لشجرة التوت المعمرة في قرية "حبران" قصص وحكايات تروي 700 عام من الذكريات، ومازالت تنتج وتقدم خيراتها للمجتمع والأفراد، ويستظل في فيئها الكهول والشبان، لتبقى صامدة بوجه الزمن والصواعق.

وحول العلاقة الاجتماعية بين شجرة التوت المعمرة وبين الأهالي؛ مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 شباط 2015، التقت "صالح مرشد" من سكان قرية "حبران"، فبيّن قائلاً: «منذ عقود عندما كنا صغاراً كنا نأتي إلى شجرة "التوت" الوافرة بظلالها ونتاجها لنتناول منها ما نشاء، فهي لا تبخل علينا بالعطاء، ولهذا فقد تكونت علاقة اجتماعية حميمية بيننا وبينها، حتى أصبحنا نتماهى مع جلسة في ظلها، نتسامر ونتبادل الأحاديث وتعقد الجلسات والمشاورات، وأغلب الأحيان كانت تحل النزاعات تحت ظلال أغصانها بتشابك الأيادي وتصافحها على "كوز التوت"؛ حيث يتناول المتخاصمان من ثمارها تعبيراً عن المصالحة.

تعد شجرة التوت في منزلنا عاملاً مهماً في حياتنا الاجتماعية، فهي تضفي علينا جواً من الفرح والعطاء الدائم، فعبر إنتاجها الذي تقدمه للأسرة تساهم برفد حياتنا المعيشية اليومية بإنتاج سنوي وفير، إضافة إلى أنها عامل جذب للضيوف والمهتمين بها، فقد زارنا الكثيرون ليشاهدوها ويتصوروا أمامها، جذبتهم غرابتها وهي المقسومة إلى نصفين لأسباب وعوامل طبيعية

إضافة إلى ما تحمله من ذكريات الأهل والأجداد؛ فالناظر إليها يشعر بقيمتها التاريخية، وكيف لم تستطع عوامل الطبيعة والصواعق أن تقتلعها من جذورها، ناقلة ثقافة صمودها إلى أهالي "حبران".

السيد صالح مرشد

وحول صمود شجرة التوت وبقائها حية رغم الزمن وما تعرضت له من عوامل جوية طبيعية؛ حدثنا عبر الهاتف السيد "فواز العنداري" مالك الشجرة قائلاً: «من المعلوم أن الشجرة إذا تعرضت لصاعقة قوية فتقسمها إلى قسمين، لكن هذه الشجرة لم تستسلم كلياً للصاعقة والعوامل الجوية والطبيعية، ورغم أنها تسببت بقسمها إلى نصفين إلا أن ذلك لم يؤثر فيها كثيراً من حيث الإنتاجية، بل زادتها غرابة وفرادة. كما أن تعرضها سنوياً للهطولات الثلجية أدى لانحنائها باتجاه الأرض بفعل الجاذبية، فأغصانها مدعومة على بعد 2 متر، ومدعومة من قبل الأهالي بالحفاظ عليها، وهذا يدل على احترام الناس لها ولتاريخها ولما قدمته من خيرات، فهي دائمة العطاء حتى الآن، وتساهم برفد الاقتصاد المنزلي بعائد وفير من إنتاجها السنوي، إضافة إلى تأثيرها النفسي والاجتماعي والإنساني في القرية، فهي منتزه ومصيف ومجمع للأصدقاء والمحبين وأصحاب الرأي السديد في المجتمع».

الباحث المهندس الزراعي "رافع أبو سعد" أشار إلى مواصفات شجر التوت بالقول: «تكثر في قرية "حبران" أشجار التوت الشامية فهي غارقة في القدم وتزين المنازل القديمة، ومن الأشجار العملاقة شجرة في بيت المرحوم "حيدر كبول" التي تغطي مساحة 200 متر مربع، وتتفرع فوق سطح المنزل ويبلغ محيط ساقها 190سم وارتفاعها قرابة 9 أمتار، وتوجد شجرة مماثلة في بيت "حسين أبو فرحات" وفي حديقة "حسين أبو سعد"، ولكن أكبرها شجرة التوت في منزل "فواز العنداري" المقسومة إلى قسمين، واللافت في الأمر أن محيط الساق حوالي 4 أمتار ويمتد في كافة الاتجاهات، ونتذكر ونحن صغار كم كنا نلعب تحتها ونتسلقها ونتناول ثمارها ونحنّي أيادينا بألوانها.

حسن العنداري في منتصف الشجرة

وعلمياً تعد شجرة التوت من الأشجار المعمرة ذات العطاء والإنتاج الدائمين، وعلمياً يمكن أن يصل عمرها إلى آلاف السنين، أما هذه الشجرة فيقدر المهتمون في التنقيب التاريخي والعلمي عمرها بأكثر من 700 عام، مشاركة صاحبها في الإنتاج وتحمل مسؤولية العيش، حيث تقدم له سنوياً إنتاجاً يقدر بعشرات الألوف من الليرات، فهي ونيسة لمالكها، ومانحة للمحتاج، ومحبة للناس في مناسبات السمر والصلح تحت ظلالها».

الشاب "حسن العنداري" نجل صاحب الشجرة؛ بيّن تأثيرها اجتماعياً في العائلة قائلاً: «تعد شجرة التوت في منزلنا عاملاً مهماً في حياتنا الاجتماعية، فهي تضفي علينا جواً من الفرح والعطاء الدائم، فعبر إنتاجها الذي تقدمه للأسرة تساهم برفد حياتنا المعيشية اليومية بإنتاج سنوي وفير، إضافة إلى أنها عامل جذب للضيوف والمهتمين بها، فقد زارنا الكثيرون ليشاهدوها ويتصوروا أمامها، جذبتهم غرابتها وهي المقسومة إلى نصفين لأسباب وعوامل طبيعية».