طرحت اللقى المعدنية والزجاجية ومنضدة النذور التي عثر عليها في معبد "خربة مساكب" الواقعة في مدينة "السويداء" الكثير من الأسئلة عن الديانات التي كان سكان تلك المنطقة يتبعونها، ومازالت الأجوبة غير محددة...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث الأثري "وليد أبو رايد"، بتاريخ 24 كانون الثاني 2014، المتخصص في البحث الميداني عن العصور البرونزية في المنطقة الجنوبية، وتحدث عن تلك اللقى وأهميتها وقال: «عُثر في أنقاض "خربة المساكب" مع الشواهد على تكديس كسر سرج، وزجاج، وحبات خرز، وجرار التي لها صفة نذرية مقدسة، وهذه (الطميرة) التي اكتشفت هي على ارتباط مع منضدة النذور التي تساعد في التعرف على وظيفة المكان، وعلى المرء أن يتساءل إذا كانت هذه اللقى أعدت بالأساس للتزيين أو لوضعها فوق منضدة النذور للتعبد والصلاة، التي تتدرج أمام أقدام الأرباب كالعادة، وعلى الرغم من كل هذه اللقى والأدلة يبقى تحديد اسم رب هذا البيت صعباً، ونعتمد في تأريخ المنشأة على السرج التي وجدت في مكانها».

عُثر في أنقاض "خربة المساكب" مع الشواهد على تكديس كسر سرج، وزجاج، وحبات خرز، وجرار التي لها صفة نذرية مقدسة، وهذه (الطميرة) التي اكتشفت هي على ارتباط مع منضدة النذور التي تساعد في التعرف على وظيفة المكان، وعلى المرء أن يتساءل إذا كانت هذه اللقى أعدت بالأساس للتزيين أو لوضعها فوق منضدة النذور للتعبد والصلاة، التي تتدرج أمام أقدام الأرباب كالعادة، وعلى الرغم من كل هذه اللقى والأدلة يبقى تحديد اسم رب هذا البيت صعباً، ونعتمد في تأريخ المنشأة على السرج التي وجدت في مكانها

عن أهميتها يقول: «السوية الأقدم في مجال المنضدة والمذبح لم تشوه بوساطة النبش، وتحوي عدداً من السرج، ثقب الفتيل فيها على شكل خطاف جلبت من مدينة "أيفس" التركية، وتؤرخ في النصف الثاني للقرن الثاني أو في بداية القرن الأول قبل الميلاد، ويضاف إليها مشبك (بكلة) طراز فارسي استمرت في الظهور حتى القرن الأول الميلادي، وكذلك كسر قدر لمزج الخمر (كراتير) طراز فارسي تعود إلى نفس العصر، وكسر قارورة زجاجية مطلية بالميناء، وكسر قدح نصف كروي متقن، وسرج من صناعة محلية من القرن الأول قبل الميلاد على شكل دبوس أو قضيب».

لقى نقدية من "قنوات" في المساكب.

وفيما يتعلق باللقى النقدية وأهميتها، يقول: «هي عديدة أولها قطعتان: واحدة تعود إلى العصر السلوقي، والأخرى نبطية، وهما تشيران إلى مرحلتي المعبد، ولكنهما مشوهتان لا تقرأ الكتابة فيهما، وقطعتان نقديتان من مدينة "قنوات" في نهاية عهد "دوميتيان"، وقد عثر عليهما في طبقة خارج الحرم، الذي كان مهجوراً آنذاك، والحظيرة خلفه تعود إلى القرن الثالث، ثم استوطن الموقع في العهد الأيوبي حسب الفخار والنقود المكتشفة، وعثر على كسر غلايين تعود إلى فترة الاحتلال العثماني، ومن خلال هذه المكتشفات الهامة يمكن القول: إن هذا المعبد الصغير يعود حسب المعطيات الأثرية إلى نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، والنصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد، وهو فريد ووحيد في منطقة "حوران"، ومن خلال المعدات الضخمة والشكل الضخم، وإضافة الخشب كإطار والمثبتة بالتعشيق على جوانب الباب، واستخدام الأدوات الصوانية، والمنقار من أجل نحت الحجر مميزة تجعله فريداً، ويدل تحصين الموقع على عصر سادته الاضطرابات وعدم الاستقرار».

أما الدكتور "علي أبو عساف" الباحث الأثري المعروف، فتحدث عن أهمية هذه اللقى، وما يمكن أن يضيفه من معلومات عن سكان المنطقة وقال: «إن معبد "خربة مساكب" أقدم من معبد "بعل شمين" في قرية "سيع"، الذي يعود بناؤه إلى عام 33 قبل الميلاد، واعتبر وقت اكتشافه أقدم شاهد على المباني الدينية في منطقة "حوران"، ويمثل مخططه عملاً محلياً بامتياز تأثرت نقوشه وتقانته بالأساليب اليونانية، بينما خلا معبد "مساكب" الأصلي من تأثيرات مشابهة. ونحن ننظر إليه وإلى محتوياته ومنحوتاته البدائية البسيطة، وتقانة إعداد الحجر، وأسلوب بنائه على أنه استمرار للتقاليد المحلية في بلاد الشام، وتمثل السرج المستوردة من "أفيس" أقدم المواد في الموقع وبواسطتها يؤرخ المعبد، يبدو أنه يحوي متناقضات -مثل "قلعة السويداء"- تشير إلى تيار تغييري بدأ في "سورية" مع العصر الهلنستي، وشمل النواحي الحضرية والسياسية والاقتصادية، ويبقى شيء هام يصعب تفسيره أن نقوش الشواهد التي تتمتع بخصائص محلية قد تتقارب مع فن النحت قبل تأسيس المقاطعة العربية».

من اللقى داخل المعبد.

وأخيراً، يجزم "أبو رايد" ويقول: «إن شكل وأطلال الخربة المغايرة لما هو معروف من العصر اليوناني تعود إلى عصر أقدم وتحديداً العصر الحديدي الذي تبقى معلوماتنا عنه ضحلة في جنوب "سورية"، والذي يتصل مباشرة بالعصر الهلنستي دون انقطاع، وعلى أية حال تعود إلى العصر الآرامي النبطي والهلنستي الروماني والأيوبي، ويوحي الاسم بأنه عربي مثل "مجادل"، ويعني الموقع الذي تنسكب فيه المياه، وهذا وصف لحال الموقع الذي تنسكب مياه الأمطار في بركة، ومع ذلك نفضل أن يكون الاسم آرامياً؛ أي "مشكب" ويعني الحصن المنيع، والخربة هي كذلك وحضارتها القديمة آرامية قبل الأنباط».

الباحث "وليد أبو رايد".