ناقش الدكتور "خلدون غازي أبو دقة" على مدرج مشفى الأسد الجامعي رسالته في "العلاج الجراحي لسرطان الرئة" بإشراف الأستاذ الدكتور "نزار عباس"، وبحضور أعضاء لجنة الحكم "ا.د. بسام درويش، ا.د. محمود باكير" وعدد من الباحثين والمهتمين في هذا المجال.

وعلى هامش مناقشة رسالة الماجستير في كلية الطب للدكتور خلدون أبو دقة كان لموقع esyria اللقاء التالي معه:

  • مبارك لك التقدير المميز في رسالة الماجستير، هل لك أن توضح لنا خطورة هذا المرض سرطان الرئة؟
  • لجنة الحكم

    ** ما زال سرطان الرئة أكثر أنواع السرطانات حدوثاً عند الإنسان، محتلاً المرتبة الثانية بالوفيات عموماً بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في العالم، وسوف يحتل المرتبة الأولى حسب التوقعات في الألفية الثالثة، حيث بلغت نسبة الوفيات السرطانية 28% (25% إناث، 31% ذكور) بين كل السرطانات لدى الإنسان. فمعظم الأورام الرئوية هي أورام خبيثة وذات علاقة كبيرة بانتشار عادة التدخين، ما يجعلها تحتل مكانة خاصة في الدراسات، وفي البحث عن طرق التشخيص المبكر، والوقاية.

    تبلغ ذروة حدوث سرطان القصبات ما بين عمر (50 – 70) عاماً للجنسين، وتحدث 5-10% من الحالات تحت عمر 50 سنة. ويراجع معظم المرضى في مرحلة متقدمة، حيث إن 60-65 % من الحالات تكون غير قابلة للجراحة وغير قابلة للشفاء لحظة التشخيص لأن الأمل الوحيد الشافي هو الجراحة المبكرة قبل انتشار المرض، ويبلغ معدل الحدوث الوسطي للسرطان القصبي 5/100،000 نسمة/السنة، ويختلف حسب الموقع الجغرافي، وأعلى المعدلات في الدول الصناعية، وأخفض معدلات في الهند وعند الأفريقيين.

    الدكتور كمال الكاتب

    توجد نتائج مشجعة حالياً تبين تناقص الأموات بسببه في البلدان المتقدمة بمقدار 3.6 % بين عامي 1990- 1995، لكن ونظراً لزيادة العمر الوسطي وتعداد السكان مازال بارتفاع كل سنة على مدى أكثر من نصف قرن، خاصة في البلدان المتقدمة بسبب انتشار عادة التدخين فيها إضافة للملوثات البيئية المختلفة.

  • برأيك ما عوامل خطورة هذا المرض؟
  • د. خلدون أبو دقة مع المراسل

    ** أولاً التدخين، إذ يُعد التدخين مسؤولاً عن حوالي 87 % من حالات السرطان الرئوي، وقد تم إثبات العلاقة اعتماداً على اكتشاف مستقلب خاص موجود في دخان التبغ يؤدي إلى أذية الجين المثبط للأورام ، والذي لُوحظ بأنه شاذ عند 60 % من مرضى السرطان الرئوي.

    وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص المدخنين لفترة طويلة لديهم خطورة أعلى بـ 10 – 30 مرة للإصابة بالسرطان الرئوي مقارنة مع الأشخاص الذين لم يدخنوا أبداً، وتعتمد خطورة الإصابة عند المدخنين على عوامل عدة منها: كمية ومدة التدخين، العمر عند بدء التدخين، درجة الاستنشاق لدخان التبغ، المحتوى من القطران والنيكوتين، واستعمال الفلاتر بالسجائر، وقد يُنقص إيقاف التدخين خطورة الإصابة بشكل واضح ومتناسب مع فترة الامتناع عنه، وتبين بعض الدراسات انخفاضاً في خطورة الإصابة بسرطان الرئة لدى المدخنين الذين امتنعوا عن التدخين لأكثر من 15 سنة بنسبة 80 – 90 %.

    أما العامل الثاني التدخين السلبيُ فتكون درجة التعرض البيئي لدخان السجائر أقل مقارنة مع التدخين الفعَال، إلا أنه وبالمقابل يبدأ بعمر أبكر ولمدة أطول. وتبين الدراسات على الأشخاص المعرضين لمستويات عالية من دخان السجائر أعلى بـ 42 % من غير المتعرضين له. إضافة للمسرطنات المهنية إذ يزيد التعرض المهني لبعض المواد من نسبة حدوث سرطان الرئة مثل الأسبستوز وغاز الرادون.

    والعامل الثالث أمراض الرئة السابقة فقد سُجِل ترافق بين سرطان الرئة وعدد من الأمراض الرئوية، أهمها: تليف الرئة، والآفات الرئوية السادة. كذلك من الثابت العلاقة بين السرطان الغدي وبين الندبات الرئوية التالية لآفات رئوية سابقة مثل التدرن الرئوي.

  • إذا ما أردنا أن ندخل في عالم الاختصاص أكثر فما تصنيف السرطانات القصبية وما أعراضها؟
  • ** تُصَنّف السرطانات إلى: غير صغيرة الخلايا، وتشمل: شائكة الخلايا والغدية وكبيرة الخلايا، والسرطانات صغيرة الخلايا، ومن الأعراض والعلامات السريرية يكون أكثر من 90 % من المرضى عرضيين لحظة التشخيص، ويتظاهر سرطان الرئة بأعراض وعلامات ناتجة عن: النمو المحيطي أو المركزي للورم البدئي، أو عن الغزو الموضعي للورم، أو عن الانتشار الجهازي للورم، أو عن الإفراز الشاذ للهرمونات من الورم (المتلازمات نظيرة الورمية)، ومنها الأورام المركزية التي تترافق بأعراض الزلة، السعال، نفث الدم، ذات رئة انسدادية، انخماص رئوي، وزيز، والأورام المحيطية التي تترافق إضافة للسعال والزلة مع أعراض تعود لانصباب الجنب أو مع ألم شديد، السعال الجاف أو المنتج هو العرض الأكثر شيوعاً في سرطان الرئة، لأن معظم المرضى المتوقع أن يكون لديهم سرطان قصبي هم من المدخنين بشدة، ويمكن أن يكون لديهم التهاب قصبات مزمن، ويكون نفث الدم عرضا بارزاً لدى أقل من نصف المرضى، وهو الذي يدفع المريض لزيارة الطبيب.

  • هل توجد علامات موجهة أثناء فحص المريض سريرياً- وأنا الآن أستخدم بعض مصطلحاتكم الطبية؟
  • ** أشكرك على هذا السؤال، غالباً ما تتغير الموجودات التنفسية حسب توضع الورم وانتشاره إذ تتراوح بين غياب إلى خفوت الأصوات التنفسية في جهة الإصابة. ومن الهام جداً فحص العنق بشكل دقيق بحثاً عن أي ضخامات عقدية لمفاوية في الحفرتين فوق الترقوتين أو في مثلثات العنق لما لها من ارتباط وثيق بتقييم مرحلة الورم وتحديد الإنذار، وينصح بالتشخيص الشعاعي لأن صورة الصدر البسيطة حجر الأساس في التوجه للتشخيص، وفي إعطاء فكرة عامة عن حالة الرئتين، نظراً لسهولة وسرعة إجرائها وكلفتها القليلة. وقد نشاهد صورة صدر طبيعية وهي لا تنفي وجود ورم قصبي، ويجب ألا تؤخر إجراء التنظير القصبي عند وجود أعراض سريرية تثير الشك. ويُعتبر التصوير الطبقي المحوري إجراءاً أساسياً في التقييم الشعاعي لكونه يحدد بدقة طبيعة الكتلة وعلاقتها بالجوار، وكذلك التشخيص النسيجي أي (أخذ خزعة نسيجية) وهنا يوجد مفهوم خاطئ لدى الكثيرين وهو أن أخذ الخزعة يؤدي لانتشار المرض، بينما في الواقع يكون المرض منتشراً سلفاً والمريض قد تأخر كثيراً في مراجعة الطبيب بحيث فقد الفرصة الذهبية في التشخيص المبكر وإمكانية الاستئصال الجراحي الجذري للورم.

  • من خلال بحثكم، ما المعايير المعتمدة علمياً لاختيار العلاج المناسب لمريض سرطان الرئة؟
  • ** يتألف التصنيف المرحلي لسرطان القصبات من مرحلتين: الأولى تحديد حالة الورم والثانية: تحديد قدرة المريض على تحمل مختلف العلاجات الهادفة للشفاء أو لزيادة معدل البقيا، وما تزال الجراحة هي العلاج المفضل لسرطان الرئة غير صغير الخلايا، فهي تقدم أفضل الإمكانيات للشفاء والبقيا الطويلة الأمد، ويشير تعبير قابلية الاستئصال في حالة مريض مصاب بسرطان رئة غير صغير الخلايا، إلى إمكانية استئصال الورم كليا بإجراء جراحي نظامي مثل استئصال فص أو استئصال رئة، بينما يشير تعبير قابلية الجراحة إلى كون المريض قابلاً للعمل الجراحي. ويُعتبر التصنيف المرحلي ضرورياً جداً، ليس فقط من أجل الإنذار، وإنما من أجل اختيار المعالجة المناسبة.

    وقد ذكر الأستاذ المشرف الدكتور "نزار عباس" الباحث المذكور، فقد عمل بجد ونشاط على بحثه المتميز رغم صعوبة العمل ومعاناة جمع البيانات المطلوبة وفق معايير البحث، لهذا استحق أن ينال التقدير والاحترام من أعضاء لجنة الحكم ومني شخصياً.

    ثم أوضح الأستاذ الدكتور "كمال الكاتب" أن الباحث الدكتور "خلدون غازي أبو دقة" قد بذل جهداً كبيراً في إعداد بحثه الممنهج، وطور كثيراً من خلال دراساته ومتابعته في آلية الكشف عن المرض وطرق جراحته.

    ومن بين الحضور أشار الدكتور "رسمي عريج" إلى أن الجراحة بمختلف مجالاتها قد حققت تقدماً علمياً ملحوظاً في معالجة العديد من الأمراض التي كان يعتقد سابقاً بأنها مستعصية، وأن ثقافة العلاج أصبحت حالة ملحة للناس، ومقدرة إرادية في التلاؤم النفسي والبيولوجي لتلقي العلاج الناجع.

    أما الجانب الجراحي (موضوع الأطروحة) على قدمه، فقد شهد تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، والأطروحة قدمت إضافات مميزة إلى طريقة التشخيص وخاصة المبكر، وإلى طريقة الجراحة، وربطت بين حاجة الجراحة ومتابعة العلاج، وتطرقت إلى الجانب التثقيفي للناس وأهميته في تلقي العلاج ومتابعته، فلابد من تغيير المفاهيم الخاطئة عند الناس التي تحول دون تطبيق العلاج والاستمرار في متابعته ولو كانت مدته طويلةً.