ينطلق الطلاب إلى مدارسهم بفرحة سرعان ما تختفي مع معاناة الأهالي لتأمين احتياجات القرطاسية والحقائب واللباس في أجواء الغلاء غير المنسجمة مع الدخل لمختلف الشرائح.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 21 أيلول 2015، بحثت بين الأهالي عن إجابة لكيفية التعامل مع ظروف الغلاء الطارئة على احتياجات الطلاب التي لا يمكن الاستغناء عنها، واستمعت إلى تجاربهم في ولوج الأسواق والتعرف إلى قوائم الأسعار الجنونية التي جعلت من إمكانية الحصول على كافة الاحتياجات أمراً قارب المستحيل وفق حديث السيدة "أميرة أبو حمرة" التي بعد جولة طويلة في الأسواق اتجهت إلى الصالات الاستهلاكية لتحصل على جزء بسيط من المطلوب، وقالت: «لدي أربعة أولاد لمرحلتي التعليم الأساسي والإعدادي، وكانت الدهشة كبيرة بالنسبة لي حيث بات الفارق كبيراً بين أسعار العام الفائت وهذا العام، وقد حاولت جمع المبلغ المطلوب ليظهر الرقم متفوقاً على راتب زوجي الذي يعمل حارساً في مديرية الخدمات الفنية بثلاثة أضعاف، وكانت محاولتي الأولى لشراء الأشياء الضرورية والبحث عن بدائل لدى مؤسسات القطاع العام لعل أسعارها تخفف من ارتفاع الأسعار.

في أعوام سابقة كان الراتب كافياً بنسبة معينة لتأمين حاجة دخول الأولاد للعام الدراسي، لكن هذا العام الأسعار مشتعلة ولم أجد أمامي فرصة إلا الحصول على قرض مع الزملاء لتلبية جزء من النفقات التي بلغت ضعفي راتبي؛ مع العلم بالظروف المعيشية الصعبة التي ترهق الراتب أصلاً

هنا حصلت على نوع من الحقائب يختلف من حيث "الموديل" والحجم عن المتوافر بالأسواق لكنه مقبول، ووجدته الأقرب إلى ما يتوافر بين يدي وفضلت بما يخص الدفاتر شراء دفترين لكل ولد من أولادي بدل ستة في مراحل سابقة، لكن بقيت المشكلة الأكبر مع اللباس لنكتفي بالقديم من البنطلونات والقمصان كحلّ مرحلي يحقق غاية متابعة الأولاد لدراستهم؛ ليكون لدي في الأشهر القادمة أعباء كبيرة لاستكمال المطلوب في حال استطعت».

أميرة أبو حمرة

مبادرات اجتماعية نظمتها جمعيات وشركات قطاع خاص لتقديم أسعار مخفضة للألبسة المدرسية والقرطاسية خدمت بعض الأسر وفق حديث السيدة "نجاة أبو مغضب"؛ موظفة وأم لثلاثة أولاد في المرحلة الثانوية والتعليم الأساسي، وقالت: «لا تختلف حالة الحصول على متطلبات الطلاب للعام الدراسي الجديد عن حالة البحث الدائم للحصول على الاحتياجات اليومية بأسعار مناسبة، وفي الحالتين فإن فرص الحصول على السعر المناسب معدومة في هذه المرحلة، وقد بحثت بداية شهر أيلول في مختلف المكاتب (المفرق والجملة)، وحاولت وضع قائمة لما أحتاج إليه، وكان لدي عدد كبير من الأغراض المطلوب الحصول عليها خلال الأسبوع الأول من المدرسة، وظهرت المشكلة بالكتلة المالية المطلوبة لذلك.

وكان الخيار الأول التعرف إلى بعض المبادرات لبعض الجمعيات الأهلية والنقابات وبعض الفعاليات الاجتماعية التي دعت الأهالي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن خلالها حصلت على الحقائب بعد التخفيضات بـ"موديلات" أعجبت الأولاد وبعض الدفاتر، لكن المشكلة الحقيقية في هذه المعارض أنها ومع غلاء الأسعار استقبلت عدداً كبيراً جداً من الزوار، وكان نفاد البضاعة عائقاً أمام حصول زميلاتي -ممن تأخرن بالزيارة- على جزء كبير من متطلبات الأولاد».

نجاة أبو مغضب

كتلة نقدية كبيرة حتى لمن تسوق من خلال معارض التسوق الشعبي والأسعار المخفضة؛ وفق حديث السيدة "نجاة" التي بينت أنها استعانت بقرض مع الزملاء لتفي باحتياجاتها، وقالت: «في أعوام سابقة كان الراتب كافياً بنسبة معينة لتأمين حاجة دخول الأولاد للعام الدراسي، لكن هذا العام الأسعار مشتعلة ولم أجد أمامي فرصة إلا الحصول على قرض مع الزملاء لتلبية جزء من النفقات التي بلغت ضعفي راتبي؛ مع العلم بالظروف المعيشية الصعبة التي ترهق الراتب أصلاً».

إلى جانب المبادرات الاجتماعية حاولت بعض الإدارات التعامل مع بعض المكاتب للتقسيط لعمالها لتأمين احتياجات الطلاب؛ ومنها فرع "الشركة العامة للبناء والتعمير"؛ وفق حديث المهندسة "هيام القطامي" مديرة الفرع، وقالت: «ارتفاع أسعار الدفاتر والألبسة ومختلف احتياجات الطلبة جعل الأهل في حيرة من أمرهم؛ خاصة مع وجود أكثر من طالب في الأسرة الواحدة، وبالنسبة لعمالنا فهم من عمال بناء وحرفيين ودخولهم محدودة، لذا اقترحنا على القسم المالي التواصل مع بعض المكاتب وإجراء مقارنة للأسعار وجودة السلع، ووقع الخيار على مكتبة كبيرة عرضت للعمال وأولادهم أنواعاً متعددة من الحقائب والقرطاسية، وانتقى العمال لأولادهم ما يريدون على أن تدفع الشركة المبلغ كاملاً للمكتبة ويسدد العامل للشركة وفق أقساط شهرية، بالتالي هي محاولة لمساعدة العمال قدر الإمكان وضمن المتاح مع العلم بأن الحاجة كبيرة، ولا بد من حلول تشمل كل الأهالي العاملين في الدولة والقطاع الخاص؛ فالغلاء أضعف قدرة الأهل على الشراء، وهذه الكتلة المالية التي ستخصص لاحتياجات الطالب سيقابلها عجز في احتياجات المنزل لفترة قادمة».