الاهتمام بالتراث الشعبي وموروثه، يحمل أبعاداً ثقافية وبيئية واجتماعية، ذلك لأن من يملك ناصيته ويتقن أدواته ومفرداته وخاصة أدبه، يشعر بنفسه امتلاك التاريخ.

«الشاعرة "ربيعة غانم" واحدة من النساء اللواتي يسعين إلى تكريس ثقافة التراث من خلال عملها كمسؤولة التراث الشعبي في مديرية الثقافة بالسويداء، وعضويتها في مجلس إدارة جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث»، الحديث كان للأستاذ "مفيد جباعي" عضو مجلس إدارة جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث لموقع eSwueda بتاريخ 12/12/2011 وتابع بالقول: «تعمل الشاعرة "ربيعة غانم" على تعميق الارتباط بالتراث وإعادة الذاكرة المحلية وإنعاشها بأدواته، ذلك حين تقيم معارض لصور تراثية قديمة تجعل المتلقي يعود بتاريخه إلى أيام خلت من ماضيه وماضي بلدته وقريته ونمط مجتمعه والأدبيات الاجتماعية التي كانت تمارس في المضافات والمقاعد العامة، من شأنها طرح ثقافة اجتماعية فيها مقومات بنية الشخصية وسلوكها الأخلاقي على مستوى رفيع من نظام المجتمع، ولعلها بنشاطها هذا المترافق مع إبداعها الشعري يحملها مسؤولية مضاعفة في معالجة إشكاليات اجتماعية بطريقة الأدب الشعبي الذي هو جزء من حياتنا اليومية في الأرياف والمدن، ولهذا تعمل الزميلة "غانم" على تجسيد التراث الشعبي من خلال عملها ونشاطها وإبداعها».

الشاعرة "ربيعة غانم" واحدة من النساء اللواتي يسعين إلى تكريس ثقافة التراث من خلال عملها كمسؤولة التراث الشعبي في مديرية الثقافة بالسويداء، وعضويتها في مجلس إدارة جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث

موقع eSwueda التقى الشاعرة "ربيعة غانم" بالحوار التالي:

الأستاذ مفيد جباعي

  • أنت مسؤولة التراث الشعبي في مديرية الثقافة بالسويداء، ماذا يعني لك شعراً وأدباً وصناعة؟
  • ** يستحوذ التراث الاهتمام الكبير عندي لا كمسؤولة للتراث الشعبي فقط بل كاتبة له وشاعرة تختص بجانب من نظمه وقوافيه، وكإنسانة عاشت عمرها في منطقة تعد وريثة للقيم التراثية والاجتماعية والثقافية، كثيراً ما كنت أجلس بجانب جدتي وهي تصنع الخبز العربي "خبز التنور" وأقف طوال يومي إلى جانب جدي وهو "يدرس القمح" بالمعنى الشعبي مستخدماً "لوح الدراس" وفي كثير من أحيان أجلس فوقه وجدي يدور بي وأنا فوق ذلك اللوح، أغني الأغاني الشعبية التراثية، فتراث منطقتي غني جداً ولهذا أخذ الجانب التاريخي منذ صغري وأغذي نفسي بهذا الانتماء مستخدمة الكلمة والمفردة الشاعرية، والتراث ليس شعراً شعبياً الحامل للدلالات الرمزية والوقائع والأحداث، بل هذا النمط من الشعر عمل عملاً تدوينياً في تأريخ اللحظات، إضافة إلى أن التراث هو أدب راق وثقافة لها مقوماتها الاجتماعية والتاريخية ذلك لأنه عمل في تأريخ حياة الشعوب وتابع مقدرات حياتهم من خلال الأدوات البسيطة في صناعة يدوية تعامل بها الإنسان لقضاء حاجياته اليومية.

    الشاعرة ربيعة غانم

  • بين الشعر الفصيح والشعبي أين تقف "ربيعة غانم"؟
  • ** ربما لأن الشعر الشعبي الأقرب إلى أهلي ومعارفي وبيئي ولكوني ابنة المجتمع القروي أرى الشعر الشعبي الأقرب إلى نفسي هذا لا يعني أنني لا أجد نفسي كشاعرة فصيحة على العكس فأنا أحب الشعر العربي القديم حباً جماً وأتغذى على صوره وإشعاعاته ولكن هذا لا يبدل قرب ثقافة الضيعة والحارة وغيرها، في نفسي وشعري وطاقتي الأدبية وتآلفي معهم.

    من أعمالها الشعرية

  • هل تستطيع الصورة الشعرية هذه الأيام أن تأخذ أبعادها الاجتماعية والثقافية؟
  • ** الصورة الشعرية لا تعرف الزمان ولا تبحث عن المكان إنما تبحث عن الخيال في أي زمان ومكان فمن امتلك الثقافة اللغوية وأطلق لخياله العنان وصل إلى قيمة أي بُعدٍ ثقافي أو اجتماعي يبحث عنه او يدور في خلده.

  • ما مقومات القصيدة الحديثة هذه الأيام وبماذا تختلف عن قصيدة الماضي؟
  • ** كلنا يعرف أن قصيدة الماضي بحر وقافية وروي ووقوف على الأطلال ومحاكاة القدماء ولكن قصيدة الحاضر أو الحداثة هي الثورة الحقيقية على كل ما ذكر لكنني مختزلة صوره ومشاعره لتدخل إلى القلب فمن لا يحرك الشعور ليس شاعراً أبداً.

  • تكتبين الشعر الشعبي والزجلي والشعر الفصيح أين تجدين نفسك؟
  • ** قلت إن الشعر الشعبي أقرب إلى نفسي من حيث البيئة أي أنني أفرح وأنا بين جموع السويداء لأنني أقدم الجنس الذي يحاكيهم ويدل عليهم ولكن للشعر الفصيح الفضل الكبير في صقل موهبتي وبروز مقدرتي الأدبية وهو عمدة الشعر وأعتقد أن الأهم في ثورة الإبداع هو الشعر الفصيح فله مكانة على مستوى الوطن الكبير فأنا أفضله بقوة.

  • صدر لك ثلاثة دواوين من الشعر ما الإضافة الجديدة في تجربتك الشعرية؟
  • ** لست أنا من يقول ما الجديد أو ما الإضافة الجديدة فالقارئ هو الحكم على نضج الشاعر وعمق تجربته وجمال جديده ووصول صورته أم لا؟... فأنا أتمنى أن أكون قد قدمت إضافة ما تقربني أكثر من قرائي ومن إبداعي.

  • الزمان والمكان لدى الشاعرة "ربيعة غانم" هل تتأثر بطبيعة الزمان ومناخ المكان في الدلالة الشعرية؟
  • ** طبعاً للمكان والزمان انعكاس في الدلالة الشعرية وفي القديم لعب الزمان والمكان دوره لأن الشاعر البدوي لم يكن يعرف إلا الخيل والليل والبيداء، ولهذا قال الشاعر "علي بن الجهم" للخليفة "المتوكل":

    "أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب".

    وعندما اصطحبه إلى حاضرة "بغداد" ورأى الجمال الهندسي والورود والرياحين وجمال النساء لعب دوره المكان وأعانه الزمان فقال:

    عيون المها بين الرصافة والجسر/ جلبن الهوى حيث أدري ولا أدري

    ولكن الزمان والمكان في القرن الحادي والعشرين تجده على "الانترنت" فأنت تصل إلى أي بقعةٍ في الأرض ترصد جمالها وتعي ما فيها "بكبسة زر" كما يقول "الفاطمي": "المكان والزمان لعبة الخاطر"، ولهذا أصبحت الصورة ملك الخيال فقط، بالأقدر ما يجعل الخيال رحلة لضميره وإبداعه.

    يذكر أن الشاعرة "ربيعة غانم" هي من مواليد قرية "مفعلة" في محافظة السويداء صدر لها ثلاثة دواوين شعرية، تعمل مسؤولة التراث الشعبي في مديرية الثقافة بالسويداء، وهي عضو مجلس إدارة في جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث. قدمت أكثر من ثلاثة معارض تراثية خاصة بجبل العرب.