تعدّ جودة وسلامة المنتجات الغذائية الجزء الأهم في جسم الأمن الغذائي عموماً، وما سلط الضوء على ذلك خصوصية المحافظة ذات البيئة النظيفة نسبياً، والمنسحبة على طبيعة المنتج الغذائي.

حول الأمن الغذائي وأهدافه الاستراتيجية والعوامل المؤثرة في الزراعة العضوية مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 14 حزيران 2014، التقت الباحث الدكتور المهندس "موفق جبور" الباحث في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ليوضح: «تعد مسائل الأمن الغذائي الوطني والمنزلي من الأهداف المعقدة والصعبة نظراً لتأثرها بالعديد من العوامل مثل: التقنيات، والإمكانيات البشرية، والسياسات والأسعار، والتجارة والبنى التحتية. من المؤكد أن الطلب على الغذاء سوف يزداد بزيادة عدد السكان، على الرغم من أن الطلب والقدرة على تلبيته ليست متساوية في كل المجتمعات، لكن الإنتاج الزراعي الكلي على مستوى العالم كاف لإطعام سكان العالم الحالي، كما أن التقنيات والاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف موجودة للمساعدة في تلبية متطلبات التطوير والصيانة.

إن طبيعة الأمن الغذائي متعددة الأبعاد، وتتضمن توافر الغذاء، وإمكانية الحصول عليه، والاستقرار، والاستعمال. وتقدم الزراعة العضوية لكل بعد من هذه الأبعاد عدة فوائد كما أنها تعاني بعض المحددات، إذ من المهم أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الفوائد والتحديات الموصوفة لكل بُعد من أبعاد الأمن الغذائي لا تنطبق بشكل متساوٍ على كل أنظمة الزراعة العضوية، التي تتراوح من الإنتاج العضوي غير الحاصل على شهادة والموجه للاستهلاك المحلي، إلى الإنتاج المرخّص الموجه للسوق، الذي يبحث عن زيادة في السعر. في جميع الحالات هناك حالات ممكنة من التشابه، إما من خلال الربط الأفضل بين ممارسي الزراعة البيئية الجيدة والأسواق، وإما بضمان أن الأنظمة العضوية المتخصصة زراعات وحيدة المحصول لا تضر بالمنافع البيئية والاجتماعية القابلة للتجديد والتطوير في مضامينها ومستلزماتها

الجوع والفقر والتدهور البيئي، أمور مستمرة على الرغم من زيادة القلق حول مسألة الأمن البشري العالمي، والعقود الأخيرة تقدم دليلاً واضحاً على تناقص العائد من الحبوب رغم الزيادة في تطبيق الأسمدة والمبيدات المصنعة كيميائياً، ما يقلل الثقة بأن هذه التقنيات من مستلزمات الإنتاج ستساهم في توفير الأمن الغذائي الأسري والوطني في العقود القادمة، ولعل أهمية منافع النظام البيئي مثل تدوير عناصر التربة، وافتراس الآفات، وغيرها.. تجعل الزراعة العضوية تتصف بأنها "نظام غذائي حديث قديم"، حيث إنها تستخدم البحوث العلمية في تحسين الممارسات الزراعية التقليدية مدعمة بالأنظمة متعددة المحاصيل، الحفظ والتخزين الطبيعي للغذاء، واستراتيجيات تجنب الخطر التي أمنت المتطلبات المحلية من الغذاء بشكل تقليدي، وبالتالي يتوافر الأمن الغذائي عندما يتوافر لكل الناس وفي كل الأوقات الإمكانية الفيزيائية والاقتصادية للحصول على كمية كافية من الغذاء الصحي والسليم، الذي يلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية اللازمة لتحقيق حياة صحية ونشيطة.

الباحثة الدكتورة غادة بلقار

تعدّ أي أمة آمنة غذائياً عند توافر الغذاء السليم بكمية كافية ومستقرة بما يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية وطلب السوق، لكن هذا لا يمنع وقوع المجاعات في المناطق الهامشية أو الميزان التجاري السلبي كنتيجة للاعتماد على استيراد الغذاء، كما يعدّ الأمن الغذائي الأسري محققاً عندما تتمكن الأسرة من الإنتاج أو الحصول على كمية كافية من الغذاء لتلبية المتطلبات الغذائية لكافة أفرادها.

إن الأمن الغذائي الوطني والمنزلي تناول مسألة الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية، وما ينجم عنه من تدمير مستقبل مشاريع المزارع المنزلية، لذلك لا بد من الأخذ بالاعتبار الأمن الغذائي المستدام الذي يضمن كلاً من الأمن الغذائي الوطني والمنزلي، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية».

من الحقول العضوية

وتابع الباحث "جبور" بالقول: «إن طبيعة الأمن الغذائي متعددة الأبعاد، وتتضمن توافر الغذاء، وإمكانية الحصول عليه، والاستقرار، والاستعمال. وتقدم الزراعة العضوية لكل بعد من هذه الأبعاد عدة فوائد كما أنها تعاني بعض المحددات، إذ من المهم أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الفوائد والتحديات الموصوفة لكل بُعد من أبعاد الأمن الغذائي لا تنطبق بشكل متساوٍ على كل أنظمة الزراعة العضوية، التي تتراوح من الإنتاج العضوي غير الحاصل على شهادة والموجه للاستهلاك المحلي، إلى الإنتاج المرخّص الموجه للسوق، الذي يبحث عن زيادة في السعر.

في جميع الحالات هناك حالات ممكنة من التشابه، إما من خلال الربط الأفضل بين ممارسي الزراعة البيئية الجيدة والأسواق، وإما بضمان أن الأنظمة العضوية المتخصصة زراعات وحيدة المحصول لا تضر بالمنافع البيئية والاجتماعية القابلة للتجديد والتطوير في مضامينها ومستلزماتها».

الباحث الدكتور موفق جبور

وعن توافر الغذاء والطاقة والعناصر الغذائية أشارت الباحثة الدكتورة المهندسة "غادة بلقار" من الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية قائلة: «يشير هذا المصطلح إلى وجود كميات كافية من الغذاء بنوعية ملائمة، مقدمة من خلال الإنتاج أو المدخلات المحلية، أو من المساعدات الغذائية والاستيراد الصافي. إن إنتاجية أنظمة الزراعة العضوية تحددها طبيعة الإدارة، فقد أشارت الدراسات إلى أن التحول إلى الإدارة العضوية عادة ما ينجم عنه انخفاض في غلة الأشجار والمحاصيل المعمرة حتى 50% خلال فترة التحول بالنسبة للأنظمة التي تعتمد بشكل كبير على المدخلات الخارجية في المناطق التي تسودها ظروف نمو مفضلة حتى 40%. في حين أن غلة أنظمة الزراعة العضوية قاربت تلك لأنظمة الزراعة غير العضوية التي تعتمد بشكل معتدل على المدخلات الخارجية في المناطق التي تسودها ظروف نمو متوسطة 92%، كما أن الزراعة العضوية تزيد من الغلة بمقدار 180% في الأنظمة المستدامة. عموماً فقد تم حساب المعدل الوسطي لإنتاجية الزراعة العضوية في العالم وكان 132% أكبر من مستويات إنتاج الغذاء الحالية، أما استخدام الطاقة وهي الفائدة الأساسية للأنظمة العضوية لكفاءة استخدام الطاقة في استخدام الموارد الطبيعية 33% استهلاك أقل للطاقة في الهكتار من الذرة العضوية، وبمقدار 56% في الأنظمة البيوديناميكية في المناطق المعتدلة، كما أنها تخفض متطلبات الري. إن التأخر في تحسين خصوبة التربة يعود إلى البطء في بناء المادة العضوية للتربة في المناطق ذات فصول الجفاف الطويلة ومدى رغبة المزارعين في الاستثمار بالتربة».

وعن توفير الغذاء في المناطق المدنية بينت الباحثة "بلقار" بالقول: «تساهم الزراعة في المناطق الحضرية بزيادة الغذاء الطازج لسكان المدن. إذ يتم تقديم جزء كبير من الغذاء العضوي من خلال سلاسل تقديم قصيرة المدة، وهذا النمط من توزيع الغذاء له أثر إيجابي مباشر في اقتصاد المناطق الريفية، والنظام الغذائي الإقليمي، وعلى التوافر العام للغذاء.

ويتم تصدير معظم الغذاء العضوي المرخص المنتج في الدول النامية، بشكل قد يؤثر في الاحتياجات الغذائية المحلية، لكن عندما تؤدي أنظمة إنتاج المحاصيل العضوية الاقتصادية إلى التحسين في البيئة الزراعية وتحقيق دخل أفضل للمالكين الفقراء الصغار، فإن ذلك يقود إلى تحسين الاعتماد على الاكتفاء الغذائي الذاتي.

تخفض الأنظمة الزراعية المتنوعة والمنتجة من اعتماد الأسر على السوق ومتطلبات الاستيراد، لكن تطور السوق المحلية في الدول النامية يعدّ شرطاً لقطاع عضوي صحيح، رغم أن الأسعار الأعلى قد تشكل عائقاً لسكان المدينة الفقراء، وإمكانية الحصول على الغذاء تتم بوصول الأفراد إلى مصادر متنوعة من الأغذية الملائمة لوجبة صحية. ومن الواضح اليوم أن الافتراض بأن النمو سيحسن ظروف الفقراء ليس حقيقياً، حيث يواجه الفقراء اليوم تحديات متزايدة لقدرتهم على الإنتاج أو الحصول على الغذاء، وعدم تمكن المنتجين الصغار وأرباب الأسر الفقراء من إمكانية الحصول على الغذاء الملائم ما يزال تحدياً تفرضه الحقائق، ومنها أن الأمن الغذائي الوطني لا يؤدي بالضرورة إلى التوزيع العادل للغذاء أو أرصدة الإنتاج الغذائي على الذين يعيشون حياة فقيرة في المناطق البعيدة أو مناطق الأسواق المهمشة، وعدم تمكن الفقراء من تحمل نفقات مدخلات الإنتاج عند توافرها، إضافة إلى الضعف الكبير في الأنظمة الإرشادية المناسبة لهؤلاء الناس، ولا يمكن أن تستمر الزراعة في التطور بمعزل عن البيئة، حيث إن المنافع البيئية من الفضاء الريفي قد أصبحت معروفة بشكل متزايد بأنها ضرورية للنظام البيئي الحيوي العالمي والتنوع الحيوي، ودورة الكربون، كما أن المناظر الطبيعية الريفية تستخدم بشكل متزايد لغايات السياحة، وبالتالي فإن النظام الغذائي القابل للتجديد والتطوير يحمل مفاهيم وثقافة في معطيات الحياة اليومية».