بدأ حياته بالوقوف أمام زملائه في الصف ليقلد بعض الشخصيات، أهمها المرأة العجوز، لينتقل بعدها إلى دراسة الفن بشكل أكاديمي، وليعرفه ويحبه الناس في أعمال فنية كثيرة، إنه ابن "السويداء" الفنان السوري "يوسف أبو حلا".

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "أبو حلا" في 9 تموز 2014، فتحدث بالقول: «العمل الذي قدمني للناس وأظهر قدراتي كفنان هو مسلسل "كان ياما كان"، وهو المحبب إلى قلبي، وهو عمل من ثلاثة أجزاء، وكل جزء فيه ثلاثون حلقة، وقد مثلت فيه ستين حلقة من أصل التسعين، حيث قدمت في كل حلقة دوراً مختلفاً عن الحلقة السابقة فمن دور المقاتل إلى دور الأعمى إلى دور صانع السلل إلى دور الملك.. إلخ، كنت أتنقل مستمتعاً حيث أثبت أنني أستطيع لباس الدور الذي منح لي، والمسلسل من كتابة وسيناريو الأديب المرحوم "داوود شيخاني" وإخراج "أيمن شيخاني"، كما أنني أعتبر نفسي محظوظاً منذ فترة الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية في "مصر"، التي استمرت أربع سنوات، حيث استطعت العمل في المجال الفني، وكنت طالباً، فعملت في مسلسل "بيرم التونسي" وهو من إخراج "نور الدوداش"، كما مثلت في ثلاث سهرات تلفزيونية للمخرج "أحمد خضر"، وعملت في الدوبلاج في فيلم "الرسالة" المعروف وهو من إخراج المخرج السوري الكبير "مصطفى العقاد"، وعملت في الدوبلاج أيضاً في فيلم "عملية شناو" من إخراج "أسامة ملكاني"، وبطولة كل من الفنانين: "عزت العلايلي، وأسعد فضة، وماجدة الخطيب"، كما عملت في مسرحية "أنطونيو وكيلوبترا" من إخراج "برنارد جوس"، وبطولة "سميحة أيوب، وحمدي غيث"، وذلك على المسرح القومي بالقاهرة من خلال التعاون الثقافي المصري - البريطاني، إضافة إلى عدة أعمال مسرحية في "مصر"، مثل: "عطيل"، ومسرحية "الوهج"، للأديب العالمي "جون شتنابيك"، وقد بدا علي في أغلب أعمالي تأثري الكبير بأستاذي الدكتور "سناء شافع"، الذي لم يبخل علي بالمعرفة في جميع مجالات الفن، وقد تعلمت منه أن الفن هو خلق وإبداع وتجديد وتطور وأخلاق».

"يوسف" فنان من الطراز الرفيع، وأنا أعتبر أنه لم يحصل على حقه كموهبة، فهو قبل أن يكون أكاديمياً، هو رجل الموهبة والفن، وذلك يتجلى في كل أدواره سواء في المسرح أو في التلفزيون أو السينما، وهو رجل خلوق وصاحب حضور كما أنه رقيق المشاعر ولديه مخزون ثقافي متميز، وأنا أقدر له إضافة إلى صدقه في العمل واحترامه الشديد لمواعيده، النشاط الاجتماعي الذي يجعله شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يؤمن بأنهم سر النجاح وسر الفشل

وعن الأدوار التلفزيونية التي قدمها على الشاشة السورية يقول: «أنا درست الفن في "مصر" لأنه في عام 1974 لم يكن لدينا في "سورية" معهد عال للفنون المسرحية بعد، وقد تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة عام 1978، وعرض علي أن أبقى في مصر وأعمل هناك إلا أنني رفضت، وكان هدفي أن أعمل في بلدي الأم "سورية"، وفعلاً عدت إلى سورية، وفي هذه الفترة كان المعهد العالي للفنون المسرحية في "دمشق"، قد بدأ يخرج الطلاب وبفضل الله وبعض الأصدقاء المحترمين الذين يعرفون "يوسف أبو حلا" بدأت مشواري الفني في "دمشق"، وكنت متعدد الأدوار فقبلت ولم أكن متحجراً فأي دور مهما كبر أو صغر أقوم به إذا شعرت بأنه سيناسب شخصيتي ويخدم فني، وقد وصل رصيدي من الأعمال التلفزيونية إلى 67 عملاً تلفزيونياً أذكر منها تقريباً أهم الأعمال، وأولها عمل "عذراء الرمال" للمخرج "منير الناقروي"، ثم "أخو سعدى"، و"احتمالات لعبة النهاية"، و"مواكب النغم"، و"كهف المغاريب"، و"الخطوات الصعبة"، و"اللحظة الأخيرة"، و"طرائف العرب"، و"مقعد في الحديقة"، و"أمانة في أعناقكم"، و"إخوة التراب"، و"سقف العالم"، و"رقص الحباري"، و"بقايا صور"، و"البحث عن صلاح الدين"، و"وردة لخريف العمر"، و"عمر الخيام"، و"الحجاج"، و"قتل الربيع"، و"المقامر"، و"الظاهر بيبرس"، و"أسياد المال"، و"الحسن والحسين"، و"ياسمين عتيق"».

الفنان أبو حلا مع الفنان الكبير أديب قدورة

أما عن أدواره في السينما والإذاعة والمشاركة في المهرجانات المحلية والدولية، فيتابع: «مع أنني أجد نفسي في التلفزيون أكثر وخاصة في الأدوار التاريخية، ربما لأنها تحاكي امتداداً كبيراً في روحي، ولكنني لم أغفل العمل في السينما والإذاعة فقد قدمت دور "العراف" في فيلم "المهد"؛ وهو من إخراج "محمد ملص"، أما في الإذاعة فعملت في الدوبلاج ضمن أعمال كثيرة أهمها البرنامج المشهور "حكم العدالة"، كما عملت في المسرح وقدمت الكثير من الأدوار المسرحية كان أهمها أيضاً مسرحية "خارج السرب" للأديب "محمد الماغوط"، وهي من إخراج الفنان "جهاد سعد"، ومسرحية "أوكس"، وهي أيضاً للمخرج "سعد"، ومسرحية "كالغولا" ومسرحية "المجنون" من إخراج الفنان "طلال الحجلي"، ومسرحية "المهزلة الأرضية"، ومسرحية "المحقق" ومسرحية "المنافقون" من إخراج الفنان "سهيل شلهوب"، ومسرحية "سيف الدولة الحمداني"، أما عن مشاركتي في المهرجانات المحلية والدولية السينمائية والمسرحية، فقد شاركت في مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة، ومهرجان تونس المسرحي، ومهرجان الجزائر للسينما، ومع كل هذه الأعمال مازلت أقول: إنني لم أبدأ بعد».

وبالعودة إلى بداية الموهبة يسترجع "أبو حلا" ذكرياته ويحدثنا قائلاً: «منذ الطفولة كنت مولعاً بالتقليد، وخاصة تقليد دور المرأة العجوز، حيث كنت أقف أمام تلاميذ صفي وذلك عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي، وأقلد لهم هذا الدور، وكنت أستمتع عندما أراهم يضحكون، لأنني أعتبر نفسي قد نجحت، ثم تطورت هذه الموهبة فبدأت المشاركة ببعض الفرق المسرحية المدرسية، ثم في مسرح شبيبة الثورة بأدوار مختلفة، حتى إنني لكثرة اهتمامي بالمسرح رسبت في الشهادة الإعدادية ثلاث سنوات، ثم انتقلت للعمل بالمسرح العسكري عن طريق بعض المعارف، وهناك تعرفت على أهم الشخصيات الفنية في "سورية" وأهم الأصدقاء، وكان الفن لدي في تلك الفترة لا يزال في إطار الموهبة، وفي أحد الأيام من عام 1974، زارني أصدقائي في المسرح العسكري، وهم كل من الفنانين: "عبد الهادي الصباغ، وأحمد مللي، ووجيه الأصفري" رحمه الله، وقالوا لي: يا أخي، لماذا لا تذهب لدراسة التمثيل بشكل أكاديمي؟ ويومها كما ذكرت لم يكن لدينا في "دمشق" معهد لمثل هذه الدراسة، فقلت لهم: ولكن أين؟ فقالوا: في العراق أو مصر أو في أي دولة أجنبية. وفي نفس العام استطعت الحصول على الشهادة الثانوية وتوجهت إلى أم الدنيا "مصر"، وقدمت أوراقي إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان عدد الطلاب المتقدمين للمعهد حينها 1300 متقدم قبل منهم 300 متقدم فقط، وقد كنت من بينهم وكانت الخطوة الأولى».

في مسلسل الحجاج

وفي قراءة للمخرج المسرحي "سمير البدعيش" وهو صديق الفنان "أبو حلا" يقول: «"يوسف" فنان من الطراز الرفيع، وأنا أعتبر أنه لم يحصل على حقه كموهبة، فهو قبل أن يكون أكاديمياً، هو رجل الموهبة والفن، وذلك يتجلى في كل أدواره سواء في المسرح أو في التلفزيون أو السينما، وهو رجل خلوق وصاحب حضور كما أنه رقيق المشاعر ولديه مخزون ثقافي متميز، وأنا أقدر له إضافة إلى صدقه في العمل واحترامه الشديد لمواعيده، النشاط الاجتماعي الذي يجعله شخصاً غير بعيد عن الناس الذين يؤمن بأنهم سر النجاح وسر الفشل».

يذكر أن، الفنان "أبو حلا" من مواليد "السويداء"، عام 1951، قدم نحو سبع وستين عملاً تلفزيونياً والعديد من الأعمال السينمائية والمسرحية والإذاعية، وشارك في عدد كبير من المهرجانات الفنية والسينمائية، وحصل على العديد من الثناءات والتقديرات من وزارة الثقافة ونقابة الفنانين، وعلى الميدالية الذهبية من المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، وهو متزوج ولديه ثلاثة أولاد هم: "حسان، وداليا، وديانا".

المخرج سمير البدعيش