افتتح محلاً للسمانة، وألحق به خدمة تحويل الوحدات لأجهزة الخلوي، واشتهر بالكتابة على الحاسوب وتنزيل البرامج وفك وتركيب الأجهزة الإلكترونية، ويتحضر للشهادة الثانوية، كل تلك الأمور عادية لو كان "حاتم حسابا" مبصراً مثل أقرانه.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاب "حاتم حسابا" المقيم في قرية "تعارة" الواقعة في الريف الغربي لمحافظة "السويداء"، وذلك يوم الجمعة الواقع في 20 آذار 2015، فتحدث لنا عن سبب إعاقته وكيفية التعامل معها: «ولدت فاقداً لبصري في العام 1997 في "ريف دمشق"، وقد كانت صدمة كبيرة لوالديّ ولمعارفي وأنا الطفل الغارق في العتمة لا أدري ما يدور حولي، كانت نقطة الفصل في طفولتي التي قضيتها في المنزل وتحت أنظار والدتي التي ما زالت تحمل عبء الكفاف لدي ولدى أخي الأصغر وأختي الوحيدة، ولذلك نذرت كل حياتها لنا؛ حيث ذهبت بي إلى مدرسة المكفوفين الخاصة في العاصمة، وهنا بدأت حياتي الفعلية من تكوين الأصدقاء ومواجهة الواقع ومحاولة الخروج إلى النور».

ولدت فاقداً لبصري في العام 1997 في "ريف دمشق"، وقد كانت صدمة كبيرة لوالديّ ولمعارفي وأنا الطفل الغارق في العتمة لا أدري ما يدور حولي، كانت نقطة الفصل في طفولتي التي قضيتها في المنزل وتحت أنظار والدتي التي ما زالت تحمل عبء الكفاف لدي ولدى أخي الأصغر وأختي الوحيدة، ولذلك نذرت كل حياتها لنا؛ حيث ذهبت بي إلى مدرسة المكفوفين الخاصة في العاصمة، وهنا بدأت حياتي الفعلية من تكوين الأصدقاء ومواجهة الواقع ومحاولة الخروج إلى النور

لم تقف إعاقته البصرية أمام إظهار إمكاناته المتميزة في مجال المعلوماتية ليتفوق ببصيرته، ويقدم نفسه كأحد المكفوفين الذين يحملون في حياتهم عنوان التميز المستمد من إرادة الحياة على الرغم من صعوبتها، حيث يقول: «منذ دخولي إلى معهد تأهيل المكفوفين في سن السادسة وأنا مولع بالحاسوب، وأتلقى فيه دروساً من قبل أساتذة المعهد ومهندسين مختصين في هذا المجال، ليزداد اهتمامي به يوماً بعد يوم حباً بتعلمه ومعرفة أسراره وعالمه الغامض، ومع الزمن تحول هذا الحب إلى حالة من العمل، حيث بت أعرف تفاصيل العمل على أجهزة الحاسوب وأجهزة الاتصال الخلوي بناء على حاسة اللمس لدي، ومعرفة تموضع الحروف مستفيداً أحياناً من بعض البرامج الناطقة، إضافة إلى قدرتي على الكتابة بسرعة على برنامج "Word"، وتنزيل البرامج وفك وتركيب الأجهزة وإجراء الصيانة لها، ومساعدة رفاقي بتنزيل برامج ناطقة على أجهزة الخلوي خاصة بالمكفوفين، وعندما افتتح لي والدي محلاً صغيراً في القرية جلبت هواتف لتحويل الأرصدة للزبائن، وهو نوع من التغلب على ظروف الحياة وحالة من إثبات الذات».

حاتم يتعلم اللغة مع زملائه المكفوفين

يعمل "حاتم حسابا" -الذي تأهل من ابنة خالته منذ أربعة أشهر- على تسخير إبداعاته وتميزه في مجال المعلوماتية في إضاءة حياة من فقد بصره، ومنهم أخواه، لكي تسهل الحياة أمامهما ويستفيدان من خبرته بالواقع، يقول زميله في الحياة والإعاقة "عهد أبو فخر": «لقد ساهم "حاتم" بكل طاقته من أجل المكفوفين في المحافظة بعد أن ضاقت بهم السبل عند إغلاق المدرسة الوحيدة لهم، وكون بالتعاون مع مجموعة من أصدقائه خلية هدفها توظيف شبكة التواصل الاجتماعي لتقديم المساعدة فيما يتعلق بطلب برامج معينة أو توضيح شرح عن عملها، وهو يحب الحياة ودائم التفاؤل، ويمثل قدوة لأقرانه وعائلته ومحيطه وأخويه الصغيرين في الاندماج مع كل شرائح المجتمع والسعي الدائم نحو التفوق وبناء المستقبل، ولديه قدرة عالية في مجال المعلوماتية وعقل إلكتروني مميز، وهو أول شخص مكفوف على مستوى المحافظة قام بتنزيل برنامج ناطق للمكفوفين على أجهزة الخلوي، ويقوم بتدريس الحاسوب للمكفوفين حالياً في "جمعية الوفاء". ومن القصص الجميلة التي حصلت معه أنه ساهم بحل مشكلة في أحد البرامج الحاسوبية لدى الجمعية، وقام بحلها بعد أن غفل عنها المختصون».

أما والدة "حاتم" ربة المنزل "لينا سليمان المدور"، فقد تحدثت عن أبنائها وعلاقتهم معها بعد أن باتوا ثلاثة مكفوفين في المنزل: «كان "حاتم" الولد الثاني بعد أخيه المعافى، وعندما ولد كانت مفاجأة غير متوقعة لنا، ووضعتني بموقف كبير حيث كنت أتعامل معه بخجل، وقد امتدت هذه الحالة إلى خمس سنوات كاملة حتى وضعناه في المدرسة الخاصة، حيث بات له أصدقاء جدد وحياة حافلة، ووجد حياته أخيراً في مجتمعه، غير أن المشكلة كانت عندما أنجبنا ولداً وفتاة وقعا بنفس الحالة، والحقيقة إن "حاتم" له دور كبير في تطوير إمكانيات أخويه ومساعدتهما على تجاوز الإعاقة، وهو الآن متزوج وباتت له أسرة يخاف عليها ويرعاها كما يرعى أخويه، وينظم وقته تنظيماً مدروساً بين العمل والدراسة والأسرة».

صديقه عهد أبو فخر