عاد "شارع الشهداء" إلى الحياة من جديد بفضل مبادرة عدد من الأشخاص الذين قرروا تحويله إلى مكان للسياحة والصلاة، والوقوف مع الذات بعد أن غزاه الشوك والعابثون بالجمال.

ولأن الشجرة حياة، والورود طريق للمحبة، فقد خرج العشرات من الرجال والنساء والأطفال بمرافقة مدونة وطن "eSyria"؛ مساء يوم الجمعة الواقع في 14 آب 2015؛ في صورة غير مسبوقة نحو الشارع الذي يتوسط مالية "شهبا" ومدرسة الشهيد "فداء الحج" للأنشطة التطبيقية، حيث التقينا الآنسة "نزيهة دنون" إحدى القائمات على تنظيم الفعالية، فقالت: «هذا الشارع هو تقدمة من مجلس مدينة "شهبا" لأهالي الشهداء في المدينة من أجل خلق المبادرات ليكون مكاناً راقياً يليق بمكانة من ضحوا لأجلنا، وقد مرّ الشارع بعدة مراحل؛ فبعد حفر الطريق لأكثر من مرة من قبل الخدمات الفنية تركت الحفريات بطريقة سيئة وشوهت أكوام الصخور والأتربة طريق تجمع المؤسسات الحكومية، كان منظر الشارع مؤذياً، فاستثمرت عضويتي لمجلس مدينة "شهبا" واقترحت الموضوع الذي بات واقعاً حياً بعد أن تم ترحيل الحجارة وتنظيف الشارع وزرعه بالأشجار التي تحمل كل شجرة منها اسم شهيد».

نحن عازمون على إكمال هذا الشارع من خلال وضع لوحات ثابتة تعرف بالشهيد، وكذلك وضع الجهات المعنية بأهميته ليكون مكاناً سياحياً وبيئياً يؤمه الناس، وهو ما يقتضي منها أن تكمل العمل بإنارته وتبليط الأرصفة حول الأشجار، فكثيرون من الناس البسطاء لا يعرفون الهدف من هذه الشجرة، فيعبثون بها، ومنهم من يقتلعها، فهذه الشجرة تمثل روح الشهيد وهي نعمة للبيئة والإنسان

كاد الطريق يفقد رونقه ومكانته عندما غزت الأشواك والأعشاب جوانبه من دون أن يلتفت إليه أحد، لكن قيام مجموعة من الشباب الذين حملوا اسم "لمة محبة" بمبادرة إعادة إحيائه جعلت الحياة تدب في أوصاله من جديد، يقول المهندس "فراس البعيني": «اتفقنا أن تكون دعوة الناس مقتصرة على وسائل التواصل الاجتماعي من دون إعلان مبرمج يحرجهم، لكننا كنا مصممين على دعوة أهالي الشهداء ليعيدوا علاقتهم مع هذا الشارع، وبنفس الوقت لتكون له مكانته الخاصة عند أهالي المدينة، وقد فوجئنا بحضور الناس بكثافة كبيرة مع وجود أعداد من الأطفال الذين كانوا البهجة الحقيقية في هذا اليوم، وبعد أن عملنا بعزم لكي نزيل الأعشاب والأشواك والقمامة العالقة بينها زرعنا ثماني شجرات جديدات للشهداء الذين غادرونا على أمل أن نزرع الشجر والورود للسلام والمحبة، وفي النهاية كانت سيارة الإطفاء التابعة لمجلس المدينة تنظف الشارع لينتهي يوم طويل من العمل على أمل إكمال الأفكار والخطط المخصصة له في المستقبل القريب ليكون محجاً للصلاة، ومكاناً للسياحة والترويح عن النفس».

المربية نزيهة دنون تشرح آلية العمل

لم يقتصر العمل على الرجال والأطفال، لكن النساء كنّ حاضرات منذ اللحظة الأولى، حيث أوضحت المربية "أحلام أبو عساف" عما قامت به مع النساء الحاضرات: «الكثيرات من النساء اللواتي حضرن هم أمهات أو أخوات أو زوجات الشهداء، ولم يقتصر عملنا على شجرة محددة فكل الذين رحلوا هم أبناؤنا وإخوتنا، وكان الفرح يخيم على المكان الذي غابت عنه مظاهر الرسميات والخطابات وحضر العمل والمحبة، فهو مكان يجعل المرء في سلام ووئام مع الذات على الرغم من رمزيته المحزنة، فالأمل كبير أن يكون خاتمة لمرحلة صعبة، والنساء هم الأقدر على بث الفرح والسلام لأنهن أمهات، كان يوماً مميزاً بكل التفاصيل ونتمنى أن تكتمل صورته لنقيم فيه الأعراس والحفلات الموسيقية».

وأخيراً، وجه المربي "أيمن حاطوم" رسالة إلى أهالي المدينة للحفاظ على مكونات الشارع، وتعزيز فكرة وجوده بالقول: «نحن عازمون على إكمال هذا الشارع من خلال وضع لوحات ثابتة تعرف بالشهيد، وكذلك وضع الجهات المعنية بأهميته ليكون مكاناً سياحياً وبيئياً يؤمه الناس، وهو ما يقتضي منها أن تكمل العمل بإنارته وتبليط الأرصفة حول الأشجار، فكثيرون من الناس البسطاء لا يعرفون الهدف من هذه الشجرة، فيعبثون بها، ومنهم من يقتلعها، فهذه الشجرة تمثل روح الشهيد وهي نعمة للبيئة والإنسان».

المهندس فراس البعيني
غسل الشارع عند نهاية العمل