ضبطت نساء "السويداء" إيقاع حياتهن اليومية على "نوتة" الظروف القائمة، منطلقة من الواقع القاصر إلى مسارات الخلق والإبداع لواقع يمنح الأسرة والمجتمع مقومات العيش الكريم.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 أيار 2015، استمعت إلى تجربة السيدة "أسيمة كيوان" التي أسست لورشة خاصة لتوضيب الكرتون لكفاية أسرتها خلال أعوام الأزمة، وقالت: «بناء على التواصل مع إحدى المطابع الكبرى على ساحة المحافظة والعلم بحاجتهم إلى اليد العاملة لغاية توضيب الكرتون؛ سعيت مع ابني لافتتاح ورشة تضم اليوم حوالي عشرين عاملاً وعاملة، لتحسين الدخل من جهة والاستفادة من الوقت بعمل منتج ضمن إمكانياتي لكوني لا أملك فرصة للتوظيف ولا مجالاً لذلك، وخلال هذه الأعوام ظهرت حاجتي الماسة إلى العمل؛ وكانت بداية مناسبة لعدد من السيدات والرجال لاكتساب مهنة جديدة، وتمكنت من تحقيق هدف إنجاح العمل الذي هو بنسبة كبيرة عمل نسائي وباب استفادت منه نساء كن بعيدات عن سوق العمل لكن ظروف البلاد دفعتهن للبحث عن فرص جديدة؛ وهن مثلي لم يعدمن الوسيلة وفرصة التحدي للواقع لتحقيق نتائج مادية ومعنوية، تستمد من صفة المرأة في منطقتنا التي تعودت العمل في الزراعة وتربية المواشي وأي عمل يدعم عائلتها بدخل جديد له عدة احتياجات ولا يمكن الاستغناء عنه خاصة في هذه الظروف.

في حالة انخفاض الطلب على الخياطة بحثت عن فرص جديدة ضمن إمكانياتي وعلاقتي القديمة مع القماش؛ لكوني خياطة في عقدي الخامس، واستفدت من أفكار لسيدات اختبرن التجربة، وتطوعت من خلال جمعية "العطاء" لتدريب عدد من السيدات على إنتاج هذه القطع اليدوية، وبالفعل تمكنا من إنتاج عمل جديد؛ حيث بتنا ننتج عدداً من القطع تباع لمصلحة السيدة المنتجة لها، وكان للبازار أثر كبير في تسويق هذا المنتج، لكن الطموح أكبر لكون عدد المتدربات يتزايد، ولا بد من دخول أسواق جديدة ومحاولة نشر القطعة خارج "سورية"، وبهدف كفاية السيدة المتدربة في ظروف الغلاء يجب إنتاج عدة قطع في الشهر؛ وهذا ممكن بفعل اندفاع النساء للعمل، لكن التسويق المحدود يتطلب العمل لتوسيع دائرة العمل ليكون الإنتاج مستمراً والتسويق أيضاً. ولدي قناعة بأن تمسكنا بهذا العمل سيفتح لنا أبواباً جديدة لحياة أفضل وتقديم قيمة لمجتمعنا عن العمل القادر على تحقيق المستحيل في حال توافرت الإرادة

ومن خلال وجودي الدائم ضمن ساحة العمل خلال عام ونصف العام من الأزمة تأكدت أنني لست السيدة الوحيدة التي خرجت إلى سوق العمل في هذه الظروف، لتقديم صورة جديدة لحالة العمل الذي كفل لي ولسيدات كثر الحياة الكريمة، وقدم الدليل على أن النساء لديهن القدرة على التحدي وخلق مسارات جديدة للحياة والعمل».

كوثر كمال

من خلال مجموعة من النساء العاملات حصلنا على مجموعة من الأفكار التي كانت خلف إظهار حالة التحدي النسائي التي ظهرت في مواجهة المرأة السورية لانعكاسات الأزمة؛ ونساء "السويداء" مثلاً كما بيّنت السيدة "كوثر كمال" إحدى المؤسسات لما عرف باسم "بازار الخير" الذي تخصص ببيع منتجات تدوير الأقمشة منذ عدة أشهر، والذي احتضن تجارب نسائية تستحق أن يعرف بها، وقالت: «من خلال التعاطي اليومي مع حالات نسائية عاملة على أرض الواقع نستجمع أفكاراً لا يمكن تجاهلها تلك التي ترتبط بحالة تصدي النساء للازمة بمنطقهن الخاص النابع من فكرة العمل وفق الإمكانيات المتاحة لضمان الحياة الكريمة؛ لنجد من النساء من استفادت من حديقة صغيرة استثمرتها بزراعة أنواع من الخضراوات مثلاً إلى جانب عدد كبير من النساء اللواتي عملن في مجال الطبخ للمناسبات الاجتماعية.

لكنني ومن خلال شريحة من النساء تعاملت معهن في مجال البحث عن فرصة عمل معينة أجدهن قد طورن خياراتهن في مجال الخياطة، ومنها اتجهن إلى أفكار جديدة لتدوير الأقمشة، وبالنسبة لنا كمجموعة نسائية حاولنا الاستفادة من ذلك ومن تطوع نساء لتدريب ربات المنازل على هذه الأفكار، وقد كان الإقبال جيداً والمعرفة معممة عن فكرة كونتها مجموعات متميزة من النساء وطبقت من خلال جمعية "العطاء"؛ التي أطلقنا من خلالها "بازار الخير" الذي تولى فكرة البيع لمنتجات السيدات من المفارش، وهي تجربة فرضتها ظروف الأزمة وضيق فرص الإنتاج، لكن توافر الطاقة المنتجة لدى النساء دعم الفكرة، وكانت النتيجة أننا بعنا لغاية هذا التاريخ عدداً مناسباً من المفارش، وبذلك فإن إتقان السيدات لعملية تطبيق المفارش من أقمشة تالفة خلقت فرصة عمل لما يزيد على خمس عشرة امرأة ممن تدربن وبتن قادرات على الإنتاج لكون ثمن المفرش لا يقل عن عشرين ألف ليرة سورية؛ وهذا دخل جيد لسيدة اختارت العمل لتحسين ظروفها.

الخالة ميلة فائق أثناء تدريب السيدات

بالتالي فهذا العمل ساعد المرأة على التخفيف من معاناتها بنسب جيدة وأصبحت قادرة -ضمن حدود جيدة- على إنتاج الأعمال اليدوية المختلفة من القماش التالف، وخرجت في ذات الوقت من حالة الاستهلاك إلى الإنتاج والوعي الحقيقي لأهمية وجودها في المجتمع».

الخالة "ميلة فائق" خياطة انتقلت من الخياطة التقليدية إلى حالة التدريب والعمل؛ لتكون مدربة ومنتجة لمفارش القماش التي بدأت تنتشر في هذه المرحلة محققة خطوة جديدة وفق حديثها، وقالت: «في حالة انخفاض الطلب على الخياطة بحثت عن فرص جديدة ضمن إمكانياتي وعلاقتي القديمة مع القماش؛ لكوني خياطة في عقدي الخامس، واستفدت من أفكار لسيدات اختبرن التجربة، وتطوعت من خلال جمعية "العطاء" لتدريب عدد من السيدات على إنتاج هذه القطع اليدوية، وبالفعل تمكنا من إنتاج عمل جديد؛ حيث بتنا ننتج عدداً من القطع تباع لمصلحة السيدة المنتجة لها، وكان للبازار أثر كبير في تسويق هذا المنتج، لكن الطموح أكبر لكون عدد المتدربات يتزايد، ولا بد من دخول أسواق جديدة ومحاولة نشر القطعة خارج "سورية"، وبهدف كفاية السيدة المتدربة في ظروف الغلاء يجب إنتاج عدة قطع في الشهر؛ وهذا ممكن بفعل اندفاع النساء للعمل، لكن التسويق المحدود يتطلب العمل لتوسيع دائرة العمل ليكون الإنتاج مستمراً والتسويق أيضاً.

أحد المفارش المنتجة من توالف القماش

ولدي قناعة بأن تمسكنا بهذا العمل سيفتح لنا أبواباً جديدة لحياة أفضل وتقديم قيمة لمجتمعنا عن العمل القادر على تحقيق المستحيل في حال توافرت الإرادة».