من يرافق ورشات جني التفاح في بلدة "قنوات" يتلمس قيمة العمل، وما يقدمه لشريحة كبيرة من الفلاحين والعمال، ويرى الأجواء التي ترافق هذا الموسم

مدونة وطن "eSyria" جالت في حقول بلدة "قنوات" أثناء موسم جمع التفاح، حيث يلتقي عمال من مختلف القرى والمناطق قاصدين العمل في حقول غاية في الجمال تكتنز بالثمار التي تمثل مورداً زراعياً أساسياً لعمال البلدة وللعمال الموسمين من خارجها، ليكون لدى كل منهم فرصة للحصول على دخل مادي مناسب، وذلك وفق حديث الشاب "فادي شاهر عزي" الذي يشتري إنتاج بعض الحقول أي "يضمنها" -حسب التعبير الدارج- لهذا الموسم، ويقول: «مع النصف الثاني من شهر أيلول إلى بداية تشرين الأول من كل عام تنطلق عمليات قطاف التفاح في الحقول، فيكون موسماً طويلاً ومتعباً للفلاح، فالضمان يحتاج إلى أيد عاملة متواجدة لساعات طويلة على مدار اليوم، حيث ينطلق العمل مع طلوع الشمس للاستفادة من الوقت وتجاوز تغيرات المناخ التي قد تعود بالأذى على الإنتاج الذي كلف مبالغ كبيرة للوصول إلى نهاية الموسم».

ندخل هذه الحقول في ساعات مبكرة ولا نعود إلى منازلنا حتى حلول الظلام في أيام كثيرة، هنا وعندما يتسع الوقت للمرح نتفاعل معه، ولأن لدي هوايات رياضية أحاول تسلية رفاقي لنضحك للحظات ونعود إلى العمل بهمة ونشاط، وتجدهم يصورون بأجهزتهم الخلوية هذه الأوقات ذكرى لعمل نعيشه بمحبة ورغبة في رزق كريم

ويضيف: «من واجبنا مراقبة الورشة العاملة في الحقول للانتباه إلى طرائق القطف التي تعتني بحماية الثمرة كي لا تطبع عليها بصمات اليد وتجعلها قابلة للتلف وغير مناسبة للحفظ والتخزين، لأننا وبعد يوم عمل طويل ننقل التفاح إلى البراد لتبدأ عملية التصنيف؛ وهي عملية تستهلك الكثير من الوقت للحصول على كميات كبيرة صالحة للحفظ والتخزين في البرادات، أما الحبات التي تظهر فيها بقع فتورّد إلى الأسواق لتباع خلال مدة قصيرة وبسعر منخفض، والباقي من أحجام صغيرة إما لتصنيع الخل المنزلي أو المربيات للتموين لموسم قادم».

فادي شاهر عزي مع ورشة التصنيف بعد القطاف والنقل

عملية القطاف مجهدة يتقنها أهالي القرية لكن لا بد من الحاجة إلى أيد عاملة إضافية، كما حدثنا المزارع "نزيه زريفة" من بلدة "قنوات"، ويقول: «لا يمكن لأصحاب البساتين إنجاز عملية القطاف في أغلب الأحيان بلا الحاجة إلى ورشات كبيرة، فتجد في القرية في هذا الموسم عدداً كبيراً من الورشات يعرفها الأهالي، وهي مجموعات من الشباب من مختلف قرى المحافظة، تضم كل من تمكن من القيام بهذا العمل المجهد، وهنا تتسع ساحة العمل لأعمار مختلفة، فقد تكون الورشات عبارة عن عائلات أو مجموعات من شباب تشاركوا في ورشة، لتجد في البلدة حركة غير اعتيادية في هذا الموسم، تنتهي مع قدوم موسم الأمطار».

عملية جمع العمال والاتفاق مع الورشات تحتاج إلى وقت طويل؛ حدثنا عنها "رواد تيسير سلام" صاحب ورشة من قرية "طربا"، وهو ينقل ورشته للعمل في بلدة "قنوات" طوال الموسم، ويقول: «نتفق مع العمال وصاحب الحقل أو "الضمّان" على موعد القطاف، وأكون قد اتفقت مع عدد مناسب من العمال لا يقل عن 20 عاملاً وعاملة، أنقلهم يومياً إلى الحقل، ونعمل لما يزيد على ثماني ساعات يومياً لنتمكن من القطاف بسرعة وفق الاتفاق المعقود مع أصحاب الإنتاج، وعموماً فإن هذا الموسم يعتمد عليه العمال كمصدر رزق، وتجد لدينا مجموعة من الشباب والشابات يعملون معنا منذ عدة سنوات ويلتزمون بهذه الورشة، وهم من العمال النشيطين والملتزمين بالعمل، وهذا ما يجعلهم مطلوبين من قبلنا ومن قبل أصحاب الحقول، ومنهم عمال أقوياء ينقلون صناديق متعددة؛ فهنا العمل يتطلب قوة عضلية معينة».

رئيس الورشة رواد تيسير سلام

ويتابع: «قد يعمل في الحقل الواحد أكثر من ورشة لأن الظروف المناخية قد لا تخدم الفلاح في حال لم ينجز القطاف خلال هذا الشهر، ونجد في هذا الموسم إقبالاً كبيراً على العمل من قبل أهالي القرية والمناطق المجاورة ليتضاعف عدد العمال كثيراً خاصة هذا العام، وفي الظروف الحالية وارتفاع الأجور تبدأ يومية العامل من 1200 ليرة سورية، وتجد في الحقل عمالاً من مختلف المناطق والقرى يتعارفون وتنشأ بينهم علاقات طيبة أهمها تشارك الطعام وقضاء أوقات جميلة، فعندما نصل إلى البساتين في الأصبحة الندية لا نباشر القطف، وفي أغلب الأوقات نشعل النار ونتسلى بالأحاديث والغناء وننطلق ليوم عمل متعب لكنه جميل لأنه موردنا المالي الوحيد الذي نعتمد عليه».

لا مانع من اجتذاب لحظات المرح لنجد السائق "بهاء سيف" الذي يقوم بإيصال الورشة ونقل الإنتاج بسياراته يمرح مع العمال باللعب ببعض الثمار ككرات يدورها لعدد تجاوز الخمس أو الست حبات في لحظات للمرح، ويقول عنها: «ندخل هذه الحقول في ساعات مبكرة ولا نعود إلى منازلنا حتى حلول الظلام في أيام كثيرة، هنا وعندما يتسع الوقت للمرح نتفاعل معه، ولأن لدي هوايات رياضية أحاول تسلية رفاقي لنضحك للحظات ونعود إلى العمل بهمة ونشاط، وتجدهم يصورون بأجهزتهم الخلوية هذه الأوقات ذكرى لعمل نعيشه بمحبة ورغبة في رزق كريم».

السائق بهاء سيف ولحظات مرح مع الورشة

الجدير بالذكر، أن بلدة "قنوات" منتج أساسي للتفاح، وهي مستقر لعدد من غرف التبريد، كما أنها أحد الأماكن المناسبة للعمال في مواسم القطاف وعدة مواسم زراعية أخرى.