عند الوقوف أمام صخرة من صخور قرية "شعف" تشعر بأنها تحمل تاريخاً قديماً حفر عليها كتابات أرجعها البحث العلمي إلى الزمن الصفائي، وتأتي أهمية هذه الكتابة ودلالتها لأنها تذكر باسم المكان الذي استمر عبر العصور وحتى الآن.

حول تواجد الكتابة الصفائية ودلالتها في قرية "شعف" بين الباحث الأثري "حسين زين الدين" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 16/5/2013 قائلاً: «أثناء قيامي في بحث علمي عام 1997عن الكتابات الصفائية في بلدات وقرى المحافظة تم الكشف في قرية "شعف" خاصة في تل القرية والأراضي الزراعية التابعة لها عن وجود اثنين وسبعين كتابة صفائية منها ما كتب على إحدى صخورها (من طبع "ايل")، وهو من أهل "شعف"، وكذلك هناك كتابة مدونة على الصخور كتب عليها (من "عبد الملك بن غانم" وهو من "آل عريسة") حيث تم ملاحظة أن في هذه الكتابة الأسماء العربية الأصلية واسم إحدى القبائل العربية القديمة في المنطقة، وثاني أهمية وجود الكتابات "الصفائية" في الحضرية لجبل العرب والتي وجدت فيها أربعمئة كتابة ورسم صفائي، تبرهن عن أن عرب الصفاة آنذاك، كانوا جزءاً من النسيج السكاني للمنطقة، فمنهم من كان يقوم بالرعي ومستلزماته، ومنهم من يقوم بالزراعة والرعي بنفس الوقت، وهذا عماد الاقتصاد المحلي للمنطقة الزراعية والرعي، وتسقط نظريات بعض علماء الأجانب وبعض العرب أنها كتابات بدوية غير حضرية، وتعتبر الكتابات الصفائية الآثار الباقية لعدد من القبائل العربية التي استوطنت مناطق جنوبي سورية وشرقي الأردن اعتباراً من القرن الثاني قبل الميلاد ولغاية القرن الرابع الميلادي، وقد سميت هذه الكتابات العربية "بالصفائية" نسبة إلى جبال الصفاة الواقعة في الشمال الشرقي من منطقة جبل العرب، ويشكل الحقل الصفائي الامتداد الشمالي الأخير للخط المسند في اليمن وتطور عنه، والمكتشف الأول للكتابات "الصفائية" هو الإنكليزي "سيريل غراهام" الذي زار منطقة الحَرّة السورية عام 1857 وأخذ معه بعض صور تلك الكتابات إلى أوروبا».

هناك العديد من الكتابات العربية العائدة للفترتين الأيوبية والمملوكية من القرنين 12 – 15 للميلاد، ووجدت في العديد من القرى والمواقع داخل المنطقة الحضرية والصحراء أيضاً، والمثال عليها الكتابة التالية التي وجدتها في منطقة النمارة عام 2007 والتي يذكر فيها كاتبها أنه من "شعف" وليس ذلك فحسب، بل أمامها أيضاً عبارة ("لا إله إلا الله ومحمد رسول الله"، هذه ديار بني أسد تملكتها بني هلال... وكتبه صالح إمام "شعف"، وغفر الله لوالديه ولمن قراه ولجميع المسلمين)، هذه الكتابة من إشاراتها إلى سكان الجبل القدماء بني أسد ومن ثم مجيء بني هلال في رحلاتهم الشهيرة، إلى المغرب العربي ومرورهم بسورية دلالة على ارتباط البلاد العربية بثقافة مشتركة، كذلك تم كشف قصر نجمة بالسويداء عام 2011 في مقبرة عليها بعض الأحرف الصفائية ما يثبت أن سكان المنطقة كانوا عرباً، وسواء أكانوا من الأنباط أم من الصفائيين أم من قبائل أخرى فإن مستخدمي الخط الصفائي لم يكونوا بدواً فقط

وأضاف: «هناك العديد من الكتابات العربية العائدة للفترتين الأيوبية والمملوكية من القرنين 12 – 15 للميلاد، ووجدت في العديد من القرى والمواقع داخل المنطقة الحضرية والصحراء أيضاً، والمثال عليها الكتابة التالية التي وجدتها في منطقة النمارة عام 2007 والتي يذكر فيها كاتبها أنه من "شعف" وليس ذلك فحسب، بل أمامها أيضاً عبارة ("لا إله إلا الله ومحمد رسول الله"، هذه ديار بني أسد تملكتها بني هلال... وكتبه صالح إمام "شعف"، وغفر الله لوالديه ولمن قراه ولجميع المسلمين)، هذه الكتابة من إشاراتها إلى سكان الجبل القدماء بني أسد ومن ثم مجيء بني هلال في رحلاتهم الشهيرة، إلى المغرب العربي ومرورهم بسورية دلالة على ارتباط البلاد العربية بثقافة مشتركة، كذلك تم كشف قصر نجمة بالسويداء عام 2011 في مقبرة عليها بعض الأحرف الصفائية ما يثبت أن سكان المنطقة كانوا عرباً، وسواء أكانوا من الأنباط أم من الصفائيين أم من قبائل أخرى فإن مستخدمي الخط الصفائي لم يكونوا بدواً فقط».

الباحث الاستاذ حسين زين الدين

الباحث "نشأت كيوان" ماجستير في علم الآثار ومدير المتحف الوطني بالسويداء بين أهمية الكتابة الصفائية وتواجدها في قرية "شعف" بالقول: «يعتقد أن الكتابات الصفائية تتوقف عند نهاية القرن الثالث الميلادي، حيث لم يلاحظ أية إشارة مسيحية في هذه الكتابات. والسؤال الذي يطرح نفسه أين ذهبت تلك القبائل؟ ولماذا توقفت عن الكتابة فجأة؟ وهذا السؤال يتناول تلك الكتابات النبطية والثمودية واللحيانية وكتابات الحضر في العراق، ومن هنا يعتقد بعض الباحثين أن هذا التوقف دليل على تحضر هذه القبائل واندماجها في المجتمع الحضري، وأخذها اللغة اليونانية اللغة السائدة آنذاك، وهذا هو المرجح، إذ تنبع أهمية هذه الكتابات من أنها تقدم لنا معلومات تاريخية هامة عن تلك الحقبة الزمنية وخاصة عن استيطان تلك القبائل في المنطقة وعباداتهم وحلهم وترحالهم وعلاقتهم بالقرى المحيطة "الرومان والأنباط والتدمريون، ويدور جدلٌ كبير بين البحاثة الأوروبيين حول تحضير أو عدم تحضير هذه القبائل العربية خاصة أن أغلبية الكتابات المكتشفة حتى الآن كانت في المناطق الصحراوية ومن هنا تأتي أهمية اكتشاف الكتابات الصفائية في مناطق الحضر لإثبات أن تلك القبائل قد تحضرت في مراحل زمنية مختلفة، إضافة لبعض الإشارات والكلمات القليلة الواردة في الكتابات نفسها حول الزراعة وتربية الأبقار والكتابات ثنائية اللغة مثل يوناني صفائي، أو نبطي صفائي، أو بعض الرسومات المرفقة بالكتابات التي تدل على الأعمال الزراعية».

الكتابة الصفائية على الصخور
الباحث الأستاذ نشأت كيوان