الملخص : على الرغم من حداثة سنه في الأدب والإبداع الروائي، إلا أنه اكتسب شهرة واسعة في الوسط الثقافي من خلال الإشكاليات التي خاض غمارها في عمليه الروائيين "جبل النهاية"، و"جبل البداية"، اللتين طرح من خلالهما قصة الخلق، غير أن القصة بدأت من مذكراته التي أشبعها كذباً ليملأ صفحاتها البيضاء.

مدونة وطن "eSyria" التقت الروائي "فواز عزام" في مقر مطبعته "دار البلد" في مدينة "السويداء" يوم الأحد /18/ تشرين الثاني /2013/ وكان اللقاء التالي:

"جبل النهاية" كرواية تعتمد تقريب المعتقدات والأفكار لأسطورة نهاية الخلق المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبداية وهي قصة "آدم" و"حواء"، حيث اعتمد الكاتب فيها مغامراً أسلوب السرد عن طريق العنونة الروائية، وبذلك مزج ناجحاً بين القص والرص! حيث كانت مزجاً بين الرواية والقص الأسطوري، وهذا أدى إلى تفردها، أما من حيث اللغة فإن البساطة اللغوية التي اعتمدها الكاتب على السرد اللغوي والصوري دون إسراف في اللغة أدى إلى محاكاة القارئ، وبهذا يكون الروائي "فواز عزام" قد نجح في جذب المتلقي لما يريده

  • إلى أين وصلت بعد عملين مهمين في الرواية العربية؟
  • الرواية الأولى "جبل النهاية".

    ** الحلم الأقرب لي ينطلق من جملة تقول: إن النظرية ليست نقطة البداية، والنقطة الأقرب لي هي بنظرية جديدة أبحث عنها في الرواية العربية، فعلى المستوى النقدي نحن أمام قسمين من النقاد: الأول يقول: إن الرواية العربية بدأت منذ /400/ سنة، وبعضهم قال: إن الرواية بدأت مع "نجيب محفوظ"، وعندما كنت أكتب روايتي "جبل النهاية" توفي "نجيب محفوظ"! وأنا كروائي غير مقتنع بنظرية كلاسيكية الروائية، لذلك أكتب الرواية التجريبية، ومصرّ عليها لعدم وضوح النظرية في الرواية العربية، على الرغم من المحاولات الكثيرة للروائيين العرب، فرواية "ممدوح عزام" علامة فاصلة في الرواية، لكنها محاولات شخصية، والباقي كانت ملامح أو تخبط أو...

  • لماذا "جبل النهاية" أولاً، وليس "جبل البداية"؟
  • ** كان الأرق في داخلي من قصة الخلق! كان بمنطقية العقل أن أبدأ برواية "جبل البداية"، لكنني رأيت من الصائب أن أنهي قصة الخلق الطاغية في كل النفوس أو الأسطورة التي يحملها الجميع، أنهيها على طريقتهم وأبدأ من جديد "جبل البداية" على طريقتي، لأنهيها بالنبي "آدم" كرسول حب.

  • ما الأسلوب الذي تتبعه في الكتابة الروائية بعد هذا الذي ذكرت؟
  • ** أعتمد على أسلوبية التقمص العاطفي، وهو حب المعرفة في النص دون قصد، فأنا أتبع مدرسة "التجريب" للحس أكثر من العقل، أكتب عشر صفحات متتالية دون تفكير فيما أكتب! ولا أتبع في كتابتي خط الإجابة! أنا أتساءل أي دائم التساؤل، وأغيّر فقط في صياغة السؤال، فالتلميح أقوى من الإسهاب، وفي النهاية لست متعصباً للنص الذي أكتبه، فهو قابل للنقاش والحوار، وهو ما أسعى إليه.

  • أين أنت من أسلوب الرواية المتبع؟ أي المقدمة والحبكة والنهاية.
  • ** أنا من المهتمين في الرواية على مستوى التكنيك، أي أعيد صياغة النص أو المخطوط ثلاث مرات. ففي المخطوط الأول أرسم ضبط الحكاية. أنا ضد كلمة إسقاط المكان والزمان في الرواية، والموجود الحقيقي يتبع الزمان والمكان، وما قصدت فعله في "جبل النهاية" هو أن خيط الحكاية موجود دون التقيد بالزمان والمكان. والربط بينهما هو وضوح الحقيقة في قصة الخلق. (فقصص الخلق المرتبطة بالزمان الذي وجد في النبي من "آدم" إلى من بعده تحمل خللاً واضحاً لا ينجيها من هذا الأمر إلا لكونها أسطورة، وهذا جل ما فعلته)، وفي المخطوط الثاني والثالث أعمل على التكنيك، فطريقة التبويب التي اتبعتها سهلت على المتلقي طريقة فهم الرواية، وكنت مصراً على نهاية الرواية بالشكل الدائري بما تحمله من أثر صوفي، ورمزية في الأساطير.

  • كيف تتعامل مع المتلقي، وهل تتعامل معه بفوقية العارف المثقف؟
  • ** مهمتي كروائي أن أفهم المتلقي شرط ألا أكتب عملي الأدبي أو الإبداعي لكي يتناسب مع مزاجه أو ثقافته، وكنت أتوقع أن المتلقي إشكالي، وبعد صدور روايتي الأولى في عام /2011/ كنت على قناعة أنه يحمل أبعاداً أسطورية كثيرة، وهذا ما جعل الكثيرين يتقاطعون مع الرواية، لدرجة أنني سمعت أكثر من رأي، وكأن الرواية محفورة في حدسهم!؟ وهذا هو "التجريب" وليس العقل، وكروائي أراهن على المتلقي كمتلقّ ذكي عالي المستوى، وليس نخبوياً، وهذا الأسلوب لن أغيره حالياً على الأقل.

  • ما الذي كنت تحاول قوله في روايتك الثانية "جبل البداية"؟
  • ** ما كنت أسمو إليه بالضبط أن أجد بعداً ما بين شخصية "آدم" المرسومة في كل الأديان، وما بين شخصياتنا نحن! فالعقل الأول الذي يحمله الإنسان هو عقل مكثف لم يستطع لعب دوره وإيصال كامل المعرفة إلينا فقط وصلتنا منه شذرات بسيطة، وعراب الروايتين هو الحب، فالحب هو الخلاص في الأرض، فالنبي "آدم" هو نبي الحب، ورفع الخطيئة عن "حواء"، وجعلها من منشأ الحب، وليس من منشأ الخطيئة.

  • هل لهذه الرحلة مع الأدب والرواية علاقة بالطفولة؟
  • ** حظيت بطفولة حرة بكل معنى الكلمة! وكنت على قياس المجتمع الجاهلي ولداً صاحب لسان شتّام! ولداً متفوقاً في المدرسة، جميل الطلعة، وهو ما خولني أن أكون حراً، ووالداي لم يمنعا عني أي شيء. لقد رافقني في طفولتي رعب حقيقي من الطبيعة، حضيت بجداتي من ناحية أمي (جدتي أم أمي، وجدتي جدة أمي) وكلاهما تقصان لي عن الخلق والنهاية، و"أعور الدجال"، وعند انتقالي في كبري إلى مناطق متعددة في "سورية"، رصدت أن هذه الحكاية متداولة في كل الأماكن، والاختلاف بسيط جداً فيها، ومع بداية الألفين باتت الكتابة هاجسي، كنت ومازلت مدمناً على كتابة مذكراتي لدرجة أنها لم تكن تشبعني تفاصيل يومي، فوقعت في فخ الكذب والتأليف! فبدأت وأنا على قناعة إلى الآن بأن هناك بطلاً يحاورني، ويعيش الحياة عني.

    الأستاذ "طارق الأوس" المهتم بالرواية والنقد الأدبي، تحدث عن عمل "عزام" الأول، وما طرحه من أفكار فيه، فقال: «"جبل النهاية" كرواية تعتمد تقريب المعتقدات والأفكار لأسطورة نهاية الخلق المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبداية وهي قصة "آدم" و"حواء"، حيث اعتمد الكاتب فيها مغامراً أسلوب السرد عن طريق العنونة الروائية، وبذلك مزج ناجحاً بين القص والرص! حيث كانت مزجاً بين الرواية والقص الأسطوري، وهذا أدى إلى تفردها، أما من حيث اللغة فإن البساطة اللغوية التي اعتمدها الكاتب على السرد اللغوي والصوري دون إسراف في اللغة أدى إلى محاكاة القارئ، وبهذا يكون الروائي "فواز عزام" قد نجح في جذب المتلقي لما يريده».