إشكالية الخارطة البيئية تبدأ من وعي ابن "السويداء" وإرادته بالتطوير البيئي، ولا تنتهي بتحديد خصائص المناطق البيئية وما من شأنه تلويثها، بل تحتاج إلى معرفة المشكلات واشتراطات حلولها.

المهندس "زيد عبد السلام" من مديرية البيئة في "السويداء" أشار إلى أهمية الوعي البيئي بالقول: «لا بد من رفع مستوى الوعي البيئي بين شرائح المجتمع، والحفاظ على البيئة النظيفة للمحافظة، من خلال الاحتفال بالمناسبات البيئية المختلفة، وإقامة حملات توعية بيئية ونشاطات ميدانية ومعارض فنية، والمشاركة في منح التراخيص الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية بوضع الاشتراطات البيئية، ودراسة تقييم الأثر البيئي وفقاً لنوع المشروع، ويعدّ هذا عاملاً أساسياً للحد من مخاطر التلوث على البيئة.

من المزايا المهمة في المحافظة الوضع البيئي النظيف نسبياً، وارتفاع مستوى الوعي البيئي، ووجود عدد من الجمعيات المهتمة بشؤون البيئة وهي تساعد على نشر الوعي والمحافظة على البيئة، وتعدّ المحافظة من مناطق التنوع الحيوي الغنية في "سورية"، لوجود أماكن صالحة لإقامة محميات طبيعية ورعوية، مع عدم وجود صناعات كبيرة ملوثة، وتنوع التضاريس ووجود أماكن كثيرة يمكن استثمارها في السياحة البيئية، ووجود مساحات واسعة في المناطق الهامشية وإمكانية استثمارها في مشاريع توليد الطاقة النظيفة كطاقة الرياح والشمس، ووجود صبات بازلتية طبيعية صالحة لتكون محميات جيولوجية مثل منطقة "الصفا" وهي مصدر بحوث ودراسات مهمة. البيانات مهمة جداً للبدء بوضع خارطة بيئية للمحافظة، فمن المعلوم أن محافظة "السويداء" تقع في الجنوب السوري، وتبلغ مساحتها 555000 هكتار، وعدد سكانها 460000 نسمة، تشكل أراضي المناطق الجافة 85.6% من مساحة المحافظة، وفيها معدل الأمطار بين 100 و250مم، وأراضي المناطق نصف الجافة 13.5% ومعدلها بين 250 و500مم، وأراضي المناطق نصف الرطبة 0.9%، ومعدلها بين 500 و800مم، وتشكل الغابات 7961 هكتاراً أي ما نسبته 1.5% تقريباً من إجمالي الغابات السورية، وتشغل الغابات الطبيعية منها ما مساحته 3376 هكتاراً، بينما تشغل مواقع التحريج الاصطناعي ما يقارب 4585 هكتاراً

كذلك استقبال شكاوى الناس بما يخص البيئة، ورفع المقترحات والحلول اللازمة لمعالجتها، والعمل على جمع البيانات اللازمة لتجهيز الخارطة البيئية في المحافظة، التي تتضمن توزع المنشآت بأنواعها وأماكن التلوث، ومواكبة التحديث والتطوير بالعمل على تدريب الكادر المخبري في المديرية، وبالتعاون مع الجهات المختصة والمهتمة كوكالة جايكا اليابانية مثلاً، لتمكين المديرية من إصدار نتائج تحليلية للمياه والهواء بشكل موثوق، إضافة إلى برنامج ضبط الجودة بالنسبة لتحاليل المياه الفيزيائية والكيميائية والجرثومية، وأخذ عينات من مصادر مياه الشرب المختلفة من آبار وسدود، وكذلك عينات مياه صرف صناعية متعددة وتحليلها للاستمرار بمراقبة جودة المياه والهواء وفقاً للخطة السنوية الموضوعة، مع شراء جهاز الامتصاص الذري والغازي لزيادة القدرة على مراقبة عناصر البيئة.

المهندس غالب أبو حمدان

وحين نعمل على الوعي ونشره اجتماعياً وثقافياً يتطلب ذلك المشاركة بنشاطات الجمعيات الأهلية مثل جمعية أصدقاء البيئة والتنوع الحيوي، والنادي البيئي في "عرى" وغيرها، وبحملات النظافة والتشجير ضمن الأحياء والمدارس وغيرها، مع رصد جودة الهواء ونوعيته في المدن الثلاث "السويداء، وشهبا، وصلخد"، إضافة إلى قياس الضجيج في أماكن مختلفة ورفع هذه النتائج كمؤشرات بيئية».

وعن الرؤية التطويرية للعمل ووضع الخارطة البيئية أضاف لمدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 10 حزيران 2014: «حين نقوم بتطوير العمل- وهذا لا بد منه في العمل البيئي- لا بد من وضع خارطة جغرافية تحمل عدة طبقات مهمة في عملنا اليومي القابل للتجديد، وبالتالي الحرص على تشميل منشآت صناعية، آبار، سدود، ينابيع، مجابل، كسارات، وذلك طبقاً للإحداثيات الجغرافية الحقيقية بهدف السرعة والدقة في الحصول على المعلومة، وإنشاء استعلام عنها وتقديم رؤية لتخطيط ودراسة المشاريع من خلال نظام الـGIS، ومن نتائج العمل بالخارطة البيئية التحول المباشر من النظام الورقي إلى النظام الرقمي، وبناء حجر الأساس للدخول في نظام الحكومة الإلكترونية، والاستفادة من ميزات النظام الرقمي في السرعة والوثوقية للبيانات الرقمية التي تؤدي إلى كشف مبكر للحوادث البيئية من خلال التحليل العلمي للبيانات المخزنة، لأن التحليل الاستراتيجي للبيئة يتطلب معرفة نقاط القوة وهي البيئة النظيفة، والتنوع المناخي والطبوغرافي، والداعم لها وجود محميات طبيعية حراجية كمحمية "الضمنة" ومحمية "اللجاة" بإنسانها ومحيطها الحيوي متنوع المصادر الوراثية، والأهم وجود جمعيات أهلية مهتمة بالشأن البيئي، وهناك فرص كبيرة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح والشمس، وصدور مخطط استعمالات الأراضي، وتوافر قاعدة بيانات عن المؤشرات البيئية.

المهندس زيد عبد السلام

أما نقاط الضعف فهي محصورة بمحدودية المصادر المائية، وقلة عدد محطات معالجة المياه المالحة، وعدم معالجة النفايات الصلبة والطبية بشكل آمن بيئياً، وقلة المشاريع الاستثمارية في مجال البيئة، وعدم التزام بعض الوزارات والجهات التابعة لها بتحقيق الاشتراطات البيئية المطلوبة منها وفقاً للقوانين النافذة، وعدم كفاية الموارد المادية والمالية لتحسين الوضع البيئي، وتوفير الخدمة المطلوبة للمواطنين».

حول الخارطة البيئية وعملها، ومزاياها في ثقافة "السويداء"، تحدّث المهندس "غالب أبو حمدان" مدير البيئة في "السويداء"، فبيّن قائلاً: «من المزايا المهمة في المحافظة الوضع البيئي النظيف نسبياً، وارتفاع مستوى الوعي البيئي، ووجود عدد من الجمعيات المهتمة بشؤون البيئة وهي تساعد على نشر الوعي والمحافظة على البيئة، وتعدّ المحافظة من مناطق التنوع الحيوي الغنية في "سورية"، لوجود أماكن صالحة لإقامة محميات طبيعية ورعوية، مع عدم وجود صناعات كبيرة ملوثة، وتنوع التضاريس ووجود أماكن كثيرة يمكن استثمارها في السياحة البيئية، ووجود مساحات واسعة في المناطق الهامشية وإمكانية استثمارها في مشاريع توليد الطاقة النظيفة كطاقة الرياح والشمس، ووجود صبات بازلتية طبيعية صالحة لتكون محميات جيولوجية مثل منطقة "الصفا" وهي مصدر بحوث ودراسات مهمة.

من الصور البيئية وتلوثها

البيانات مهمة جداً للبدء بوضع خارطة بيئية للمحافظة، فمن المعلوم أن محافظة "السويداء" تقع في الجنوب السوري، وتبلغ مساحتها 555000 هكتار، وعدد سكانها 460000 نسمة، تشكل أراضي المناطق الجافة 85.6% من مساحة المحافظة، وفيها معدل الأمطار بين 100 و250مم، وأراضي المناطق نصف الجافة 13.5% ومعدلها بين 250 و500مم، وأراضي المناطق نصف الرطبة 0.9%، ومعدلها بين 500 و800مم، وتشكل الغابات 7961 هكتاراً أي ما نسبته 1.5% تقريباً من إجمالي الغابات السورية، وتشغل الغابات الطبيعية منها ما مساحته 3376 هكتاراً، بينما تشغل مواقع التحريج الاصطناعي ما يقارب 4585 هكتاراً».

وأوضح أهمية العمل على البيئة في المحافظة بقوله: «تعدّ المحافظة نظيفة بيئياً بالنسبة إلى نتائج تحليل ملوثات الهواء، التي تدل على أن تحليل الغازات كمركبات الرصاص والمركبات الحلقية العطرية وغيرها ضمن الحد المسموح به في المواصفة القياسية السورية، أما بالنسبة لمتوسط تركيز العوالق فتشير نتائج التحاليل إلى ارتفاع نسبة العوالق الكلية والعوالق ذات الأقطار أقل من 3 ميكرونات، ويعتقد أن هذا مرده إلى نقص الغطاء النباتي والقرب من الصحراء وطبيعة المناخ الجاف للمحافظة، ووجود بعض المنشآت مثل "المجابل الإسفلتية والبيتونية والكسارات"، ووسائط النقل والتدفئة في فصل الشتاء.

ومن خلال خطط المراقبة الموضوعة تتابع الجهات المعنية التحاليل المخبرية للمياه، ومنها التحاليل الفيزيائية والكيميائية والجرثومية، والكشف عن العناصر الثقيلة للتأكد من سلامة مصادر المياه المخصصة للشرب ومدى مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، إذ يتم حالياً إجراء التحاليل من قبل مؤسسة المياه وهيئة الطاقة الذرية، والمجلس الأعلى لحماية البيئة والتنمية المستدامة، بإجراء عينات مشتركة بين هذه الجهات.

أما التربة فتتلوث نتيجة استخدام مياه الصرف الصحي للتجمعات السكنية في ريّ بعض المحاصيل وخصوصاً في محيط مدينة "السويداء" نتيجة عدم وجود محطة لمعالجة مياه الصرف، حيث تنتهي هذه المياه إلى الأودية والمسيلات ويقوم بعض الفلاحين باستخدامها لري أراضيهم ومزروعاتهم، ويتواجد في المحافظة معاصر زيتون وعددها بازدياد؛ وبالتالي زيادة التأثير السلبي في التربة عندما يتم تفريغ مياه الجفت بشكل عشوائي وخصوصاً في الأودية، والنفايات الصلبة تشكل أحد العوامل لتلوث التربة في أماكن معينة بسبب عدم وجود مطمر صحي للنفايات والانتشار العشوائي للمكبات».