كوّن الدكتور "سعيد نجيب سلوم" علاقة إنسانية مع مرضاه، وأيقن أن ثمرة العمل والعلاج نتيجة التكافل الاجتماعي، فجاب القرى بحثاً عن مريض محتاج إلى الرعاية، وتابع رسالته الإنسانية بعيداً عن أي حسابات؛ غير الرياضيات التي تساعده على العمل.

حول سيرته وحياته وعلاقته الاجتماعية، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 نيسان 2019، التقت الدكتور "سعيد نجيب سلوم"، الذي بيّن قائلاً: «لعل الروابط الاجتماعية في نظام القرية بمحافظة "السويداء" لها طابعها الخاص في تكوين الشخصية، ولهذا كان لولادتي في قرية "الصورة الكبيرة" عام 1958 أثر ضمن أسرة فلاحية محبة للتكافل الاجتماعي والراسية على منهجه، حيث له بعدان اجتماعي ومكاني، وينحو أيضاً المنحى التاريخي بالنسبة لي، ذلك لأن قريتنا التي تعد فاتحة قرى "السويداء" من الجهة الشمالية تستقبل كل زوار الجبل بإطلالتها البهية، وطبيعتها الخلابة، على الرغم من انتشار الصخور فيها لقربها من "اللجاة"، وهي الحاملة لتاريخ غابر في التصدي لغزوات ماضية، وأحداث ووقائع مهمة في التاريخ المعاصر. والأهم صمود أهلها في التعامل مع الأرض لخلق مساحات قابلة للزراعة والإنتاج جعل منها ثمرة لطاقة تكافلية اجتماعية تقدم من خلالها رؤى وأفكار وتاريخ؛ وهذا ما أثّر فيّ أثناء دراستي الابتدائية في مدارسها، وبعد انتقالي إلى المرحلة الإعدادية والثانوية في مدينة "شهبا" كانت رؤيتي قد تغيرت في الحياة، لأنال المرتبة الأولى في مادة الرياضيات تلك المادة التي عشقتها ومازالت إلى تاريخه؛ لأنها كانت جل اهتمامي، حيث تعاملت مع الرقم والحركة الرقمية والديناميكية في التحليل والتركيب بثقافة ذاتية، ليتم حل أعقد وأصعب الحالات، وأعدّ ذلك مؤشراً لحل العقد التي تعترض الحياة المعيشية اليومية ضمن معدلات حسابية، لكن الأهل كانوا يرغبون بالأعمال الإنسانية والاجتماعية لأن والدي عاشق لإبراز الدور الأخلاقي في المجتمع، وتفعيل دور العلم من خلال الاختصاصات المتنوعة؛ وأهمها الطب، فهو الذي يقدم خدمات علاجية للقسم الأكبر من المجتمع مجاناً، والآخر مأجور بأسعار زهيدة جداً، وأنا ضمن قائمة الأطباء الذين لم يتجاوز رقمهم المئة على مستوى المحافظة؛ وهو ما فرض علي مسؤولية في قيمة العمل والتعامل مع الناس بأخلاق اجتماعية فرضتها نواظم القرية أولاً، والتربية ثانياً، ورقي العلم والمعرفة ثالثاً».

يعدّ الدكتور "سعيد سلوم" واحداً من الأطباء الذين ربطوا العمل بالعلم والثقافة والمعرفة والقيم، وأسهم في تفعيل دور العلاقة المجتمعية بأخلاق الطبيب الإنسان، فهو ما زال يذهب إلى منازل المرضى؛ وخاصة الفقراء منهم والمسنون على الرغم من توفر وسائل النقل والاتصال الحديثة، وهو دلالة على تواضعه المهني وتأكيد على إنسانيته كطبيب، ولديه من المبادرة ما يجعلنا نحترم هذه الشخصية أكثر من خلال إصراره على العلم والمعرفة في تحصيله اختصاص هضمية ثانٍ على الرغم من تخرجه قبل عقدين ونصف العقد، وقلما تجد ذلك بين الأطباء. وحين تسلم مديراً للمستشفى الوطني برز بتعامله الإداري وحرصه على العمل، وحقق ما استطاع إليه سبيلاً من النجاح، وكوّن حالة انطباعية في ربط العلاقة الطبية بالمفهوم المجتمعي؛ من خلال تأكيده على روح التكافل الاجتماعي

وعن علاقته المجتمعية بعد تخرّجه في كلية الطب، تابع الدكتور "سلوم": «بعد تخرّجي في كلية الطب بداية ثمانينات القرن الماضي عملت على الاختصاص الباطني، وتخرّجت عام 1986، لكن المتابعة العلمية والرغبة في التوسع بالاختصاص أكثر، وبعد تقدمي في السن أجريت امتحاناً لأنال اختصاص داخلية هضمية؛ وهو فرع ثانٍ للباطنية، وتسلمت مديراً لمستشفى الشهيد "زيد الشريطي" المعروف بالمستشفى الوطني لعامين، كانت صعوبة العمل والمتابعة تشغلني بين الإدارة وتحقيق التقدم العلمي والإداري معاً، وبالعودة إلى البداية ورغبتي في الرياضيات التي رافقتني طوال حياتي المهنية الطبية جعلتني أذلل الصعوبات بطريقة حل المعادلات من درجات مختلفة، ولكون شخصيتي تتعامل من نوع مبدئي، حيث اتخذت قراراً أن أذهب إلى المنازل وأعالج المرضى الفقراء والمحتاجين وخاصة المسنون، لأن ذلك يمنحني طاقة تكافلية اجتماعية، وأربأ بنفسي الحديث عن المدة الزمنية التي خرجت بها من منزلي إلى بيوت الأهالي في قريتي والعديد من القرى المجاورة؛ لأنها بالمجمل كانت تفتقر إلى الأطباء، وواصلت الليل بالنهار ذاهباً لمعاينة حالات إسعافية بوسائل نقل مختلفة وغير صحية لطبيب في فصل الشتاء البارد، لكن قريتي وتنوعها الديموغرافي منحتني القوة والإرادة والثبات في العمل؛ إذ كلما دخلت منزلاً من منازل القرية الجامعة حقيقة بين (الصليب والهلال والخلوة)، أجد لنفسي مكانة بين أفراد الأسرة الواحدة، والخدمات الطبية والعلاجية تعكس شخصية الطبيب الارتقاء والسمو قيماً وفكراً ومجتمعاً؛ وهذا ما أراحني برسالتي الطبية والعلمية تنفيذاً لوصية والدي بذلك».

الدكتور منير الخطيب

وعن علاقته بالعلم والمعرفة أوضح الدكتور "منير الخطيب" الاختصاصي بالأمراض الداخلية بالقول: «يعدّ الدكتور "سعيد سلوم" واحداً من الأطباء الذين ربطوا العمل بالعلم والثقافة والمعرفة والقيم، وأسهم في تفعيل دور العلاقة المجتمعية بأخلاق الطبيب الإنسان، فهو ما زال يذهب إلى منازل المرضى؛ وخاصة الفقراء منهم والمسنون على الرغم من توفر وسائل النقل والاتصال الحديثة، وهو دلالة على تواضعه المهني وتأكيد على إنسانيته كطبيب، ولديه من المبادرة ما يجعلنا نحترم هذه الشخصية أكثر من خلال إصراره على العلم والمعرفة في تحصيله اختصاص هضمية ثانٍ على الرغم من تخرجه قبل عقدين ونصف العقد، وقلما تجد ذلك بين الأطباء. وحين تسلم مديراً للمستشفى الوطني برز بتعامله الإداري وحرصه على العمل، وحقق ما استطاع إليه سبيلاً من النجاح، وكوّن حالة انطباعية في ربط العلاقة الطبية بالمفهوم المجتمعي؛ من خلال تأكيده على روح التكافل الاجتماعي».

أمام أجهزته الطبية