلى مزار تل "شيحان" حتى لو كلفه ذلك الغالي والرخيص، وعندما انتهى العمل، تحققت أمنيته، وعاد يبث الخبر السعيد إلى الناس الذين يحبهم، وفي المكان الذي كان الوسيلة التي حققت أمانيه. ومازالت هذه الحادثة تروى بشكل كامل كلما ذكرت قصة الطريق».

التل والطريق الطويل.

يذكر أن الطريق سهّل عملية الوصول إلى قمة التل بشكل مريح وآمن، ومن ثم تم تعبيده فسهلت حركة المرور عليه وأصبحت السيارات تصل إلى المزار بيسر، حيث توجد ساحة فسيحة تتسع لعدد كبير من السيارات والزوار الذين يقدمون النذور ومن الممكن مبيتهم في المزار لليلة أو أكثر. وفي النهاية قدم هذا الطريق خدمة سياحية للتل ظهرت معالمها بالسوق التقليدي الذي افتتح إلى الغرب من ساحة المزار.

الناس تمشي على الطريق وفاء للنذور.