بين الاغتراب والحنين إلى أرض الوطن، ثقافة تحمل البعد التراثي والانتماء إلى الجذور، أكثر من عقد زمني وحكاية الاغتراب وطموح الاستثمار، يشكلان الهاجس عند المغترب "شبلي أبو عرار"، ولكن ثمة قصة لا بد منها لمعرفة حكايته مع الاغتراب.

عن البدايات وما تلاها من حالة اغتراب وأسبابه، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 نيسان 2014 التقت المغترب "شبلي أبو عرار" الذي بين بالقول: «كانت ولادتي في 17 كانون الأول 1973 بقرية "المغيّر" التي تبعد عن مدينة "السويداء" نحو 50 كيلو متراً، عشت بين أهلها وفي كنف عاداتها وتقاليدها مع أسرة كادحة تعمل في حقل التنمية في البناء والتعمير، درست الابتدائية والإعدادية في "السويداء"، حيث كان الفقر يقف حاجزاً أمام تقدمي العلمي، ذلك لأنني كنت المعيل الوحيد لأسرة مؤلفة من ثماني نسوة سبع شقيقات ووالدتي، والوالد كان مغترباً من أجل لقمة العيش الكريم.. بدأت حياتي العملية في السفر إلى "ليبيا" لمدة أشهر قليلة، عدت منها لأعمل في حقل التجارة والسياقة إلا أن هذا المشروع كان خاسراً، لأذهب مرة أخرى إلى "ليبيا" لمدة أربع سنوات، عدت منها ولم أر فيها الحياة الوضاءة، خلال فترة وجيزة سافرت إلى المملكة العربية السعودية لأشهر، ثم إلى دولة "الكويت"؛ لتبدأ رحلتي مع الاغتراب في العمل بنجارة البيتون، بعدها انتقلت إلى العمل في حقل المطاعم، ولكنني تركت هذه المصلحة وذهبت إلى شركة ألبان وأجبان لعلي أحقق شيئاً من شخصيتي، ومنذ دخولي تلك الشركة وأنا أطمح أن تكون في بلدي».

تربطني معه علاقة طفولة ووحدة الانتماء إلى القرية الواحدة، وكذلك العادات الموحدة والسكن، لكن عرفته مذ كنا نعمل قديماً، طموحاً محباً لأرضه ووطنه، وهو الطامح للاستثمار لخلق فرص عمل لأبناء وطنه وقريته، عمل بجد وحقق ما يتمناه بتطبيقه المقولة الشهيرة: "من جدّ وجد"

وحول العلاقة بين الاغتراب والعمل والمشاريع الاستثمارية بين "أبو عرار" قائلاً: «في الشركة هناك عوامل إنتاج وخطوط، ما إن بدأت في السنة الأولى العمل حتى ترفعت إلى مشرف عام على الإنتاج، وفي السنة التي تلتها كنت مديراً للإنتاج، تعلمت حرفية تلك المهنة، الأمر الذي دفع بي أن أدخل عالم المعلومات والمعلوماتية وأصرف جهداً كبيراً يومياً بعد ساعات العمل على حساب ساعات الراحة في المنزل للاطلاع على أحدث التقنيات العلمية في مجال صناعة الأجبان والألبان، مع شراء العديد من المراجع العلمية المتخصصة التي تزودني بالمعرفة والقيمة المعرفية في هذا المجال».

السيدة زهر أبو خير

أما من ناحية الاستثمار في "السويداء" وتأسيس مشاريع تنموية، فبيّن "أبو عرار" بالقول: «لأن طبيعة العمل تستوجب الاطلاع الدائم على أحدث الآلات والتقنيات، دفعني فضولي الدائم للمعرفة إلى السفر إلى بلدان عدة أوروبية وعربية، منها: "تركيا، وقبرص، ومصر، ولبنان، والسعودية"، وغيرها، وذلك بهدف نقل تلك التقانات إلى بلدي ووطني "سورية"، حيث شغلتني الغربة طوال سنوات عن تأسيس مشروع تنموي استثماري فيها، والآن حان وقت تنفيذ مشروع يخلق ما يقارب مئة فرصة عمل كخطوة أولى، بين الأساسي والموازي (ما يعني أنني سوف أقوم بتحريك السوق المحلية وتشجيع تربية الثروة الحيوانية ومساعدة مربيها في بعض الأحيان)، أي إنني أحاول خلق مشاريع متكاملة للزراعة بشقيها النباتي والحيواني، وبالتالي خلق نوع من التكامل بين المشروع ومربّي الثروة الحيوانية، وهذا ما يؤسس لصناعة آمنة تدعم الأمن الغذائي وطنياً وقومياً، تلك الأفكار التي نهلتها جراء متابعتي لمنشورات منظمة الزراعة والأغذية، والجامعة العربية، مع التركيز على تنمية الموارد البشرية».

وبسؤاله عن البدء بمشاريعه القادمة أجاب قائلاً: «مذ كنت في المغترب وأنا أحلم أن أقدم لمجتمعي مشروعاً تنموياً، واليوم وبعد أن كوّنت "رأسمال" يمكن من خلاله إقامة هذا الحلم، بدأت إعداد الدراسات اللازمة من جدوى اقتصادية وفنية في بناء وإحداث مصنع لصناعة الأجبان والألبان في محافظتي "السويداء"، لعلي أخفف من أعباء الحاجة إلى العمل، وكذلك تأمين سلامة الغذاء وتكريس مبدأ توطين الفلاح الذي بات الجفاف يهدد مضجعه، ويدفعه إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية، ويتضح هدفي من خلال اختيار الموقع وسط جبل العرب، في بلدة "القريا"، في موقع "دفن"».

المغترب شبلي أبو عرار

أما عن الصعوبات التي تعترض العمل فقد أوضح قائلاً: «لا بد لكل مشروع من صعوبات تواجهه، ولكن إيماني القاطع بتنفيذ رغبتي سوف يتغلب على كافة الصعوبات، خاصة أن الغربة قد ولدت لدي الحافز الأكبر في نقل ما اكتسبته من معرفة إلى وطني وبلدتي وأهلي، ولكن هناك أشخاصاً يملكون الأفكار، ولا يملكون إمكانيات التنفيذ مادياً على الواقع، وربما هذا يقودنا إلى سؤال: إذا كان قانون الاستثمار يشجع المستثمر على تنفيذ مشاريع تنموية داخل الوطن، لماذا التعليمات الإدارية والتطبيقات الفعلية تقف حاجزاً أمام إظهار تميز الفكر على الواقع؟!».

السيدة "زهر أبو خير" رئيسة فرع هيئة الاستثمار في "السويداء" تحدثت عن حالة الاندفاع عند المستثمر "شبلي أبو عرار" قائلة: «كثيراً ما يأتي إلى فرع الاستثمار بـ"السويداء" أناس يقتحمون مجال الاستثمار بقصد الريعية والربح، وتحقيق مكاسب وبناء شخصية تجارية استثمارية، لكن المغترب "شبلي أبو عرار" المستثمر المندفع، شكّل حافزاً لتقديم المساعدة له في تحقيق ما يصبو إليه، حين وضع مخططاً وهدفاً مستقبلياً؛ أن يكون مشروعه الاستثماري في خدمة أبناء وطنه، وخلق فرص عمل للعديد من جيل الشباب، مع تفعيل دور المشروع في تواتر الحركة التنموية بإدخال الفعاليات المستهدفة ضمن عجلة الاستثمار، كأن يدفع بمربي الثروة الحيوانية إلى المشاركة المنهجية في تنمية قطعانهم، والعمل على مساعدتهم في تأمين مستلزمات الإنتاج من العلف الأخضر وغيرها، وضمان تسويق الإنتاج، تلك الأفكار وغيرها من الأعمال يسعى فرع هيئة الاستثمار في "السويداء" إلى تحقيقها وتبسيط الإجراءات، لخلق حوافز مشجعة للمستثمرين المغتربين».

عصمت صعب

وأشار ابن قرية "المغيّر" السيد "عصمت صعب" عن علاقة الانتماء والطموح الجامح للمغترب "شبلي أبو عرار" قائلاً: «تربطني معه علاقة طفولة ووحدة الانتماء إلى القرية الواحدة، وكذلك العادات الموحدة والسكن، لكن عرفته مذ كنا نعمل قديماً، طموحاً محباً لأرضه ووطنه، وهو الطامح للاستثمار لخلق فرص عمل لأبناء وطنه وقريته، عمل بجد وحقق ما يتمناه بتطبيقه المقولة الشهيرة: "من جدّ وجد"».