لم يكن كلاج القماش ابتكاراً لمعهد التربية الفنية بقدر ما هو تجربة تعاون على إنجاحها الكادر التدريسي والإداري والطلبة الذين قدموا نماذج حية لعملٍ مبدع.

ولأننا نعلم أن للفن أهله الأدرى به توجه موقع eSuweda بتاريخ 4/3/2012 بالسؤال للدكتور "عبد الكريم فرج" عميد كلية الفنون الجميلة في "السويداء" ليحدثنا عن تجربة اطلع عليها وقيمها التفاتة جيدة يمكن أن تتحول لورشة فنية تستثمر طاقات الطلاب الإبداعية وقال: «بالفعل مادة كلاج القماش ليست فكرة جديدة لكن ما نفذ من خلال مادة الأشغال في معهد التربية الفنية في "السويداء" يعتبر التفاتة لموضوع تبديل الخامات اللونية من الأصبغة والأحبار إلى مواد جديدة هي القماش وبدائل تعبيرية تعتني باستخدام خامات لها علاقة بالبيئة المحلية التي تحترم العمل بقصاصات القماش والعمل الفني التزييني برقع القماش ولنا أمثلة من صناعة السجاد واستخدام الأصبغة للخيوط وطرق استخدام هذا الفن في المنازل الجبلية القديمة، فهو فن شعبي مرتبط بالتراث وله علاقة بالحكايات والأساطير القديمة وجميل تعريف الطلاب بهذه المهارة التي تسخر فيها الخامات المحلية وتوالف القماش بطريقة فنية أظهرت خبرة الأساتذة والمشرفين على التجربة من جهة ومن جهة أخرى فإن التعامل مع اللوحات العالمية ونقلها بملصقات القماش بأيدي شابة تظهر رؤية جديدة لإبداع اللوحة التصويرية الملونة من مواد مهملة ما يشجعنا على اقتراح تشكيل ورش تخلق فرصة للشباب للتعامل مع هذا الفن الشعبي بخلفية الأساطير والقصص وما يتوافر في البيئة المحيطة من محفزات».

طريقة العمل ترتقي لدرجة المتعة وقد شجعتنا هذه التجربة على ابتكار مواضيع متنوعة وتجريبها بهذه الطريقة المتميزة والتي تقدم عملاً فنياً تشكيلياً تتكامل فيه أركان اللوحة الفنية، ولاشك أنها تجربة أثبتت نجاحها من خلال ما وصلنا من آراء المختصين التي نثمنها ونعتز بها لأننا طلاب وهذه خطواتنا الفنية الأولى

تتحدث الأعمال عن حالة تدريبية أنتجت جداريات كبيرة الحجم ملونة ومصممة بشكل فني عالي الجودة يقر الكادر التدريسي بتفوقها وبملامح إبداعية أظهرها الطلاب حسب الأستاذ الفنان "أسامة السعدي" أحد أعضاء فريق العمل المشرف على مادة الأشغال وقال: «هذا العام وبهدف الخروج من الطرق التقليدية لتدريس المواد التطبيقية كالأشغال توحدت رؤية إدارة المعهد وطاقم التدريس لمادة الأشغال على استثمار المواد والمناهج بطريقة أكثر فاعلية، ليكون الاتجاه إلى كلاج القماش هذا الفن الجميل الذي يسمح باستخدام بقايا القماش المختلفة وتلصيقها في إطار فكرة يحددها الطالب لتشكيل لوحة فنية، فالمدرس يقدم المعلومة حول تكوين عناصر اللوحة لكن تبقى الفكرة من اختيار الطالب الذي طبق طريقة نقل لوحة عالمية ليضيف إليها من أفكاره ورؤاه ما يرغب ليقدم من خلال هذه القصاصات الملصقة بطريقة فنية فيها الكثير من الجهد والتعب لوحة متكاملة، ولتكون نتاجات الطلاب دليلاً على الفائدة من تطويع المنهاج لخلق مساحات إبداعية جسدها الطلاب من خلال جداريات فائقة الدقة والجمال ليستغرب البعض أن هذه اللوحات من إنتاج طلاب في الوقت الذي توقعوا انها من أعمال فنانين متمرسين، وبالتالي فقد هيأت التجربة فرصة للطالب للتعبير من خلال العمل بخامات متوافرة في البيئة تنسجم مع أفكار التدوير العالمية برؤية تفتح الباب واسعاً أمامه لتطبيق أفكار إبداعية متميزة والعمل في مراحل قادمة بشكل فردي بعد أن أتقن هذه المهارة وطبقها لتثير إعجاب المختصين ومنهم الدكتور الفنان "عبد الكريم فرج" أحد أشهر مستخدمي الكلاج».

الأستاذ أسامة السعدي اثناء ورشة العمل

وعن فكرة التجديد تحدث المدرس والفنان "شادي أبو حلا" بالقول: «لعل السعي للخروج من الفكر التقليدي للتدريس الذي طبق من خلال هذه التجربة يرشدنا إلى أهمية العمل على تدريب هذا الطالب الذي سيصبح مدرساً للمادة ليكون متقناً لمهارات فنية مختلفة تؤهله لتدريس المادة التطبيقية بشكل أفضل، ويبقى التجديد هو الهدف من وراء تطبيق هذه التجربة علها ترسي نقطة عبور لتجارب أكبر قد تكون ورشاً يشارك فيها الشباب واستثمار مواهبهم بشكل أوسع خاصة بعد انتشار أعمال الطلاب وظهور دلائل نجاح التجربة، التي كان لفريق العمل الدور الأكبر في تقديمها إلى جانب طريقة التدريس والمتابعة لكون المدرسين اتفقوا على المشاركة والتعاون فكل طالب تلقى الدروس من كل المدرسين لأننا حرصنا على جمع الزمر ليكون للطالب حرية الاستفادة من مختلف الآراء بهدف خلق فضاءات واسعة تتسع لأفكار إبداعية جديدة».

الطلاب المشاركون في التجربة طلاب السنة الثانية في معهد التربية الفنية تحدثوا عن حالة من المتعة ارتبطت بالعمل الدقيق حسب حديث للطالبة "حلوة الصفدي" التي نالت العلامة الأعلى وقالت: «طريقة العمل ترتقي لدرجة المتعة وقد شجعتنا هذه التجربة على ابتكار مواضيع متنوعة وتجريبها بهذه الطريقة المتميزة والتي تقدم عملاً فنياً تشكيلياً تتكامل فيه أركان اللوحة الفنية، ولاشك أنها تجربة أثبتت نجاحها من خلال ما وصلنا من آراء المختصين التي نثمنها ونعتز بها لأننا طلاب وهذه خطواتنا الفنية الأولى».

لوحة كلاج القماش للطالبة املي كرباج

ومن الطالبات اللواتي أجدن العمل الطالبة "أملي كرباج" التي تحدثت عن دقة العمل وقالت: «في البداية عندما أوضح الأساتذة طريقة العمل توهمنا بالصعوبة لكن عندما أخذنا نجرب اختلفت الأمور لأننا تعاملنا مع مهارة دقيقة فيها قدر عال من الفنية التي تمكننا من تقديم أفكارنا، لذا اخترت لوحتي لتتضمن عددا كبيرا من أنواع القماش إلى جانب استخدام تقنية الطباعة وكان وقت العمل حالة من المتعة جعلتني أدخل تفاصيل جديدة، وقد نفذت لوحتين في الوقت الذي طلب منا لوحة واحدة لاستعد للتجربة بمفردي لتقديم لوحات جديدة».

الجدير بالذكر: أن الكادر التدريسي لمادة الأشغال يتألف من عدد من الفنانين والأساتذة: "أسامة السعدي" "شادي أبو حلا" "ألطاف الحسين" "نجوى الحجار" "اسميرالدا الحناوي" "سهى العياص" "سمير حمشو" "عبير عامر"، وهم اليوم القائمون على إنجاز عدد من التجارب على مستوى المواد التطبيقية التي تساهم في تطوير وتنويع مهارات الطلبة ليكون لهم الخيار في انتقاء الأقرب لمواهبهم وقد تكون هذه التجارب فرصة لتشكيل ورشة فنية يمكن عرض منتجاتها للاقتناء خاصة أن بعض لوحات الطلاب قد بيعت من قبلهم ليكون لدى المعهد فرصة لدعم إمكانياته وتأمين متطلبات مشاريع يطبقها الطلاب.

لوحة للطالبة ريمي مراد