لم يكن "طرودي الحمدان" أول من زرع الفستق، لكنه خزان الخبرة العلمية والعملية؛ الذي يجول في بساتين جبل العرب ناشراً فكرةً مفادها أن الفستق الحلبي أصيل في المنطقة، وهو ثروة جبل العرب الزراعية.

وفق قناعته بميزة هذه الشجرة التي تنتمي إلى فصيلة البطم الأصيلة في جبل العرب؛ أسس "طرودي الحمدان" مشروعه الزراعي الذي ارتكز على ضرورة الاتجاه إلى الفستق الحلبي بدلاً من الزيتون وزراعات غير اقتصادية، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 18 حزيران 2015، نقلت حرص "حمدان" على امتلاك الخبرة الكافية والمعرفة، ليكون عراب هذه الشجرة، كما حدثنا "أيمن أبو فخر" صاحب أحد البساتين الذي اطلع عن قرب على اهتمامات هذا الرجل، وما قدمه للمنطقة من معلومات تفوق فيها على المتخصصين، وقدم الرعاية لعدد كبير من المشاريع الناجحة على مستوى المحافظة، يقول "أبو فخر": «من علاقتنا اليومية معه وإشرافه على حقول واسعة من الفستق الحلبي؛ تعرّفنا ما لديه من خبرة اكتسبها من موطن الفستق في محافظات عدة، لينقل شجرة الفستق إلى حقول "السويداء" بناء على المعرفة والعلم والتجربة العملية، التي مكنته ليكون اليوم خبيراً متخصصاً في هذا الصنف، يحدد الأماكن الصالحة لزراعته، ويقدم مشورته وعنايته الكاملة لضمان الحصول على إنتاج غزير من هذه الثمار غالية الثمن والمطلوبة على نطاق واسع.

مزارع متميز بنشاطه واهتمامه بشجرة الفستق الحلبي، وله باع طويل في ذلك، يهتم بعمله ويتابع البساتين التي يشرف عليها أو التي يضمن محصولها، ومنذ سنوات عدة يتعاون معنا ويقوم بزيارات الحقل عدة مرات، ويراقب الأمراض التي تصيب الشجرة وينصح بالدواء المناسب والوقت الأمثل لاستخدام المبيدات وطرائق العناية بالشجرة، لا يمل من العمل طوال النهار، ونستعين به وبخبرته ونعتمد عليه في مشاريعنا لكونه متعاوناً ولا يبخل بأي معلومة، وهو من الأسماء التي اقترنت بتجربة زراعة الفستق على مستوى المحافظة، وقد طور اهتماماته لمشاريع متممة لهذه الزراعة كشراء كسّارة خاصة للفستق، وتنظيم عمليات التسويق سنوياً ليكون مقصد التجار ومحرك عملية الضمان لهذه الثمارالتي تعود بالخير على الفلاحين

ومن تابع بداية انتشارها يتلمس الفارق الكبير بين ما كانت وما هي عليه اليوم، والجميع يقر بجهوده حيث تحدى الأفكار الشائعة في المنطقة، التي أدت إلى انتشار واسع للزيتون والتفاح في مناطق لا تصلح لزراعتهما، ليكون الفستق البديل، وبناء على نصيحته زرعت مساحات واسعة من أصناف متميزة أثبتت التجربة أنها منتجة وتعدّ بديلاً مناسباً يستحق العناء».

طرودي الحمدان

من الصف الحادي عشر عمل بالزراعة، وتابع الدراسة لعشقه العمل وثقته بالأرض والفلاح المجد القادر على إنتاج خيرات وفيرة، وبقي وفياً لهذه الفكرة منحازاً للفستق الحلبي الذي يعدّه بترول الجبل؛ كما حدثنا "طرودي الحمدان" معرفاً بتجربته الزراعية، وقال: «اتجهت للعمل الزراعي بعمر مبكر قبل الثامنة عشرة، وعملت في زراعة أنواع من المحاصيل ومن بعدها الأشجار المثمرة، ومن تجربة عملية أخذت أتعرف مواطن الخلل في الخطط الزراعية على مستوى المحافظة وتعامل الفلاح مع الموضوع الزراعي، حيث يتجه إلى زراعات معينة بناء على تجارب المحيطين به من دون الارتكاز إلى المعرفة العلمية، وكنت معارضاً لفكرة انتشار الزيتون في مناطق "السويداء" ذات المردود المائي الضعيف، واقترحت الاتجاه إلى أفكار جديدة، واعتمدت على الفستق الحلبي الذي يقول بعضهم إنه وافد إلى المنطقة؛ مع أنه من الأشجار الأصيلة لكونه من فصيلة "البطم" وكلنا يعرف أن هذه الشجرة أصيلة في جبل العرب.

وقد حملت هذه الفكرة ونشرتها بعد سنوات طويلة أمضيت فيها مواسم قطاف الفستق بين مزارعي "مورك" في "حماة" و"جرابلس" في "حلب"؛ لأتعلم طرائق رعاية هذه الشجرة من الغرس حتى القطاف، وكانت تجارب عملية نقلتها إلى كرمي الصغير نسبياً، ولكل من طلب مشورتي واستعان بي للإشراف على كرمه، وفي كل مرحلة كنا نطور أسلوب الزراعة لنتابع نوعية الثمر والحجم ومواعيد القطاف وكيفية انتقاء الغراس وأنواع أشجار الذكر والصنف المقابل لها.

فوزي حديفة

وخلال العقدين الماضيين ظهرت نتائج متميزة، وقد حصلت على جائزة مديرية الزراعة عام 2004 في زراعة الفستق، لكن الجائزة الأكبر ما تحقق من نتائج أذهلت المتابعين وأثبتت صواب فكرتي، ليصل إنتاج شجرة الفستق الواحدة في أحد مشاريع قرية "الثعلة" التي أشرف عليها إلى 75كغ، وفي حقول "السويداء" أنتجت شجرة 135كغ، وهذه نتائج عززت الاتجاه إلى الفستق ليكون البديل للمستقبل لكونه منتجاً ومقاوماً، لكن لا بد لنا من أن نكون قادرين على تقديم الرعاية اللازمة».

سوَّق إنتاج المحافظة وهو صاحب الاستشارة ومرجع الفلاحين في مختلف قرى المحافظة وفق حديثه، حيث قال: «الحصول على ثمار من دون امتلاك خبرة التسويق خسارة كبيرة لم أرغب بتحملها، ومن خلال التعرف إلى مزايا ثمار الفستق لدينا لكونها تزرع في مناطق رطبة تساهم في الحصول على ثمار مميزة تحصد سعراً مناسباً في بورصة السعر أثناء الموسم، تجعل الإنتاج مميزاً عن مناطق أخرى، وقد خبرت هذه التجربة جيداً وعليه فإنني أقوم بجولات ميدانية متعددة في العام في مواسم الإزهار والإثمار لتفقّد المحاصيل وأتابعها من دون مقابل بناء على اتفاق الضمان للكرم، في حال كان الإنتاج جيداً وهذه معلومة يعرفها كل أصحاب الكروم، حيث أسوِّق اليوم ما يزيد على نسبة 90 بالمئة من إنتاج المحافظة.

بالتالي ففي كل عام نجد توسعات بهذه الزراعة لكن دائماً تكون النصيحة للزراعة في الأماكن المناسبة خاصة بعد أن توصلنا إلى نتائج متميزة على مستوى العمر الذي تثمر به الشجرة؛ فبعد 12 عام تحولنا إلى 7 أعوام ولدينا اليوم مشاريع أثمرت على السنوات الخمس، وهذا بالاعتماد على التطعيم المبكر والرعاية المستمرة، لأنني لا أؤمن بالزراعة بالوكالة، وكنت حريصاً على توجيه الملاك للاعتناء المباشر بمشاريعهم لأنني أتعامل مع هذه الشجرة ككائن له روح يطلب احتياجاته ويعطيك من روحه إن أخلصت بالعمل والعطاء وفير مثل فستق "السويداء" الذي أعدّه بترول الجبل وثروتنا وثروة أولادنا للمستقبل».

اغترب المدرس "فوزي حديفة" لعدة سنوات وأسس لمشروع الفستق الحلبي في بلدته "القريا"، واستعان بتجربة "طرودي الحمدان" التي ساهمت في تطور المشروع؛ كما حدثنا بالقول: «مزارع متميز بنشاطه واهتمامه بشجرة الفستق الحلبي، وله باع طويل في ذلك، يهتم بعمله ويتابع البساتين التي يشرف عليها أو التي يضمن محصولها، ومنذ سنوات عدة يتعاون معنا ويقوم بزيارات الحقل عدة مرات، ويراقب الأمراض التي تصيب الشجرة وينصح بالدواء المناسب والوقت الأمثل لاستخدام المبيدات وطرائق العناية بالشجرة، لا يمل من العمل طوال النهار، ونستعين به وبخبرته ونعتمد عليه في مشاريعنا لكونه متعاوناً ولا يبخل بأي معلومة، وهو من الأسماء التي اقترنت بتجربة زراعة الفستق على مستوى المحافظة، وقد طور اهتماماته لمشاريع متممة لهذه الزراعة كشراء كسّارة خاصة للفستق، وتنظيم عمليات التسويق سنوياً ليكون مقصد التجار ومحرك عملية الضمان لهذه الثمارالتي تعود بالخير على الفلاحين».

"طرودي الحمدان" من مواليد 1954، قرية "العفينة" جنوب مدينة "السويداء"، خريج جامعة بيروت العربية - كلية التجارة والاقتصاد، لم يعمل بشهادته والتحق بالعمل الزراعي.