البابونج وإكليل الجبل والمريمية وغيرها الكثير من الأعشاب الطبية، هو أهم ما اعتاد السيد "زيد الحلبي" شراءه من سوق "الحمزات" للعطارة الذي يقع في آخر سوق القمح في "السويداء"، ويحمل اسم عائلة، ويتألف من تسعة محال تبيع نفس المواد.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "الحلبي" أثناء جولتها في السوق في 24 كانون الأول 2014، فتحدث عن تاريخ معرفته لهذا السوق وعن خصوصيته بالقول: «أنا أرتاد هذا السوق منذ أربعين عاماً على أيام المرحوم الشيخ "محمود حمزة"، وهو جد هؤلاء الشباب الذين يديرون المحل حالياً، وأنا آتي إلى هنا لأشتري البهارات بكل أنواعها من الزنجبيل والقرفة والورص والخولنجان، أو أشتري بعض الأعشاب الطبية التي ينصح بالتداوي بها، وهذا الشارع معروف لدى أهل المحافظة بأن المحال التي فيه متخصصة ببيع البهارات والأعشاب الطبية، كما أن المحال تنتمي لعائلة واحدة هي آل حمزة، وخصوصية هذا السوق في مهارة العاملين في مهنة العطارة التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد».

هذه المهنة سهلة وصعبة في نفس الوقت، وسرها يكمن في معرفة العطار لكل أنواع الأعشاب وفي أي منحى يجب استخدامها سواء طبياً أو غذائياً، وخاصة معرفة المقادير المطلوبة لأن ما ينفع قليله قد يضر كثيره، وأنا قد جلست مع والدي مدة عشر سنوات قبل أن أتولى البيع بنفسي، وخاصة أنه في بعض الأحيان يأتي إليك من يسأل عن أعشاب قد لا يعرف اسمها، وعندما يشرح لي حاله فأقوم بإعطائه العشبة المناسبة وتحديد المقدار الذي يجب أن يتناوله

بدوره السيد "أدهم حمزة" ابن الشيخ "فؤاد حمزة" وصاحب أحد المحال في السوق؛ تحدث لنا عن بداية نشأة هذا السوق وسر احتكار آل "حمزة" لهذه المهنة بالقول: «أساس هذا السوق هو الشيخ "محمود حمزة" إضافة إلى أقاربه "مهنا، وحسين، وعبد الكريم"، حيث كان لجدي منذ بدء عمره اهتمام واضح في معرفة أنواع الأعشاب الطبية وكيف تستخدم ولماذا، وساعده في ذلك أيضاً صلته ببعض العطارين في مدينة "دمشق"، ونظراً لعدم وجود محل عطارة حينها في المحافظة، فبنى أول محل في السوق عام 1905، ولكن العمل الفعلي بدأ عام 1915، وكان المحل إضافة إلى المحال المجاورة تبيع أغلب المواد الغذائية إضافة إلى العطارة، لكن التخصص بالعطارة بدأ في عام 1945، حيث أصبح جدي يشتري الأعشاب الطبية التي تزرع في المحافظة، والتي تجمع في موسمها ليتم تخزينها وبيعها فيما بعد، إضافة إلى شراء بقية الأعشاب والبهارات من مدينة "دمشق" ومدينة "حلب"، وقد لاقت هذه الفكرة حينها قبولاً ومحبة من أهالي المحافظة لأنها وفرت عليهم الكثير من العناء سواء من ناحية السفر أو معرفة نوع العشبة التي يريدونها كدواء، وبعد عشر سنوات في عام 1955، توسع السوق حتى أصبح لدينا سبعة محال، واستمر الحال على ذلك حتى كبر الأبناء والأحفاد الذين بدؤوا يتوارثون المهنة حتى أصبح لدينا اليوم تسعة محال على جانبي السوق الذي يعرف بسوق "الحمزات"، وكذلك الشارع الذي أمامه».

السيد زيد الحلبي

وعن سر هذه المهنة وكيف يصبح المرء عطاراً؛ يتحدث السيد "منيف حمزة"؛ وهو أحد الأحفاد ويعمل بالعطارة بالقول: «هذه المهنة سهلة وصعبة في نفس الوقت، وسرها يكمن في معرفة العطار لكل أنواع الأعشاب وفي أي منحى يجب استخدامها سواء طبياً أو غذائياً، وخاصة معرفة المقادير المطلوبة لأن ما ينفع قليله قد يضر كثيره، وأنا قد جلست مع والدي مدة عشر سنوات قبل أن أتولى البيع بنفسي، وخاصة أنه في بعض الأحيان يأتي إليك من يسأل عن أعشاب قد لا يعرف اسمها، وعندما يشرح لي حاله فأقوم بإعطائه العشبة المناسبة وتحديد المقدار الذي يجب أن يتناوله».

أما عن ميزات هذه المهنة فيتابع السيد "منيف" بالقول: «مع أن هذه المهنة شعبية وربحها قليل، لأن الكثير من المواد لدينا يتراوح سعرها بين 50 والـ150 ليرة سورية، ولكن لهذه المهنة إذا أخلص لها المرء ميزات جميلة جداً منها ثقة الناس ومحبتهم له لأنهم يعدونه بمنزلة الطبيب، والكثيرون من الزبائن يأتون إلي ليتحدثوا بالخير عن جدي لأنه أعطاهم عشبة من نوع ما للشفاء من مرض معين وفي بعض الأحيان يداعبون بعضهم بعضاً إذا قال أحدهم إنه الآن لم يعد يستفيد من أي عشبة لمرضه، فيقول له الآخر لا يصلح العطار ما أفسده الزمن».

السيد أدهم حمزة

بقي أن نذكر أن سوق "الحمزات" يقع في نهاية ساحة الفخار من الجنوب، ويحده من الشرق شارع الاتحاد، ومن الشمال محال الأقمشة وصياغ الذهب، ومن الغرب سوق القمح الذي يعد امتداداً له.

شارع سوق الحمزات