في مكان ليس ببعيد عن مركز المدينة وعلى الجانب الشرقي لطريق "السويداء" "قنوات" تلاقيك أشجار "السنديان" و"البطم" و"الملول" تفرش عباءة خضراء، كانت ميزة لهذه المنطقة والرئة التي تتنفس منها، امتداد خضري يغطي تضاريس المنطقة ويهديك لغابة حراجية عمرها تجاوز مئات السنين.

في هذا المكان الذي يحمل اسم محمية "الضمنة" ويقع على ضفاف قرية "قنوات" الأثرية تجد الشجر وكأنه حكواتي الأزمان الماضية ينثر قصصه من خلال سيقان السنديان المتشققة وجذور عانقت التربة عناقاً أبدياً، في هذه المحمية تشعر بأجواء الغابة الرطبة الكثيفة والحياة الطبيعية التي أخذت مساحاتها تتضاءل.

مزايا جميلة ونادرة تلك التي تجتمع في هذه المحمية التي أزورها للاستمتاع بتكوين طبيعي وتجمع فريد لأنواع من الأشجار الحراجية والعشبية، التي قد لا تجد نظيراً لها، ومن خلال الدراسة وعملي السابق في مجال الزارعة وخبرتي في الأشجار الحراجية تضاعف اهتمامي بهذا المكان الذي تعتبر رعايته أحد أهم المشاريع التنموية السياحية والعلمية في المحافظة، ومن وجهة نظري فإن ما تم تسجيله ومتابعته من فصائل نباتية ومعلومات من قبل دائرة الحراج عدد لا يستهان به، وقد تكون محوراً لعدد كبير من الأبحاث التي من شأنها تطوير الحراج وحمايتها كونها يخلق فرصة للمهتمين بمتابعة البحث والدراسة

عن المحمية وغاياتها حدثنا المهندس "نزيه عماشة" مدير حراج "السويداء" بقوله: «إعادة التوازن بين مكونات البيئة الأساسية والمحافظة على مصادر التنوع الحيوي النباتي والحيواني وعناصره والحد من التدهور الحاصل في الأنظمة البيئية الحراجية وحماية الغابة وتنميتها بالشكل المستدام كانت وراء تحديد هذه المنطقة كمحمية بيئية طبيعية، وتعتبرالمحمية ذات نظام بيئي غابوي مميز لما تتمتع به المنطقة من ظروف مناخية تميزها عن بقية المناطق المحمية في القطر، كونها تقوم على تربة بازلتية ومناخها متوسطي وهي جزء من الغطاء النباتي الذي يتسم بسمات سياحية، تحدها من الجهة الشمالية أراضي قرية "قنوات" التي تتميز بتغطية حراجية جيدة تتناغم مع المحمية وتشكل امتداد لها إلى حد ما، لكن الكثافة الحراجية أقل مما هو متواجد في "ضمنة السويداء"، وهي قريبة من الصروح الأثرية الهامة المتاخمة لحدود المحمية وهي متحف "السويداء" على بعد 500 م منها وآثار "سيع" و"قنوات".

المهندس نزيه عماشة مدير دائرة الحراج في السويداء

وقد تم اختيار مكان دائرة الحراج على الطرف الغربي لمحمية الضمنة لنكون قريبين من هذه المحمية الهامة جدا التي تتميز بتغطية حراجية عالية تتراوح بين 80 - 90 بالمئة في بعض المواقع، ولتكون عملية تنقل طواقم العمل ميسرة ضمن حدودها وهذا يساعد على حمايتها والمراقبة الدقيقة والصحيحة لدراسة واقعها من حيث دراسة النباتات إن كانت طبيعية أو عشبية أو نباتات حراجية معمرة».

عن النباتات الحراجية والتنوع النباتي والحيوي وطرق رعاية المحمية يضيف المهندس "عماشة" قائلاً: «في الضمنة لاحظنا أشجار سنديان تجاوز عمرها 300 عام وأشجار من البطم الأطلسي المعمرة، أشجار قوية تستمر برغم تشقق سيقانها ولا نستغرب أنها حافظت على اخضرارها مئات السنين، هنا تجد أشجار حراجية أهمها البطم والملول وشجيرات حراجية منها الزعرور والإجاص البري اللوز السماق وعشرات الأنواع من النباتات الطبية مثل "البابونج" "القراص" و"الحماض" و"الزعتر" وهي أنواع هامة ومطلوبة للصناعة الدوائية، ونباتات عطرية نادرة أشهرها "الخزامى" ونباتات المائدة مثل "الرشاد البري" و"الكزبرة" و "العكوب" والفطور بأنواعها، باقة نباتية غنية تترافق بنمط فريد من الحياة البرية طيور وحيوانات تم تصنيفها ومراقبة مواعيد ظهورها.

خليل الباشا رئيس نقابة عمال التنمية الزراعية

وبالنسبة لحراج "السويداء" ومن خلال المعرفة بطبيعة الأشجار الحراجية في هذه المنطقة فإن الرعاية تتم ضمن مسارات طبيعية أي أننا لا نتدخل أي تدخل عارض لنترك النباتات ضمن الأجواء الطبيعية، وهذه عملية دقيقة تحتاج للمتابعة وهذا ما يفرض عدم اعتماد الري حتى في أكثر الفصول جفافاً ويتبع لذلك مجموعة من الأعمال التي تشمل خطة سنوية للترقيع من الأنواع الموجودة ضمن طرق علمية مدروسة، وهذا العام يجري العمل على ترقيع 500 دونم وباقي الإجراءات تسير على هذا المبدأ لنحافظ على هذه المحمية بكل ما فيها من مزايا، وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أن السلسلة الحياتية متكاملة نحاول العمل ضمن قوانينها لعلنا ننجح في المحافظة على بقعة تعتبر من أغنى المناطق بالحياة».

"الضمنة" مشروع تنموي علمي حسب رأي السيد "خليل الباشا" بوصفه مختص في مجال التقليم وفي الوقت الحالي رئيس لنقابة عمال التنمية الزراعية حيث قال: «مزايا جميلة ونادرة تلك التي تجتمع في هذه المحمية التي أزورها للاستمتاع بتكوين طبيعي وتجمع فريد لأنواع من الأشجار الحراجية والعشبية، التي قد لا تجد نظيراً لها، ومن خلال الدراسة وعملي السابق في مجال الزارعة وخبرتي في الأشجار الحراجية تضاعف اهتمامي بهذا المكان الذي تعتبر رعايته أحد أهم المشاريع التنموية السياحية والعلمية في المحافظة، ومن وجهة نظري فإن ما تم تسجيله ومتابعته من فصائل نباتية ومعلومات من قبل دائرة الحراج عدد لا يستهان به، وقد تكون محوراً لعدد كبير من الأبحاث التي من شأنها تطوير الحراج وحمايتها كونها يخلق فرصة للمهتمين بمتابعة البحث والدراسة».

لقطة من المحمية

وعن "الضمنة" نضيف : أنها تمتد على مساحة 6531 دونماً، تغطيها 117600 شجرة وترتفع 1100 إلى 1200 متراً عن سطح البحر.