دخلت عالم الزراعة من بابه الواسع متحدية رغبتها في الفن التشكيلي، وأثبتت أنها قادرة على عمل الرجال في الاهتمام بالأشجار وعوالمها، فحملت "مقراطها" الحديدي وأدوات الزراعة لترسم على جذورها وأغصانها قصة نجاحها في العمل والإدارة.

مدونة وطن "eSyria" التقت المهندسة الزراعية "رهام مرشد" عضو فريق الاستكشاف في منطقة "اللجاة" يوم الثلاثاء الواقع في 21 تموز 2015؛ التي تحدثت عن عملها القاسي في البساتين والحقول، وقدرتها على التكيف مع أدواتها بالقول: «لقد وجدت نفسي في كلية الزراعة بعد عناد مع الذات والأهل لأن طموحي وهوايتي كانا في الفن، وفي السنة الأولى لم أكن بعد قد اقتنعت ولكن الفشل كلمة ليست في قاموسي على الرغم من عدم رغبتي بالقراءة في كتب المنهاج، وتجاوزت الجامعة بفعل الحب الذي تملكني لكل ما يتعلق بالأخضر، ودخلت العمل عام 2013 في إرشادية "لبين" لتبدأ قصتي مع الطبيعة والأشجار، فالتعليم النظري لم يكسبني أي خبرة تذكر، واكتشفت متعة العمل الميداني على الرغم من التعب والجهد المضني في التعامل مع الحقول والأشجار، وبسرعة صنعت شخصيتي الجديدة، وتكيفت مع "المقراط" الحديدي القاسي، والشمس القاسية، وظروف الأرض الجرداء، وكل يوم أكتشف الجديد».

أذكر أنني كنت كثيرة الحركة والكلام، وأحببت القصص المحكية وسردها، وهو ما جعلني أتعلق بالكتاب إلى الآن، والرسم كان هوايتي الحقيقية، وكان طموحي أن أدخل كلية الفنون الجميلة؛ غير أن الأهل عارضوا الفكرة من الأساس، ومازالت تلك الفترات الأولى من الطفولة هي المؤثرة في حياتي، فما زلت كثيرة الحركة في العمل، وأحب المطالعة ولكني بت مع الزمن أستمع أكثر مما أتكلم

وعن تعاملها مع الأشجار المثمرة وتحويل تلك العلاقة إلى حالة إنتاج دائمة أضافت: «أنا ابنة منطقة "اللجاة"، حيث ولدت في قرية "حرّان" عام 1988، ولدينا الكثير من النباتات البرية والأشجار المعمرة، ولوالدي بستان متنوع الأشجار، فبعد دورات عملية في حقول مديرية الزراعة، وبتوجيه من المهندس المشرف علينا اكتسبت خبرة النظرة الأولى للشجرة المراد تقليمها أو فحص أمراضها، وبدأت ممارسة العمل في أشجار المنزل، والاطلاع من خلال عملي في الإرشادية على كل أنواع الأشجار المتواجدة وأصنافها، إضافة إلى عشقي لمنطقة "اللجاة" وما تضم من كنوز جعلني أشعر بثقة كبيرة في النفس، وهناك الإحساس الجميل بأنك تمارس عملاً تحبه كأنه قطعة منك، كل ذلك جعلني أتقن العمل وأدخل بقوة العمل إلى البساتين للاعتناء بأشجار المزارعين وأتسلم عملاً لحسابي الخاص، وعندما أدخل حقلاً بت أكتشف من النظرة الأولى الشكل المثالي للشجرة، وأمراضها المتعددة، والحقيقة إن ورشات العمل التي أشرف عليها المهندس "عادل الجرماني" الذي يعد من المهندسين الاستثنائيين بكل المقاييس، ومن خلاله صنعت شخصيتي المحبة للعمل، وجعلت ممارسة التقليم متعة كبيرة على الرغم من صعوبة التعامل مع "المقراط" الحديدي، ولكنني استطعت تطويعه بما أريد بمدة بسيطة».

التعامل مع الزيتون وأمراضه

وعن عملها في فريق الاستكشاف في منطقة "اللجاة" أضافت: «هناك عمل كبير لا ينتهي بيوم وليلة، ويحتاج إلى جهود كبيرة من أجل العمل على توثيق تلك الأرض الخيّرة، فمشروع الاهتمام بالأصناف البرية ودراستها عن قرب يحتاج إلى سنوات، فكل شجرة هنا لها ثمار مختلفة عن الأخرى وهي مقاومة للأمراض بطريقة تدعو إلى الدهشة، والعمل مع الفريق حالة فرح، وطموحي أن أترك بصمة لها معنى في الحياة ولا أكون يوماً على الهامش أو وراء مكتب، والآن أمارس العمل المكتبي في الإرشادية وأدخل البساتين والحقول لأحقق ذاتي».

أما ما حملته معها من الطفولة فتؤكد: «أذكر أنني كنت كثيرة الحركة والكلام، وأحببت القصص المحكية وسردها، وهو ما جعلني أتعلق بالكتاب إلى الآن، والرسم كان هوايتي الحقيقية، وكان طموحي أن أدخل كلية الفنون الجميلة؛ غير أن الأهل عارضوا الفكرة من الأساس، ومازالت تلك الفترات الأولى من الطفولة هي المؤثرة في حياتي، فما زلت كثيرة الحركة في العمل، وأحب المطالعة ولكني بت مع الزمن أستمع أكثر مما أتكلم».

الخبير الزراعي "عادل الجرماني"

المهندس الزراعي "عادل الجرماني" تحدث عن رؤيته لعمل المهندسة "رهام مرشد" وسبب نجاحها في العمل بالقول: «هي شعلة من النشاط والحيوية، وتجدها في كل الأماكن حريصة على التعلم وكسب معارف جديدة، تعلمت أصول التقليم على عدد من الأشجار والأنواع، وطبقت ما تعلمته بثقة في قريتها والإرشادية التي تعمل بها، وتمتلك الخيال والذكاء الذي يلزم لكي يكون المهندس الزراعي ناجحاً في عمله، والشيء المميز قدرتها على معرفة نوع الأمراض التي تصيب الأشجار من النظرة الأولى، وهي الآن تشرف على البساتين وتعمل بها».