بنى "سامر الحرفوش" عالمه الإعلامي والفني بيديه، معتمداً على طاقة داخلية كبيرة سخرها بسرعة قياسية لاكتساب مهارات التصوير والإخراج، فوصل سريعاً نحو أهم المحطات العربية المتخصصة التي أولته الرعاية والاهتمام.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 4 آذار 2018، مع المغترب "سامر سليمان الحرفوش"، ليتحدث عن مشواره الطويل مع الكاميرا، فقال: «درست الصف العاشر في ثانوية "إبراهيم زين الدين" في "السويداء"، وانتقلت في الحادي عشر إلى الثانوية الصناعية، وكنت الطالب الوحيد الذي مشى عكس التيار؛ فكل الناس يرغبون بالثانوية العامة. كنت مشاكساً جداً، ورياضياً أمارس كل أنواع الرياضات، ومولعاً بالتصوير. درست في المعهد الصناعي، وتخرّجت، وفي السنة نفسها قمت بالتدريس بنظام الساعات في الثانوية الصناعية، وكنت أصغر مدرّس.

أنا ضد أن نستثمر في غربتنا، فكل ما نطمح إليه أن نعود إلى الوطن للاستقرار النهائي بكرامة وراحة. استثمرت في العقارات والزراعة، لأن هذه المشاريع تفيد البلد والناس، وأطمح بإنشاء محطة إذاعية وشركة إعلام صغيرة، وقد يتحقق الحلم قريباً. أكثر الاستثمارات التي أركز عمري عليها أبنائي؛ فلدي شاب في 17 من العمر، وثلاث زهرات صغيرات؛ أحاول مع شريكة حياتي أن نقدم لهم وسائل الراحة والسعادة لكي يبدعوا في الحياة

انتقلت بعد ذلك إلى "دمشق"، والتحقت بشركة للإنتاج الفني، التي كانت الوحيدة المسؤولة عن تدريب المراسلين، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك محطات فضائية سوى قناة "mbc"، عشقت المهنة في أقل من شهر، وكان أول اختبار لي مقابلة مع "عمرو موسى"، وبسرعة صار لي اسم جيد في الوسط الإخباري. كنت شجاعاً وجريئاً، وهذا كان سبباً في نجاحي، لأن مصور الأخبار مطلوب منه أن يكون ذا حضور، وسريع البديهة. دخلت مجال تصوير الدراما، بقيت فيه من عام 1993 حتى عام 1996، وبت معروفاً لدى أغلب الفنانين، ومرغوباً بالوسط الفني، وربطتني مع الجميع علاقات قوية، حيث شاركت بمسلسل "السوار" مع المخرج "باسل الخطيب"، ومسلسل وثلاثية مع الفنان "عبد الهادي الصباغ"، وعدد من الأعمال مع المخرج "حاتم علي"، قبل أن أقرر السفر إلى دول الخليج».

مع الإعلاميين الراحل منقذ العلي ووليد السمور

تنقل بين أكثر من محطة فضائية في "الخليج العربي"، وعمل على زيادة خبرته ومعارفه، وخاض الكثير من التجارب قبل أن يحط الرحال في واحدة من أكبر المحطات الرياضية في العالم، وأضاف: «محطتي الأولى كانت "الكويت"، حيث توظفت في مكتب "mbc" لمدة سنتين، بعدها انتقلت إلى "دبي" عام 1998، وعملت بشركة خاصة لمدة سنة واحدة. بعدها تقدمت إلى تلفزيون "أبو ظبي" للعمل "مصور ستديكام"، حيث كنت المصور الوحيد في "الإمارات" الذي يملك هذه المهارة بالتصوير.

عملي في قناة "أبو ظبي" أكسبني خبرة كبيرة في كل أنواع التصوير (مصور كرين، مصور تحت الماء، برامج سياسية، وثائقية، اجتماعية)، وأنا مصور مرخص من الطيران هليكوبتر، ومصور رياضي، مصور حربي، وقمت بنقل أحداث الحرب الأهلية في "الصومال"، وكانت هي المرحلة التي قررت بعدها الانتقال إلى الرياضة، والابتعاد عن الخطر بعد أن رزقت بطفل.

ملخص لخبرته

التحقت بمحطة "الجزيرة الرياضية" منذ عام 2003، وحالياً في "beinsport"، قمت خلالها بنقل أخبار عدد كبير من بطولات العالم المختلفة، وأحمل شهادة مخرج إخباري، وشهادة مخرج أفلام وثائقية، وشهادة مونتاج».

وعن أكثر اللحظات إثارة في حياته المهنية، قال: «كنت مسؤولاً عن برنامج سياحي ترفيهي اسمه "القافلة يزور دول"، زرت من خلاله ما يزيد على 36 دولة، في "موريشيوس" وسط المحيط صورنا بالطائرة الجبال وصيد غزلان حتى وصلنا إلى آخر محطة بتصوير المحيط عن طريق غواصة تتسع لستة أشخاص، هبطت الغواصة في قلب المحيط، في الغواصة ساعة تقرأ لك عمق المسافة، بدأ الخوف لدي عندما نزلت إلى عمق 25 متراً، ثم هبطت فينا إلى عمق 112 متراً، وبدأت تسير حول حطام مركبة برتغالية قديمة مستقرة في قعر المحيط، وأسماك القرش تتوق لمشاهدتنا خارج "الغواصة". فجأة تعطل المحرك لمدة 15 ثانية توقفت معه قلوبنا، وكأن الوقت دهر، وهي أكثر مرة بحياتي الملأى بالمغامرات والتشويق أشعر فيها بالخوف».

في بستانه بمدينة شهبا

خرج من "سورية" نحو غربة طويلة بدأها منذ عام 1996، وحتى الآن، لكنه لم يستثمر أي مبلغ في الخارج على الرغم من الإغراءات، وقال: «أنا ضد أن نستثمر في غربتنا، فكل ما نطمح إليه أن نعود إلى الوطن للاستقرار النهائي بكرامة وراحة. استثمرت في العقارات والزراعة، لأن هذه المشاريع تفيد البلد والناس، وأطمح بإنشاء محطة إذاعية وشركة إعلام صغيرة، وقد يتحقق الحلم قريباً. أكثر الاستثمارات التي أركز عمري عليها أبنائي؛ فلدي شاب في 17 من العمر، وثلاث زهرات صغيرات؛ أحاول مع شريكة حياتي أن نقدم لهم وسائل الراحة والسعادة لكي يبدعوا في الحياة».

وعن رؤيته لبلاده، ومسقط رأسه مدينة "شهبا" وما تمثله، قال: «عندما كنت أعمل في برنامج "القافلة" الشهير، زرت أغلب بقاع الأرض مع مخرج البرنامج المغربي الجنسية، حاولت كثيراً الضغط عليه لزيارة "سورية"، وكان يرفض بحجة الوضع. زرنا "الهند"، و"مصر"، وصنعنا عن هذين البلدين حلقة واحدة لكل منهما. وعندما اقتنع أخيراً بزيارة الوطن جنّ جنونه لما رآه، وخاصة عندما مشى في "دمشق القديمة"، وقال بالحرف: (في "اسكوتلاندا" مشينا 400 كيلو متر لزيارة بيت عمره 100 سنة، وأنتم عندكم بيوت عمرها آلاف السنين). وكان البلد الوحيد الذي صنعنا عنه حلقتين.

أجمل ما في "شهبا" روحها الرومانية المتعشقة بأرضها ومائها وروح أهلها، وأجمل ثلاث لوحات في هذا الوجود موجودة فيها، فهناك رائحة الأرض وقت الفلاحة، ومنظرها وهي غارقة في الثلج، ورائحة خبر التنور الذي يغني الروح، فهل هناك أجمل من ذلك؟»

الرياضي والمغترب في "أوروبا"، وصديق طفولته "محمد صيموعة"، قال: «"سامر" صديق طفولتي وشبابي، يتميز بوفاء منقطع النظير، المشاكس المحب للتميز، وقد أثبت نفسه ومقدرته من خلال تصميمه على الوصول. كانت مفاجأة لنا في ذهابه إلى المدرسة الصناعية، التي عاد إليها مدرّساً. وكانت مفاجأته الثانية التحاقه بدورات التصوير والإعلام والإخراج، وفي كل محطة ينجح ويتطور حتى وصل إلى أهم محطة للرياضة. على الرغم من اغترابنا الطويل، يبقى وفياً لأهله وأصدقائه الكثر، والأجمل أن يده بيضاء، وسخاءه واضح على الرغم من عدم حديثه عما يقدمه للناس، وخاصة في هذه الأزمة التي تمر بها البلاد».

يذكر أن "سامر سليمان الحرفوش" من مواليد مدينة "شهبا"، عام 1968.