هو احدى بوابات مدينة شهبا الحديثة ومن اكثر الفنانين التصاقا ومعرفة بأسرارها وفنها وتراثها وتخاله جزءا من سورها الباقي الى الآن وان اردت المزيد عن قصصها منذ أيام فليب العربي الى الآن فهو مفتاحها.

انه حميد نوفل ابن مدينة شهبا المولود عام 1967 حيث عاش طفولة اقل ما يقال عنها ((اليتيم)) فقد خص الله والده بالشهادة في حرب تشرين التحريرية عام 1973. يقول حميد: كان ترتيبي الثاني في العائلة وعندما استشهد والدي كنت ارى النساء وهن في حالة بكاء وحزن شديدين ومازالت اطياف تلك الأيام تلاحقني حتى الآن وأحس في كل لحظة أن روح والدي ترافقني اينما حللت ولذلك اهدي اعمالي كلها لروحه الطاهرة...

كانت بدايته في مدارس ابناء الشهداء في دمشق ولاحظ لديه ميولاً للغة البصرية ولاحظ ان لديه رغبة لكي يحول اي شيء يجده الى لون حيث بدأت مرحلة تكوين الرأي الفني لاخراج اعمال تحمل قيمة معينة.

وكان دخوله معهد الفنون التشكيلية في السويداء بداية الطريق الحقيقي نحو الاحتراف واذا ما سألته عما يريد يخبرك أنه لا يعلم أبداً لأنه في حلم مستمر منذ الآف السنين فهو يدرك انه كان مع الذين حملوا السيوف وركبوا صهوة جواد أبيض وهو كان مع الذين بنوا مدينة شهبا والحلم مازال مستمرا فهو مازال يمارس الفن للتعبير عما يجول في خاطره ويخاطر للدخول الى النفس البشرية لكي يقف عند كل همسة ونبرة وإيقاع وعندما ينتهي من اللوحة تشعر وكأنك ترصد انفاسه وخلجات نفسه ولكن بحذر شديد.

يقول حميد: ان اللوحة لا تصنع صناعة, اللوحة تولد ولادة، وعندما ألدها احس بمخاض عسير وقاس ولهذا السبب حين تقرأ وجهي او اللوحة تكتشف داخلي وبقدر ما تحمله اللوحة من مصداقية أقدم حالي للآخر وبعمق اكثر.

سألناه عن المرأة في حياته وفي لوحاته فقال: المرأة موجودة في كل التفاصيل, علاقتي مع امي والحنان الذي أخذته منها بشكل خاص جعلني اعتبر المرأة هي الضفة الأخرى لي من خلالها اكتشف داخلي وكم انا صبور مثل صبر امي على الواقع.

وزوجتي هي حبي الأول حيث كانت ترافقني منذ الصغر وتشعر بي اكثر واكثر وهي التي تعيش معي وتتحمل لحظات العزلة التي امارسها عندما ارسم وقد تمضي اياما طويلة دون كلام حتى انتهي من عملي.

في معرضه الأخير في صالة الفا للفنون التشكيلية كان العنوان صاخبا ((انعتاق)) حيث يقول عنه حميد نوفل: ان الفن بكل اجناسه الرهان الوحيد الذي يعيد للحياة معناها واعتبارها حيث إن لوحات المعرض بزخم لوني صريح وبخليط لوني ينسجم تارة ويتنافر تارة اخرى وبالتالي الكل يشكل صرخة، ويشكل حراكاً وفوضى علها تعيد النشاط الذهني وتحفز المخيلة للعمل من جديد ويمكن ان يعود من جديد لممارسة الرقص مع الطيور في فضاء هذا الكون الذي كان صافيا ونقيا دون خوف من ان نكون هدفا لقناص يتربص بنا.

وباختصار يقول نوفل عن أعماله انها حوار تفاعلي حسي وبصري يحاور ذواتنا ويكشف لنا آفاقاً نعي من خلالها اين موقعنا الحسي من الحياة.

عندما اتت السيده فيروز الى دمشق طلب من عدد معين من فناني القطر رسم لوحة لها لإقامة معرض بعنوان بطاقة حب دمشقية الى السيدة فيروز، فقدم حميد لوحة يقول عنها انها بكل بساطة تحية ملأى بالدفء الى التي أهدتنا صباحاتنا كل يوم وتعبير بسيط يقول لها: صباح الخير في سورية.