تعتبر نقطة وصل بين عدد من القرى في المنطقة الشرقية من المحافظة، حيث يطلق عليها أهالي المنطقة "أهل الحبيس" كناية عن السجن أو الحبس الذي يعود إلى مئات السنين، وما زالت معالمه قائمة إلى اليوم، وتشتهر القرية بالزراعة وتربية المواشي.

إنها قرية "رضيمة الشرقية" آخر القرى في الشمال الشرقي من المحافظة، والتي تمتد أراضيها لتصل إلى صحراء "الحماد" شرقاً، وتلامس الوديان التي تتدفق هناك بعد شتاء عاصف، وتحدها جنوباً قرية "عراجة"، وهما في الأصل تتبعان تاريخياً إلى بلدة "شقا" إحدى المدن العشر أيام الرومان مع بداية التاريخ الميلادي.

غير أن الذي يميز قريتنا هو تواجد الإخوة من الطائفة المسيحية الكريمة هنا منذ أن نشأت القرية في العصر الحديث، مثل آل "النوح"، وآل "الفرح"، وآل "الناقولا"، وآل "السعد"، فهم يعتبرون جزءاً مهماً من أركان القرية، واستقر ببعضهم الحال في العاصمة أو في مدينة "شهبا"، ولكن بيوتهم ما زالت مفتوحة، وأرضهم تزرع وتحصد إلى الآن، وفي الأعياد المجيدة يتواجدون بين أهلهم وناسهم هنا، ويمارسون طقوسهم في كنيستهم التي بنيت بتعاون من جميع السكان في القرية

مدونة وطن eSyria زارت القرية والتقت بتاريخ 29/1/2013 السيد "زيد الصحناوي" مختار القرية، الذي تحدث عن أصل التسمية، وكيف سكنت حديثاً، موضحاً بالقول: «يقال إن اسمها المحلي هو "رضيمة العليا" وهو عائد لمواقف الفخر والعز التي يتغنى بهما أهل القرية، وقد تكون عائدة إلى التل الذي يحاذي القرية من الشمال ويدعى "تل عليا" الذي يتربع على سفحه مقام الشيخ "سراقة" أحد أولياء الله الصالحين.

كنيسة القرية

وقد سميت رسمياً "رضيمة الشرقية" لكونها آخر القرى الموجودة في شرقي المحافظة، وهناك اسم محلي أيضاً وهو دارج بشكل كبير بين العامة، فيطلقون عليها "أهل الحبيس" كناية عن السجن أو الحبس الذي يعود إلى مئات السنين، وما زالت معالمه قائمة إلى اليوم، أما الاسم الأول لها فلا فكرة مؤكدة لدينا عن معناه، وهي على الأرجح اسم محلي عائد نسبة للحجارة الكبيرة التي تحيط أرضها من كل الجهات.

وقد وصل عدد من العائلات للسكن فيها عند منتصف القرن الثامن عشر، وهم على وجه التحديد آل "الصحناوي"، وآل "صالحة"، وآل "درويش"، قبل أن يأتي عدد آخر من العائلات الباحثة عن الاستقرار والعيش الكريم، خاصة مع الظلم الذي لاحقهم بسبب الاحتلال العثماني ورجالاته، ومنهم آل "الكفيري"، وآل "شلغين"، وآل "أبو حسين"، وآل "الجباعي"، وآل "الركاب"، وآل "دمج"، وآل "صعب"، وآل "عطا الله"، وآل "الحلبي"، وآل "صلاح"، الذين انتقلوا للعيش في ناحية "شقا" بعد الثورة السورية الكبرى».

السيد ""زيد الصحناوي"

يتابع: «غير أن الذي يميز قريتنا هو تواجد الإخوة من الطائفة المسيحية الكريمة هنا منذ أن نشأت القرية في العصر الحديث، مثل آل "النوح"، وآل "الفرح"، وآل "الناقولا"، وآل "السعد"، فهم يعتبرون جزءاً مهماً من أركان القرية، واستقر ببعضهم الحال في العاصمة أو في مدينة "شهبا"، ولكن بيوتهم ما زالت مفتوحة، وأرضهم تزرع وتحصد إلى الآن، وفي الأعياد المجيدة يتواجدون بين أهلهم وناسهم هنا، ويمارسون طقوسهم في كنيستهم التي بنيت بتعاون من جميع السكان في القرية».

أما عن الأعمال التي يمارسها الناس، فقال السيد "هنيدي درويش" رئيس الجمعية الفلاحية السابق: «يبلغ عدد سكان القرية ثلاثة آلاف وثلاثمئة نسمة، ويقطنها حالياً حوالي الألفي نسمة، حيث اختار بعضهم الذهاب وراء لقمة العيش، والاستقرار في العاصمة، أو في مدينة "جرمانا" في "ريف دمشق"، أو في مدينة "شهبا"، وأغلبية سكانها فلاحون يعملون في الأرض، يزرعون القمح والشعير والحمص والعدس، والأشجار المثمرة مثل الزيتون واللوزيات التي أثبتت نجاحها في بيئتنا، وكذلك بدأ الفلاحون بزراعة الحمضيات بشكل قليل نسبياً ولكنها جيدة، أما العنب فلم ينجح هنا كثيراً، ومعظم الناس يقوم على تربية المواشي من غنم وماعز وأبقار، حيث يوجد 120 رأس بقر، وثلاثة آلاف رأس غنم وماعز.

قرية رضيمة الشرقية من غوغل إرث

أما مساحة الأرض الزراعية فتبلغ 27 ألف دونم، موزعة على الفلاحين على شكل حصص وأسهم، وهناك أرض شاسعة، ولكنها غير زراعية، وتبلغ مساحتها 83 ألف دونم، وهي تابعة لأملاك الدولة، وحق الانتفاع يعود لأهالي القرية الذين يرغبون بالزراعة في الأرض الصالحة».

رئيس البلدية في قرية "الجنينة" التي تتبع لها قرية "رضيمة الشرقية" الأستاذ "بهيج الصحناوي" تحدث عن الخدمات والبنية التحتية في القرية، والمشاريع التي نفذتها البلدية، بالقول: «تكمن أهمية القرية باعتبارها نقطة وصل بين عدد من القرى في المنطقة الشرقية من المحافظة، وهي قرى "دوما، عراجة، بارك، الجنينة"، تبلغ مساحة المخطط التنظيمي 97 هكتاراً، ومساحة الأراضي الزراعية 30300 هكتار، والمستثمر منها 18590، وقد اعتمدت القرية كمركز للهاتف في هذه القرى، وفيها مدرستان للتعليم الأساسي، ومركز صحي يقدم الخدمات الطبية المعتادة من إسعافات أولية ورعاية صحية ولقاحات دورية للأطفال، وهناك شبكة كاملة من المياه والكهرباء والهاتف تخدم القرية كلها، بالإضافة إلى بئر ماء ارتوازي مخصص لمياه الشرب، وآخر قيد التشغيل مخصص للزراعة فقط لتطوير الواقع الزراعي هناك.

أما الأعمال التي نفذتها البلدية في القرية فهي مد وتعبيد قمصان إسفلتية، وإعادة ترميم الإضاءة للشوارع، أما المشروع المشترك مع القرى فهو تعبيد طريق بقيمة مليوني ليرة سورية، بالإضافة للإشراف على المدارس من خلال حراثة الحدائق وتقديم التربة المناسبة، وزرعها بالأشجار المثمرة، بالإضافة إلى عدد من الطرق يتم الانتهاء من الاستملاكات للتنفيذ».

يضيف: «لم تكن القرية بعيدة عما كان يجري في الجبل أيام الاحتلال العثماني، وبعده الفرنسي، وقدمت عدداً كبيراً من خيرة شبانها، وبحسب عدد من الكتب التاريخية التي وثقت للثورات في الجبل مثل كتاب "حوران" الدامية، وكتاب الثورات الكبرى في الجبل، وكتاب مذكرات "سلطان باشا الأطرش"، فقد استشهد "سلمان صالحة" في معركة "المفعلاني" الشهيرة ضد الأتراك، وكل من "حمد الصحناوي"، "سلمان الصحناوي"، "جديع درويش"، "أسعد أبو رسلان، "سليمان الحلبي"، "مرعي أبو رسلان"، "مرعي برجاس"، "أسعد برجاس"، "ظاهر ركاب"، "عبد الله ركاب"، "ذياب صلاح"، "صلاح صلاح"، "سليم الجوهري"، "قاسم دمج"، "صالح دنون"، "علي الينطاني"، "حمد الحسين" في معارك الثورة السورية الكبرى، وهو ما يثبت أن البعد الجغرافي للقرية عن الأحداث التي عصفت بالجبل لم تمنع الأهالي من الدخول في هذه المعارك، لأن الجرح في الجسم السوري واحد».