هي مستوطنة قديمة تعود للألف الثالث قبل الميلاد، وهي بالتالي ترجع للعصر البرونزي القديم، تقع إلى الجنوب من قرية "الدويرة" على بعد حوالي 1كم، وإلى الغرب من الطريق القديمة، والتي اتبعت مسارها الطريق الجديدة المعبدة. وينتشر فيها عدد من الأبراج التي لم تتضح وظائفها كما هو الحال في الأبراج التي انتشرت في "عريقة" و"داما" وغيرها..

مدونة وطن eSyria التقت الأستاذ "وليد أبو رايد" يوم الأربعاء الواقع في 10/7/2013 وهو المتخصص بدراسة آثار العصور البرونزية في المنطقة الجنوبية، حيث تحدث عن طبيعة القرية بصورة عامة، فقال: «تتألّف هذه القرية أو المستوطنة من ثلاث كتل معمارية، وهي مبنية أساساً من حجر البازلت المحلي الموجه والمشذب. ويحتل البرج الدائري الشكل تقريباً مكاناً بارزاً فيها، ويعتبر واحداً من الأبراج النادرة في المنطقة من حيث الشكل الذي اتخذه، وهو يقع في الجهة الشرقية من القرية، أو يحتل الزاوية الشمالية الشرقية منها، وقد بقي منه جزء من جداره الجنوبي على شكل قوس، وظل الجدار الغربي مستقيماً تقريباً. وإلى الغرب من البرج تتوضع بركة كبيرة لتجميع المياه، لكن ما يميّز هذه البركة أنها منخفض طبيعي خالص استغلّه الإنسان على شكله الطبيعي دون أي تدخّل لجمع المياه واستغلالها للزراعة وري المحاصيل وسقاية الماشية.

بنيت البيوت على شكل كتل معمارية متراصة تشبه خلايا النمل، تستند جدرانها إلى بعضها لتزيد من تماسكها. وتشترك معظم البيوت بالباحات العامة، ويمكن التنقّل بين المنازل عبر سطوحها وعبر الأزقة الضيّقة بينها. وكذلك تتشكَّل جوانب المدخل غالباً من حجر واحد كبير في كل جهة يتوّجهما ساكف ضخم موجه ومشذب ربما يسد بدرفة حجرية في بعض البيوت. تجمّعت البيوت في المواقع الكبيرة حول بناء مركزي مرتفع يشرف على القرية بكاملها. وقد اعتمدت المستوطنات في تأمين المياه على خزانات أرضية مفتوحة نتجت عن اقتلاع الصخور منها إلى جانب آبار عميقة يجفُّ معظمها خلال فصل الصيف. وقد استُغلَّت صبة اللجاة الوعرة والمنحدرة كجزء طبيعي داعم للسور يشكل منزلقاً صعب المسلك، ويزيد من قوة ومناعة السور. واعتمد اقتصاد هذه المواقع على الرعي بشكل أساسي نتيجة جفاف المناطق التي أنشئت فيها إلى جانب ظهور بعض النشاطات الزراعية المتعلقة بالرعي كزراعة الحبوب في المواقع التي تتوافر حولها مساحات صالحة للزراعة

إلى الغرب من البركة الطبيعية يقوم التجمع السكني الرئيسي، حيث يتطاول نحو الشمال والجنوب، ويرتفع فوق الصبة الصخرية التي خلفتها البراكين المتعاقبة قبل العصر البرونزي القديم. ويحيط هذا التجمع السكني سور من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية. أما من الشرق فتعاني الأبنية من تخريب كبير ناتج عن أعمال الطبيعة، وبحث الإنسان عن الثروات».

بركة خربة المنابيع

وعن السور والأبراج الأخرى الموجودة في هذه القرية، قال: «يتألف السور من مداميك داخلية سميكة وخارجية داعمة. ما يدل على أنّ السور كان مرتفعاً على الرغم من استغلال المعماري لميول الصبة البازلتية من الغرب لتشكّل منزلقاً طبيعياً صعب المسلك كما شاهدنا في قرية "لبوة" وخربة "المرصرص" وكذلك خربة "العيس"، إلا أنّ المعماري لجأ إلى تدعيم السور الغربي في بعض أجزائه بجدار داعم مائل، وهو أحد الابتكارات المعمارية الدفاعية منذ مطلع عصور البرونز في المنطقة. مع عدم إمكانية ملاحظة أبراج دفاعية إضافية في هذا الجانب. وفي الجانب الجنوبي الشرقي وبشكل منعزل ينفرد برج مربع الشكل متين مبني بحجارة ضخمة جداً، وهو دون أي جدار داعم، ولكنه تعرض للتخريب والهدم بشكل يصعب معه التعرّف على تقسيماته الداخلية، ووظائفه التي وجد من أجلها في هذا الجانب من المستوطنة. وتحده من الشرق بركة صغيرة الحجم من صنع الإنسان لتخفف الضغط عن البركة الرئيسية، وتقوم بنفس الوظائف.

وعن العصر الذي تنتمي إليه القرية، تابع يقول: «تعاني المستوطنة بشكل عام من تهدّم وتخريب كبيرين لا يمكن التعرف إلى تفصيلات مخططها بسهولة، حيث عانينا كثيراً في سبرها واكتشاف بقايا معالمها، ويبدو أن منازلها متلاصقة تشبه خلايا النمل ما يجعلنا نردها إلى العصر البرونزي القديم حتى الوسيط، حيث كان سكان هذه الفترة من الزمن يبنون مساكنهم على نفس النمط المذكور. وإلى الشرق منها ينهض كوم صغير مرتفع عن الأرض المحيطة بمقدار أربعة أمتار على الأقل، ويعرف باسم المستوطنة نفسها (كوم المنابيع)، لم نتأكد من وظيفته الأساسية».

جانب من جدار البرج المتهدم

وعما يمكن اكتشافه من تشابه بين هذه القرية والخرب التي نشأت في نفس المنطقة، أكد الدكتور "علي أبو عساف" العالم الأثري المختص بالمنطقة الجنوبية من سورية ذلك بالقول: «بنيت البيوت على شكل كتل معمارية متراصة تشبه خلايا النمل، تستند جدرانها إلى بعضها لتزيد من تماسكها. وتشترك معظم البيوت بالباحات العامة، ويمكن التنقّل بين المنازل عبر سطوحها وعبر الأزقة الضيّقة بينها. وكذلك تتشكَّل جوانب المدخل غالباً من حجر واحد كبير في كل جهة يتوّجهما ساكف ضخم موجه ومشذب ربما يسد بدرفة حجرية في بعض البيوت. تجمّعت البيوت في المواقع الكبيرة حول بناء مركزي مرتفع يشرف على القرية بكاملها. وقد اعتمدت المستوطنات في تأمين المياه على خزانات أرضية مفتوحة نتجت عن اقتلاع الصخور منها إلى جانب آبار عميقة يجفُّ معظمها خلال فصل الصيف. وقد استُغلَّت صبة اللجاة الوعرة والمنحدرة كجزء طبيعي داعم للسور يشكل منزلقاً صعب المسلك، ويزيد من قوة ومناعة السور.

واعتمد اقتصاد هذه المواقع على الرعي بشكل أساسي نتيجة جفاف المناطق التي أنشئت فيها إلى جانب ظهور بعض النشاطات الزراعية المتعلقة بالرعي كزراعة الحبوب في المواقع التي تتوافر حولها مساحات صالحة للزراعة».

الباحث وليد أبو رايد