اكتشفت أن الأرض الملأى بالحصا والحجارة أمام منزلها يمكن أن تكون متنفساً رحباً ومنظراً مميزاً، فصنعت بيديها حديقة مكونة من عدة أقسام تجمع بين الترفيه ومصدر رزق من خضار وفاكهة.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "مادونا الجرماني" في حديقة منزلها بقرية "أم الزيتون"، بتاريخ 20 تشرين الثاني 2014، التي تحدثت عن كيفية تحويل قطعة ميتة من الأرض إلى مكان خصب يعج بالألوان، وتقول: «في البداية كنت عازمة على ترتيب الحجارة الصلبة فقط المنتشرة في كل الأرض لإيجاد مكان أزرع فيه الخضار، حيث يكون محاطاً على كامل المساكب، فقمت بزرع الأشجار من السرو المعطر، والإجاص واللوز والزيتون، وبعد مدة قسمت المكان لعدة أقسام، فكان القسم الشمالي مخصصاً للخضار، والقسم الجنوبي يحوي الكوخ في وسطه، وفي الغرب قطعة للأشجار والخضار مع ممرات طرقية، وزينة من توالف البيئة المعلقة بجانب (الخلقينة) التراثية القديمة المخصصة (للسليقة)، والجانب الشرقي خصصته لبركة السباحة والنافورة وبيتاً للكلب، مع العلم أنه لا يوجد كلب في المنزل، ولكنه أضفى على المكان جمالاً خاصاً، ومن ثم فرشته بالحصا الهش الصغير، وأحطه بورود الزينة والدواليب البالية التي زينتها، وكان الكوخ الذي صنعته من بقايا الأخشاب المخصص للبناء قد أخذ مني وقتاً ليس بالقليل، فقد حرصت على تجميل الأخشاب ودهنها وتلميعها بمادة "اللكر"، وقام زوجي بإهدائي المقاعد الحديدية والطاولة، وكان الفرش من السجاد الذي يزيد عمره على سبعين عاماً، فقمت بتزيينه بمناظر من السيراميك الذي أصنعه بنفسي، وفي صدر الحديقة أمام المنزل وضعت الخابية والجرار الصغيرة مع شجرة السور المعطر، وخلفها زينت الشبابيك بألوان تشبه الخشب، وكذلك فعلت نفس الشيء بالمغسلة، فيظن من يراها أنها كلها من خشب، وهكذا كانت الحديقة في الربيع جنة كاملة، وفي كل يوم يطرأ عليها جديد».

يأتي عمل السيدة "مادونا" استكمالاً لمواهبها المتعددة مثل الفن التشكيلي وصناعة السيراميك، وهي تزين بيتها من الداخل بالمناظر والرسومات والأشكال الفنية المبدعة، وكل من يدخل منزلها يكتشف أن كل الديكور من تصميمها، وليس غريباً عليها أن تصنع هذه الحديقة من التوالف والقطع المهملة والمكسورة والبالية لتحولها إلى مناظر جميلة، وللعلم فهي لم تحصل على تعليم كاف، ولم تتعلم درساً من أحد، وكل ما تقوم به من بنات أفكارها وإبداعاتها، وهي مثال للمرأة التي تقف مع الرجل، وتعينه في الحياة التي تجملها بطريقتها الخاصة

وتتابع حول كيفية تحويل المعادن والأشياء المهملة إلى تحف فنية، وتقول: «وجدت عدداً من الأشياء الملقاة في زوايا الحديقة دون أي عمل، وكان منظر برميل المازوت غريباً ومنفراً وسط الأخضر فألبسته قطعة قماش، ودهنتها، ولونتها بما يناسب الحديقة، ووضعت على ظهره جرة صغيرة، وقد فرشت الأرض بالرمل البحري، وزرعت كل ما يمكنني الحصول عليه من نباتات طبية وزينة مثل: (فرشة العروس، السوسن، الصبار، الجوري، الأقحوان، نخلة الزينة، وردة تشرين، الحبق، الزعتر، الخزامى، إكليل الجبل، المردكوش، المليسة، تم السمكة)، وكانت كل قطعة خشبية أجدها تحتل مكاناً في تسوير جزء من الأقسام الأربعة، وفي كل قسم حاولت أن أجد مساحة تفصله عن الجدار الخارجي المؤلف من الحجارة البازلتية، وإيجاد مقاعد للجلوس واستجمام في المساء والصباح، ومراقبة الحديقة».

الكوخ وضيوفه

أما عن نساء الحارة والقادمين إليها للزيارة وردة فعل الناس على عملها، فأكدت: «يعلم الجميع أنني أقوم بأشياء فنية عديدة، ولكن النساء كن يندهشن بما أقوم به في الحديقة، وخاصة في مجال الزينة، فموضوع الخضار والفاكهة أمر عادي وكل النساء تحرص على وجود المساكب الخاصة في المنزل إن وجد المكان المناسب للزراعة، أما عمليات التزيين فكانت لها حكايات كثيرة ملأى بالضحك، والحقيقة إن الحديقة جعلتني امرأة أخرى ملأى بالنشاط والحيوية، وهي إضافة إلى المتعة والجلسة الجميلة مدت المنزل بما يحتاجه من الخضار النظيف والطازج دون الاستعانة بأحد، وعلمتني معنى الصبر واقتراح الحلول مما حولي من توالف وقطع لا قيمة لها».

أما جامع التراث المعروف "جمال مهنا"، وقريب السيدة "مادونا الجرماني" فيقول: «يأتي عمل السيدة "مادونا" استكمالاً لمواهبها المتعددة مثل الفن التشكيلي وصناعة السيراميك، وهي تزين بيتها من الداخل بالمناظر والرسومات والأشكال الفنية المبدعة، وكل من يدخل منزلها يكتشف أن كل الديكور من تصميمها، وليس غريباً عليها أن تصنع هذه الحديقة من التوالف والقطع المهملة والمكسورة والبالية لتحولها إلى مناظر جميلة، وللعلم فهي لم تحصل على تعليم كاف، ولم تتعلم درساً من أحد، وكل ما تقوم به من بنات أفكارها وإبداعاتها، وهي مثال للمرأة التي تقف مع الرجل، وتعينه في الحياة التي تجملها بطريقتها الخاصة».

جانب من الحديقة

يذكر أن، السيدة "مادونا الجرماني" من مواليد العام 1972، متزوجة من السيد "هشام مهنا"، ولديهما ثلاثة أولاد.

قسم الخضار من كل الأصناف