على أعلى تلة وسط بلدة "المزرعة" التي تبعد عن مدينة "السويداء" باتجاه الشمال الغربي مسافة 12كم، يبصر الزائر مقام السيدة "أم شدوخ"، الذي يتموضع فوق بناء روماني قديم راسماً مشهداً من التزاوج بين الحاضر والماضي العتيق بأبهى الصور.

مدونة وطن "eSyria" زارت هذا المكان بتاريخ 7 نيسان 2014، والتقت السيدة "نسيبة عز الدين" إحدى الزائرات، فقالت: «نحن منذ الطفولة كنا نرى أهلنا يأتون إلى هذا المكان بقصد طلب البركة، أو بقصد الزيارة للمتزوجين حديثاً أو بقصد إيفاء النذور، أو بقصد التقرب من الله عبر مقام هذه السيدة الفاضلة التي عاشت مع النبي "أيوب" أيام محنته، والتي استمرت كما يقال ثمانية عشر عاماً، كما أننا نشعر عندما نكون هنا بأننا في زمن آخر يحاكي زمن النبي "أيوب" سلام الله عليه».

يتكون البناء من مدخل وصالة للاستقبال بمساحة سبعة أمتار في الطول وخمسة أمتار في العرض، ويضاف إليه غرفة صغيرة حجم أربعة أمتار بأربعة أمتار، وهي الغرفة التي تحتوي المقام، والبناء مخدم بالكهرباء والماء، إضافة إلى تأمين وسائل راحة للزوار، مثل: مغاسل، وأماكن لوضع حاجياتهم

الأستاذ والباحث "مجيد الحسين" تحدث عن أساس تسمية هذا المقام بالقول: «"أم شدوخ" هي السيدة "رحمة" زوجة النبي "أيوب" حسب ما ذكر في مصدر الألوسي في ص354، ويقال في نسبها: إنها السيدة "رحمة بنت أفريام بن منسي بن يوسف الصديق ابن النبي يعقوب". وكلمة "شدوخ" في اللغة كما ورد في قاموس المنجد في اللغة العربية تعني الغرة الواسعة على الوجه، لذلك نرى بعض أهالي البلدة ينادونها باسم إخراجي وهو "أم جدول" وتعني ذات الشعر الطويل».

الأستاذ مجيد الحسين

الباحث في الآثار ومدير الآثار السابق في "السويداء" الأستاذ "حسن حاطوم" قال: «"أم شدوخ" مقام ديني يقع في البلدة القديمة من بلدة "المزرعة"، شيد على تلة ترتفع عن ساحة البلدة 30 متراً، وهو بناء مقام على قناطر إسلامية قديمة من عقد الريش (حجارة نحتت على شكل مستطيل ليقوم من يعمل بالبناء بصفها بشكل متداخل ومتقابل مثل شبك أصابع اليد)، والقنطرة هي اختراع عربي منذ زمن الأكاديين، وقد وجدت في بلاد ما بين النهرين وكانت تبنى من اللبن والقرميد منذ الألف الثالث قبل الميلاد، أي منذ أيام الأشوريين والآراميين، ومن ينظر إلى بناء السيدة "أم شدوخ" الذي يرتفع إلى مستوى الطابق الثاني بالنسبة إلى التلة نفسها التي يتربع عليها، يرى أنه مشاد من الجهة الشمالية على خمس قناطر حملته بشكل جانبي، أي إن الحامل الشمالي للبناء هو هذه القناطر، بينما تكون التلة نفسها هي الحامل لبقية الجهات، وهنا نرى الحرفة في العمل عندما يصنع العامل في هذه القناطر ما يسمى بالجل الجبلي، والأجمل في المكان أن المبصر لا يرى إلا قنطرة واحدة فقط، حيث نرى قواعد هذه القنطرة الحجرية التي بنيت في الأساس على الصخر، ويعود تاريخها إلى أواخر العصر العثماني أي إن عمرها لا يتجاوز الثلاثمئة سنة، ثم نرى في الطابق الثاني جدراناً من الحجارة المهدمة وهي ما كان يسمى بجدران "الكلين"، وهي جدران عريضة لها بانية حجرية من الخارج وبانية داخلية حجرية أيضاً من الداخل، ويتم وضع حجارة صغيرة مع بعض الطين في المسافة الفاصلة بينهما؛ التي تتراوح بين 80سم والمتر، وذلك لكي يتماسك الحجر وهذا من أجل الحرارة والبرودة في الصيف والشتاء، كما نرى في النهاية الغرفتين اللتين تم ترميمهما عام 1980، ليصار في عام 2012 إلى ترميم المقام كاملاً وتحسين بنائه عبر بناء قبة وتزيينها بالسور القرآنية، كما أنه تم تحسين المدخل وكساؤه بالحجر البازلتي».

الأستاذ "عماد شمس الدين" رئيس بلدية "المزرعة" قال: «يتكون البناء من مدخل وصالة للاستقبال بمساحة سبعة أمتار في الطول وخمسة أمتار في العرض، ويضاف إليه غرفة صغيرة حجم أربعة أمتار بأربعة أمتار، وهي الغرفة التي تحتوي المقام، والبناء مخدم بالكهرباء والماء، إضافة إلى تأمين وسائل راحة للزوار، مثل: مغاسل، وأماكن لوضع حاجياتهم».