«سافرت تاركاً ورائي زوجتي وابني بعمر عشرة أشهر، ظننت أن أربع سنوات كافية لتحسين وضعي المادي والعودة إلى بلدي، ولكن في بلد مثل فنزويلا الأربع سنوات كانت مرحلة تأسيس وثمار الجهد والتعب لا يبدأ قطافها إلا بعد مرور أربع سنوات وربما أكثر».

هذا ما قاله السيد "جمال الحسن" لموقع eSuweda يوم الثلاثاء 1/8/2009 الذي التقاه في قريته "لاهثة" لا ليبرر غيابه الطويل، ولكن هذا هو الواقع، وتابع قائلاً: «ولدت في قرية "لاهثة" عام 1969 وعشت طفولتي فيها، لم أهمل تعليمي ودرست في دار المعلمين في "السويداء" لأعمل بعدها في التدريس بمحافظة "الرقة" ثم في منطقة "رجم الدولة" في "السويداء" ثم في قريتي "لاهثة" وسنة في التوجيه، خلال هذه الفترة ذهبت إلى السعودية أربعة أشهر في الاحتياط أثناء حرب الخليج، رغم كل ذلك كنا أسكن ببيت مستأجر وظروفي المادية قاسية، سافرت لتحسين وضعي ودخلي وتأمين منزل للسكن، سمعت عن فنزويلا الكثير وقررت السفر إليها مدة استيداع أربع سنوات، ولكنها مرت بسرعة ولم أحقق خلالها شيئاً لأنها كانت مرحلة تأسيس فقط، عملت بالتجارة وبدأ عملي بالاستقرار والنجاح في السنة الخامسة، ففكرت بزوجتي وابني الذي لم أره مذ كان عمره عشرة أشهر وأصبح في الخامسة من عمره ولا يعرف والده إلا في الصور، فقررت أن أعيش معهم ولو في الغربة فلم يكن باستطاعتي ترك عملي وفي بداياته والعودة، وبالفعل ذهبت في زيارة للوطن لإحضارهم».

بالتأكيد، فالحنين إلى الوطن يشغل حيزاً كبيراً من حياتي، ولكن ابني في الجامعة يدرس هندسة بترول، حالياً في السنة الثالثة وبقي له القليل من الوقت ويكمل دراسته، وبعدها سنعود للاستقرار في الوطن، لولا دراسة ابني لعدت منذ زمن، ولكن من انتظر تلك السنوات ينتظر عاماً أو عامين

زوجة السيد "جمال" السيدة "مها الحسن" قالت: «الفترة التي قضيتها في غياب زوجي صعبة جداً، طفلي ووظيفتي، كنت موظفة بالمركز الصحي، وعندما طلب مني السفر معه لم أتردد أبداً لرغبتي بوجوده إلى جانب طفلنا مع علمي المسبق بأنني سأنتقل إلى بلد غريب بكل شيء عن بلدي بعاداته وتقاليده، ولكن هكذا شاء القدر، في البداية واجهت صعوبة كبيرة في تعلم اللغة فلم أتقنها إلا بعد عامين على عكس ابني الذي أتقنها خلال ثلاث أشهر، لأني وفور وصولي قمت بإدخاله روضة للأطفال تمهيداً لدخوله المدرسة، تابعت ابني بحذر شديد، وكنت حريصة على تعليمه وعدم إهمال دراسته، كنت أقوم بتسميع دروسه رغم عدم معرفتي لكثير من الكلمات في كتبه وكنت أطلب منه باستمرار ترجمتها إلى العربية لأتأكد من حفظه لها ولكي لا يهمل لغته، الآن عمره سبعة عشر عاماً ويدرس في الجامعة هندسة بترول ويتحدث العربية كما الاسبانية ويعرف كل شيء عن عاداتنا وتقاليدنا وطقوس أفراحنا ومناسباتنا، لم أترك مجالاً للغربة الطويلة أن تمحو ولو جزءاً بسيطاً من ذاكرتنا، رزقت بطفلة أيضاً وأنا الآن في زيارة للوطن ولأهلي بعد غياب دام أحد عشر عاماً، فترة طويلة ولكن شاءت الظروف».

"مها الحسن" زوجة السيد "جمال"

وعن نشاطها في المغترب أضافت: «رفضت أي نوع من أنواع العمل، وجودي إلى جانب ابني كان هو الأهم، في السنة الأولى عانيت من العزلة بسبب عدم اتقاني اللغة، ولكن في السنة الثانية أقمت العديد من الصداقات مع جاراتي في البناء منهن من الشعب الفنزويلي وأخريات من جنسيات مختلفة ايطالية وفرنسية، بالإضافة إلى العلاقات التي أقمناها مع الجالية السورية منذ بداية وصولنا، نحن بتواصل دائم معهم ونشاركهم جميع مناسباتهم».

وعندما سألنا السيد "جمال" إذا كان ينوي العودة والاستقرار في سورية؟ أضاف: «بالتأكيد، فالحنين إلى الوطن يشغل حيزاً كبيراً من حياتي، ولكن ابني في الجامعة يدرس هندسة بترول، حالياً في السنة الثالثة وبقي له القليل من الوقت ويكمل دراسته، وبعدها سنعود للاستقرار في الوطن، لولا دراسة ابني لعدت منذ زمن، ولكن من انتظر تلك السنوات ينتظر عاماً أو عامين».