«مازلت أذكر تفاصيل صغيرة عن طفولتي، أذكر كيف دخلت روضة الأطفال في مدينة فالنسية في فنزويلا، بعمر خمس سنوات لأجد أطفالاً يختلفون كثيراً عن أطفال قريتنا وأبناء جيراننا، كانوا يلعبون ويتحدثون وأنا لم استطع مشاركتهم اللعب أو التحدث معهم، لأني لا أعرف لغتهم وكان لا بد من تعلم اللغة، كان الأمر صعباً في البداية، ولكن ثلاثة أشهر كانت كفيلة بتعلمي لغتهم».

الحديث كان للشاب "خالد الحسن" من مواليد قرية "لاهثة" عام 1992 والمقيم حالياً في فنزويلا، موقع eSuweda التقى "خالد" أثناء زيارته لقريته بعد أحد عشر عاماً في الغربة، وتابع: «عمري الآن سبعة عشر عاماً، وأنا طالب في الجامعة وأدرس هندسة البترول في السنة الثالثة، سئلت كثيراً عن هذا الموضوع، كيف يمكن أن أكون طالباً في الجامعة وأنا بسن السابعة عشر؟ في الحقيقة نظام التعليم في فنزويلا يختلف عن نظام التعليم في بلدنا، العام الدراسي لديهم عبارة عن ثلاث فصول، وأنا في الصف الثاني درست فصلين فقط ولأني كنت من المتفوقين والمتميزين ترفعت إلى الصف الثالث، فبعد كل فصل كنا نخضع لاختبار وكنت فيه الأول وبناء على الاختبار ترفعت عاماً كاملاً، وبالنسبة للمناهج فهي أيضاً مختلفة، نحن لا نعتمد نظام المتلقي أو المستقبل، كان يطلب منا حلقات بحث ونحن نكتبها ونقدمها بعد البحث في المراجع والكتب، وأنا في الصف الثالث طلب مني حلقة بحث عن "سيمون بوليفار" محرر فنزويلا من الجيش الاسباني، ساعدني أصدقائي ومعلمتي في انتقاء أسماء المراجع وبدأت البحث في المكتبات العامة حيث ساعدتني والدة صديقي جارتنا السيدة "ماريا"، كانت تزور معي المكتبات العامة وتساعدني في الحصول على المراجع المطلوبة وقدمت لي الكثير من المعلومات لكونها ابنة فنزويلا حتى أتممت بحثي وقدمته للمدرسة، وفي المدرسة شكلنا فريقاً من المتميزين، كان يمثل المدرسة بمسابقة سنوية، وكنت من أعضاء الفريق وقدمت بحثي على مدرج مدرسة المحاماة وحصلنا على المركز الثالث، وبعدها ترفعت عامين كاملين من الصف الثالث إلى الصف الخامس، لأني كنت أصغر طفل يقدم محاضرة وكان بحثي شاملاً ومتكاملاً تحدثت فيه عن حياة سيمون بوليفار والمعارك التي خاضها وانتصاراته وانجازاته، أذكر أن صديق مديرة المدرسة وكان طبيباً، سألني عن أصلي وعرف أني عربي، فقال لأبناء بلده: "انظروا إنه عربي ويتحدث عن تاريخنا أفضل منا، فإذا كان عقله من إسفنج، فما هي طبيعة عقولكم أنتم؟"، وتابعت بعدها بنفس المستوى المتميز، وقدمت أبحاثاً عديدة في كل عام بحثاً جديداً، وحصلت على العديد من الميداليات وشهادات التفوق، بالإضافة إلى ذلك قمت بنشر ثقافة بلدي وعاداته الجميلة بين رفاقي، فكثيرة هي الحقائق المزيفة التي كانوا يعتقدون بها اتجاه العرب».

أنا الآن في السنة الثالثة هندسة بترول وأرغب بمتابعة دراستي والحصول على شهادة الدكتوراه ولكن من جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك الوقت سأعود إلى سورية وأنا أحمل شهادتي التي سأقدم من خلالها شيئاً لبلدي

وعن دور أهله في نجاحه وتفوقه؟ قال: «صحيح أني أتقنت اللغة الاسبانية ولكني منعت من التحدث بها في منزلنا، لأني أتحدث العربية، والفضل في ذلك يعود لأهلي، فوالدي دائم التحدث عن سورية وعن تراثها وحضارتها، ووالدتي تحدثني عن قريتنا وأهلنا وأصدقائنا، مع قصص أبي وحكاياته عشت تاريخ العرب الحافل بالانتصارات وتاريخ بلدي سورية بكل ما فيه من انجازات، أنا الآن في إجازة في سورية، أشعر أني أعرف حجارتها وناسها وتراثها من خلال حكايات أبي، وكأني دائم العيش بين هؤلاء الناس، وأصدقائي وأقربائي كانوا حاضرين في ذهني من خلال الصور وأحاديث والدتي والتراسل عبر الانترنت، ومشاهدة التلفزيون السوري باستمرار».

"خالد الحسن" مع عائلته

أما عن آماله وطموحاته؟ فأجاب: «أنا الآن في السنة الثالثة هندسة بترول وأرغب بمتابعة دراستي والحصول على شهادة الدكتوراه ولكن من جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك الوقت سأعود إلى سورية وأنا أحمل شهادتي التي سأقدم من خلالها شيئاً لبلدي».