لعل تجربة الانتخابات الجديدة تطرح أسئلة متعددة بالنسبة للناخب، وللأحزاب، ولكن الأهم هل ذلك يؤسس ذلك لحالة وطنية جديدة، بعد نماء العلاقة الثقافية والفكرية بين الأيديولوجيات والنخب الشعبية والثقافية والسياسية لتشكيل مرحلة مستقبلية متميزة.

حول الاستحقاق الرئاسي لتأسيس حالة وطنية جديدة مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 29 أيار 2014، التقت المحلل الاستراتيجي الدكتور "فايز عز الدين" رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في "السويداء"، وبيّن قائلاً: «الاستحقاق الرئاسي في بلدنا، علامته الفارقة أنه يأتي في أعقاب سنوات ثلاث ونيف من المعركة الكونية علينا، وما لم يعد يحتاج إلى الكثير من إجهاد العقل لفهمه هو أن الذي أُريدَ لـ"سورية" هو إسقاط العقد الاجتماعي والثقافي عند السوريين وإنهاء الصيغة المجتمعية ذات الفرادة في "سورية"، وبها ما تزال النموذج للعيش المشترك، ولـ"سورية" تمثل رابطة عابرة للتقسيم التراتبي التاريخي اجتماعياً، ودينياً، وعرقياً».

الاستحقاق الرئاسي في بلدنا، علامته الفارقة أنه يأتي في أعقاب سنوات ثلاث ونيف من المعركة الكونية علينا، وما لم يعد يحتاج إلى الكثير من إجهاد العقل لفهمه هو أن الذي أُريدَ لـ"سورية" هو إسقاط العقد الاجتماعي والثقافي عند السوريين وإنهاء الصيغة المجتمعية ذات الفرادة في "سورية"، وبها ما تزال النموذج للعيش المشترك، ولـ"سورية" تمثل رابطة عابرة للتقسيم التراتبي التاريخي اجتماعياً، ودينياً، وعرقياً

وتابع الدكتور "فايز عز الدين" بالقول: «الاستحقاق الرئاسي الآن هو اختبار لفاعلية الرابطة المجتمعية السورية في بعديها الوطني والقومي، وبدأت إرهاصات للتفاعل الإيجابي بين السوريين المقيمين خارج "سورية" تؤكد ظاهرتها في حماسها على صناديق الاقتراع. إذاً، بعد 3 حزيران 2014 ستكون "سورية" مفاعيل متعددة لتجديد اللاحم الوطني، ولتأسيس الحالة الوطنية الجديرة المبنية على تفعيل جميع مكونات الوطن التاريخية في مشروع وطني تقدمي ديمقراطي علماني يجدد العقد الاجتماعي لدى السوريين بمشروع الوحدة الوطنية المعاد إنتاجها على ضوء الإفادة من دروس الحرب الإرهابية عليهم».

الدكتور عدنان أبو الفضل

أما عن دور الأحزاب في الحراك وصولاً إلى الاستحقاق الرئاسي في ظل مخاض الانتخابات، فأوضح الدكتور "عدنان أبو الفضل" رئيس جمعية تنمية المجتمع المحلي، بالقول: «إن للأحزاب والتجمعات الوطنية دوراً ريادياً في قيادة المجتمع وتحديد معالم مسيرته النضالية ولاسيما في الأزمات والانعطافات التاريخية، ولكن ثمة سؤال يطرح: هل كانت الأحزاب في "سورية" كذلك؟ أقول: لا، ولأسباب كثيرة منها الضربات المتتالية لمعظم الأحزاب القائمة في الوطن على صعيد الممارسة وعلى صعيد الأيديولوجيا في آنٍ معاً، وهذا شمل مختلف الأحزاب الماركسية والقومية والتيارات الدينية بنسب متباينة. أما في "سورية" فلم تستطع الأحزاب المنهكة والمشتتة -وفي ظل قيادة الحزب الواحد- أن تبلور اتجاهات سياسية واقعية وتنجز برنامجاً ونهجاً محدد المعالم، وسادتها نفس الأمراض على الحزب القائد من فساد وترهل وضبابية في الرؤى، وكان أهم مظاهر أزمة الأحزاب السياسية، غربتها عن الواقع وعدم تمييز الخط الفاصل بين التحالف والارتباط الخارجي، وبين قنص اللحظة التاريخية للقبض على السلطة، وعلى المقلب الآخر تهميش الأطراف الأخرى. وبالمحصلة كانت أزمة الأحزاب برمتها هي أزمة مجتمعية بامتياز، فقد غابت المحددات للفكر السياسي المعاصر، وغابت معها البوصلة السياسية، وحين كانت تحصد الفشل في النتائج كانت تضع اللوم على سوء الممارسة والتطبيق مستبرئة النظرية من التهمة، علماً أن واقع الحال ليس كذلك، فالنزعة الخطابية والإيمانية التبريرية ثم النزعة الشمولية، كلها طروحات لعبت دوراً مهماً في عرقلة المسيرة النضالية لمختلف الأحزاب بدرجات متفاوتة، حيث أدت هيمنة فكرة احتكار الحقيقة إلى احتكار الدور التاريخي لحزب دون الآخر وصولاً إلى الاعتقاد بحصرية تمثيل ذلك الدور كل ذلك وسواه مع غياب المراجعة النقدية الصارمة والمستمرة، "باستثناء مؤتمر هنا، وملتقى هناك" لا تطول عمق الأزمة بل كانت تعالج معالجة عرضية».

وتابع الدكتور "عدنان أبو الفضل" بالقول: «لكي تستعيد تلك الأحزاب والمنظمات والفعاليات الاجتماعية دورها لا بد أن توازن طروحاتها مع واقعها وتبتعد عن الخطوط الحمراء الكثيرة التي تباعد بينها وبين التوجيهات السياسية المختلفة؛ ما يجعل خاصرتها رخوة بقرارت حادة وتطبيقات هجينة، والأهم من ذلك كله أن توضع هوامش يمكن من خلالها إجراء المراجعة النقدية بكل سلاسة ويسر.. ذلك يؤسس لعلاقات صحية بين جميع التيارات ويفتح آفاقاً جديدة وضوءاً في آخر النفق، حينها يمكن الكلام عن دورٍ أساسي وفعال للأحزاب في مسيرة هذا الوطن.

جانب من الحضور من طاولة

أما ما يخص الانتخابات الرئاسية فلكل الحق في ممارسة دوره بما ينسجم مع أهدافه وسياسته، ولكن لا بد أن نقول: إن ممارسة هذا الدور بغض النظر عن المنتخب هو دور إيجابي يرسخ معالم جديدة قد بدأت تظهر في الأفق. أما عدم المشاركة فهي عملياً مشاركة ولكن لحساب الطرف الآخر».

الدكتور فايز عز الدين