مع استمرار عمل البعثة الوطنية في قرية "سيع" النبطية الأثرية، تبدو المكتشفات النقدية الجديدة عاملاً مساعداً لفهم تلك الحقبة "النبطية – الرومانية" من عمر المنطقة من حيث الديانة المتبعة، والحياة الاجتماعية والسياسية للسكان.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأستاذ "حسين زين الدين" مدير دائرة الآثار والمتاحف في "السويداء"، بتاريخ 30 آب 2014، فتحدث عن هذه العملات وفق دراسة أولية بالقول: «يحتاج البحث في هذا النوع من المكتشفات المهمة إلى دراسة عميقة يقوم بها فريق عمل متخصص في آثار هذه الحضارة، وجاءت أعمال التنقيب في موقع "سيع" الأثري لموسم عام 2013 استمراريّة لأعمال التنقيب التي جرت في الموسمين الماضيين.

كل ما يمكن الكشف عنه في المواقع الأثرية هو مهم جداً، فكيف إذا حصلنا على قطع نقدية موثقة التاريخ والمصدر، وفي "سيع" تحتاج هذه القطع إلى دراسة مفصلة لمقارنة التواريخ مع ما اكتشف من وثائق وآثار؛ لمعرفة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تحكم تلك الفترات، وعلاقة "سيع" مع كل المدن والإمبراطوريات القائمة في تلك الفترات

وتمّت على فترتين متعاقبتين؛ الأولى بدءاً من تاريخ 11 لغاية 31 آب 2013، والفترة الثانية بدءاً من تاريخ 6 ولغاية 28 تشرين الثاني 2013، وتركزت أعمال البعثة بمجملها في الباحة الثانية، وأفضت إلى إنجاز العمل وبشكل كامل في هذه الباحة بدءاً من البوابة النبطية في الشرق وصولاً إلى بوابة الباحة الأولى، أو ما تسمّى ببوابة "الثياترون" في الغرب، ومن الطرف الشمالي المُغيّب المعالم حتى الجدار الجنوبي الذي لم يتبق منه إلا بضعة أجزاء من المدماك الأول وفي مواضع متفرِّقة، هذا فيما يخص العمل طوال الموسم الماضي الذي تم الكشف فيه عن عدد كبير من العملات النقدية».

الربة تكرم الإمبراطور قسطنطين

وتابع يصف تلك العملات من حيث الشكل ومكان وزمان الإصدار: «حملت القطعة النقدية الأولى للسيدة "جوليا ماميا" والدة الحاكم "ألكسندر سيفيروس" 222 ـ 235م، وكان مركز الظهر يحمل رأس الإله "ذو الشرى" النبطي، وهي من إصدار مدينة "بصرى"، والقطعة الثانية تمثل الإمبراطور "ماركوس أوريلوس كاروس" 280 ـ 283م، ومركز الظهر يمثل الإمبراطور نفسه وهو يلتقي إله الشمس، أما الثالثة فهي للإمبراطور "ديوقليتيانوس" 284 ـ 305م، وقد جاء في مركز الظهر ربتا الوفاق والوئام، وحملت الرابعة صورة الإمبراطور "قسطنطين" 305 ـ 337م، وهي من إصدار حمل رأس الربة "روما" وحمل مركز الظهر ذئبة ترضع الطفلين "ريموس، ورومولوس" من إصدار مدينة "تيسالونيك".

وحملت الخامسة إلى العاشرة صورة لنفس الإمبراطور "قسطنطين"، ولكنها تختلف من الظهر والإصدار ففي كثير من القطع تقوم الربات بمباركته، وهناك قطع فيها عبارات رومانية يلفها إكليل، أما القطع الأخيرة فكانت تحمل وجه رأس قسطنطين الثاني "كونستانتيوس" 337 ـ 347م، ويختلف الظهر بين قطعة وأخرى ومكان الإصدار».

جوليا ماميا

وعن أهمية هذه المكتشفات النقدية للباحثين في الآثار، أوضح الأستاذ "وليد أبو رايد" الباحث في آثار المنطقة الجنوبية بالقول: «كل ما يمكن الكشف عنه في المواقع الأثرية هو مهم جداً، فكيف إذا حصلنا على قطع نقدية موثقة التاريخ والمصدر، وفي "سيع" تحتاج هذه القطع إلى دراسة مفصلة لمقارنة التواريخ مع ما اكتشف من وثائق وآثار؛ لمعرفة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تحكم تلك الفترات، وعلاقة "سيع" مع كل المدن والإمبراطوريات القائمة في تلك الفترات».