اهتم بالبحث العلمي في مجال الآثار، فحاز بمثابرته أعلى درجة في الجامعات الفرنسية، انصب اهتمامه في أبحاثه على المسكوكات الإسلامية؛ فاغترب ليغوص في دراسة ما يراه أهم الوثائق لكتابة التاريخ.

الدكتور "علاء الدين سلمان الشومري" مدرّس المسكوكات العربية الإسلامية في جامعة "حلب" والمقيم حالياً في ألمانيا، حاورته مدونة وطن "eSyria" عبر الإنترنت بتاريخ 27 حزيران 2016، للحديث بوجه أوسع عن أبحاثه، حيث تحدث بداية عن المدة القصيرة التي أنجز خلالها رسالة الماجستير والدكتوراه، قائلاً: «بعد حصولي على درجة دبلوم دراسات عليا في الآثار من جامعة "دمشق" عام 2002 بتقدير جيد جداً؛ حصلت على بعثة لمتابعة الدراسات العليا في فرنسا، وفيها أنجزت رسالتي الخاصة بالماجستير في علوم اللغات والآداب والحضارات الأجنبية باختصاص دراسات إيرانية في مجال اللغات والآداب والفنون والمجتمعات المعاصرة من جامعة باريس الثالثة "السوربون الجديدة" عام 2007 بتقدير جيد، وكان موضوعها: "دور ضرب العملات بالكوفة والبصرة منذ تأسيسها حتى عام 85 هجري"، أنهيتها خلال تسعة أشهر بدلاً من سنتين، وهي المدة التي يقتضيها الحصول على درجة الماجستير عادة في فرنسا، لكني أنجزت رسالتي سريعاً نتيجة عمل متواصل قارب ثماني عشرة ساعة يومياً، إضافة إلى أنني أقوم بعمل ممتع أحبه وأعلم أنه بقدر ما يفرحني يفرح والدتي التي شعرت بأن نجاحي حقق حلمها، ولا يمكنني إغفال دورها المهم ودعمها المعنوي المتواصل».

شاركت مؤخراً في المؤتمر الدولي لجمعية المسكوكات الشرقية ONS الذي عقد في مدينة "توبنغن" في ألمانيا ما بين 7-8 أيار 2016، ببحث عنوانه: "دور ضرب النقود في حلب بالفترة المملوكية، بين 658 حتى 741 هجري، انقطاع واستمرارية ضرب الدراهم"

وتابع حول الدكتوراه قائلاً: «بالنسبة إلى رسالة الدكتوراه كانت عن كنز مكتشف منذ عام 1996 في الجزيرة السورية؛ وهو عبارة عن 3108 قطعة من الدراهم، لم يقم أحد بدراستها لعدم وجود مختص، فقمت باختيارها كموضوع لرسالتي، دراسة هذه القطع زودتنا بمعطيات تاريخية واقتصادية من القرن العاشر الميلادي "الرابع الهجري"؛ مهمة للمنطقة ولكل العاملين في مجال التاريخ. بدأت التحضير لرسالة الدكتوراه عام 2009، وحصلت على درجة الدكتوراه في علوم الآثار والأثنولوجيا، وعصور ما قبل التاريخ من قسم الآثار الإسلامية "جامعة السوربون بانثيون" باريس الأولى عام 2012، بمرتبة الشرف العليا مع تهنئة لجنة الحكم والتوصية بطبع الرسالة، وكتاب يبرر منحي أعلى درجة في الجامعات الفرنسية، وكان موضوعها: "النقود العباسية في الجزيرة السورية، كنز البصيرة ـ قرقيسيا"».

د."علاء الدين سلمان الشومري" في متحف المسكوكات في عمان

خلال مدة تحضيره للدكتوراه، قام د."علاء" بعدد من الأبحاث المميزة في عدد متنوع من دول وجامعات العالم، وعنها حدثنا: «عام 2007 حضرت قراءة لتنقيبات لـ"شكري بازار" بأفغانستان للباحث "دانييل سشلومبيرجر"، وقمت بدراسة الكنوز العربية الساسانية المحفوظة بالمكتبة الوطنية بـ"باريس" عام 2008، والقيام باتباع دورات لتعلم اللغة البهلوية والفارسية القديمة. وخلال عامي 2008ـ2009 بباريس؛ قمت بتحضير بحث تناول دور ضرب العملات بالفترة الأموية "الانقطاع والتكرار"، وبالتعاون مع الدكتورة "ريكا جيزلين" قمت بدراسة الفلوس العربية البيزنطية المحفوظة بمركز النقود في باريس ـ الكابينيه دي ميداي - عام 2008.

هذا إضافة إلى العمل على مشروع إحصاء الدراهم العربية الساسانية بكتالوكات البيع بالمكتبة الوطنية بباريس عام 2009، وسافرت إلى مركز المسكوكات الإسلامية (FINT) في جامعة "توبنغن" بألمانيا لاتباع دورات تدريبية في هذا المركز على النقود المحفوظة فيه تحت إشراف البروفسور "لوتس اليش" بين الأعوام 2009 و2011».

الدكتور "علاء" والبروفسور الألماني "لوتس إليش"

وأضاف أيضاً: «شاركت في المؤتمر الدولي لجمعية المسكوكات الشرقية ONS برعاية جامعة "توبنغن" بألمانيا، الذي عقد في "بلاوبيرن" في ألمانيا عام 2010 ببحث عنوانه: "كنز من الدراهم العباسية الكبير المكتشف في البصيرة شرق سورية"، وسافرت في مهمة علمية إلى متحف البنك الأهلي الأردني للمسكوكات لدراسة النقود العربية الساسانية تشرين الأول عام 2010.

إضافة إلى مشاركتي في المؤتمر الدولي الثالث "سيمون السمعاني" للمسكوكات الإسلامية الذي عقد بمدينة "روما" بإيطاليا، ودولة الفاتيكان ما بين 22-24 أيلول 2011، ببحث عنوانه: "النقود الإسلامية في الجزيرة السورية من خلال كنز البصيرة، قرقيسيا"، وشاركت في المؤتمر الدولي للمسكوكات الإسلامية الذي عقد بمتحف الأرميتاج في سان بطرسبورغ بروسيا ما بين 24ـ29 أيلول 2012، ببحث عنوانه: "التداول النقدي في الجزيرة السورية بالقرن العاشر ميلادي، من خلال معطيات كنز تفليس في جورجيا، بورتشالو"، وفي المؤتمر الدولي لجمعية المسكوكات الشرقية ONS برعاية جامعة "توبنغن" بألمانيا، الذي عقد في مدينة "توبنغن" في ألمانيا ما بين 5-6 أيار 2012، ببحث عنوانه: "دراسة قوالب ضرب الدراهم بدور ضرب الجزيرة السورية بفترة الخليفة العباسي المقتدر بالله"».

في جامعة "توبنغن" بألمانيا أثناء دراسته المسكوكات

حصوله على أعلى درجة في الجامعات الفرنسية يؤهله للعمل في أي جامعة في العالم، ولكنه آثر العودة إلى الوطن، حيث تابع بالقول: «بعد عودتي إلى "سورية" باشرت التدريس في جامعة "حلب" - قسم الآثار عام 2012، مع تكليف بالتدريس في محافظة "السويداء" جامعة "عريقة"، كنت المدرّس الوحيد باختصاصي في جامعتي "حلب" و"السويداء"، ونتيجة نقص الكادر التدريسي قمت بتدريس عدد كبير من المواد في كافة السنوات من الأولى وحتى الرابعة، وتم تكليفي أيضاً بتدريس اللغة الفرنسية لغير المختصين في الأقسام الأخرى كاللغة العربية والفلسفة، إضافة إلى التدريس بماجستير التأهيل والتخصص بالآثار في جامعة "حلب".

في ظل الظروف الأخيرة التي مررنا بها شهدنا معاناة حقيقية في التنقل بين المحافظتين، ولكن مصلحة الطلاب وحرصي على مستقبلهم كانا الأهم بالنسبة لي، ولم يمنعني من مواصلة عملي، بقيت في التدريس حتى نهاية عام 2015، حيث تلقيت دعوة للسفر إلى ألمانيا لإنجاز مشروع مهم في مجال المسكوكات الإسلامية، ومازلت أقيم فيها حتى اليوم».

أما عن المشروع الأخير الذي يعمل عليه في جامعة "توبنغن"، فأجاب بالقول: «تلقيت دعوة موجهة من جامعة "توبنغن" بألمانيا برعاية البروفسور "لوتس إليش" مدير مركز المسكوكات العربية الإسلامية في جامعة "توبنغن"، الذي له دراسات عدة حول تاريخ "سورية" من خلال المسكوكات الإسلامية، وأقوم حالياً بتأليف كتاب باللغة الألمانية ضمن السلسلة العلمية لجامعة "توبنغن"؛ وهو عبارة عن دراسة لمجموعة نقود يبلغ عددها قرابة الألف؛ عبارة عن دنانير ذهبية، ودراهم فضية، وفلوس برونزية ضربت في "حلب"، في الفترتين المملوكية والعثمانية، وسنقوم بالتعاون مع رئيس الجامعة ورعاية البروفسور "لوتس إليش" بتصميم برنامج أثري معلوماتي، لتدريس الطلبة في "سورية"؛ للتوعية بقيمة المسكوكات الإسلامية القديمة ودورها بكتابة التاريخ؛ وذلك في عامي 2016-2017، وهذا البروفسور قام بإرسال مجموعة كتب من مؤلفاته في مجال المسكوكات الإسلامية إلى الجامعات السورية، لتكون مساعدة كمصادر بجانب المنهاج التدريسي، ولا نعلم حتى الآن إن كانت قد وصلت بالفعل نتيجة الظروف الراهنة».

وأضاف: «شاركت مؤخراً في المؤتمر الدولي لجمعية المسكوكات الشرقية ONS الذي عقد في مدينة "توبنغن" في ألمانيا ما بين 7-8 أيار 2016، ببحث عنوانه: "دور ضرب النقود في حلب بالفترة المملوكية، بين 658 حتى 741 هجري، انقطاع واستمرارية ضرب الدراهم"».

ويضيف الدكتور "علاء" قائلاً: «خلال التدريس في جامعتي "حلب" و"دمشق" فرع "السويداء"، واجهت بعض المصاعب من حيث ضعف المكتبة بالكتب الاختصاصية بمجال الآثار بوجه عام، والمسكوكات بوجه خاص؛ وهذا ما ينعكس سلباً على عمل الطلبة من حيث عدم تمكنهم من الحصول على المراجع لإتمام أبحاثهم بالجانب العملي للمقررات، حيث كنا نحمل المراجع من مكتباتنا الشخصية لإعارتها للطلبة لاستكمال أبحاثهم، ولدينا مشكلة أخرى وهي عدم إعادة طبع الكتب القديمة؛ فهناك باحث سوري كبير في مجال المسكوكات توفي منذ زمن يدعى "محمد أبو الفرج العش" ولديه مؤلفات عدة عن المسكوكات الإسلامية، ولم تتم طباعة كتبه ثانية وأصبحت شبه مفقودة في الوقت الحالي، وجميع الباحثين في العالم يرغبون باقتنائها، ولا يستطيعون تأمينها؛ وهذا ما يدفعني إلى التوثيق بكتب لتكون مراجع في المستقبل».

وبالنسبة إلى منهجية دراسة المسكوكات في الجامعات السورية، أضاف: «لدي تعليق حول الطريقة الخاطئة التي يتناولون بها دراسة المسكوكات في "سورية"، فليس المهم أن نقوم بقراءة المسكوكة؛ فهذه القراءة يستطيع أي شخص أن يقوم بها، لكن الدراسة يجب أن تكون بربط الجانب التاريخي بالأثري، وربط هذه النقود بمكان اكتشافها وطرح عدة أسئلة حولها، ويجب أن تكون الدراسة وافية من منهجية علم المسكوكات، فهناك الكثير من الدراسات التي لا تختلف عن تهريب الآثار إلى الخارج، فالقيام بوصف القطع ونشرها من دون دراسة تحليلية هو تقديمها للآخرين للعمل عليها، ثم إننا نملك كفاءات علمية مهمة في "سورية"، ومن الضروري الاعتماد على أنفسنا في دراسة تراثنا».

الدكتور "نايف شقير" عميد كلية الآداب الثانية في "عريقة" سابقاً، تحدث عن الدكتور "علاء الدين الشومري" بالقول: «صحيح أن المدة التي قضاها في التدريس في "سورية" قصيرة نسبياً، إلا أنه استطاع من خلالها تقديم الكثير، فقد ساهم في وجود المعرض الدائم لقسم الآثار في الكلية، وقدم بعض كتبه لتكون مراجع للطلاب، وكانت له أيادٍ بيضاء في قيام المعسكر الأول لطلاب الآثار في "السويداء" بعد انقطاع دام خمس سنوات عن قيام المعسكرات في القطر نتيجة الظروف الحالية التي نمر بها، هذا ويذكر أنه تعرض لحادث سير أثناء نقله للطلاب من وإلى المعسكر بسيارته الخاصة، وعلى الرغم من كل ذلك أبى إلا أن يتابع العمل والإشراف على المعسكر».

بقي أن نذكر، أن الدكتور "علاء الدين سلمان الشومري" من مواليد "صلخد" في محافظة "السويداء"، عام 1980.