"الحكيم القديس"، "أبو الفقراء"، "الطبيب الملهم"، "الكريم الشجاع"، وصفات أخرى، نالها المدرّس الجامعي والطبيب الجراح "كمال عامر"، حقق معادلة مميزة من خلال وجوده كعضو مجلس شعب سابق، واتجه إلى البحث العلمي الأكاديمي فأبدع.

ما زال يقدم وهو في الثمانينيات من العمر، يعمل بعيادته بسعر رمزي ولا يخرج منها لساعات طوال قبل أن يفحص آخر مريض لديه، ساعات عمله تتجاوز أربع عشرة ساعة، يعالج يومياً أكثر من مئة مريض، تكتنف شخصيته الهدوء والنظرة الإنسانية، حين تصافحه تستمد منه إرادة الحياة، لم يجد في تجربته البرلمانية إضافة له سوى العمل فقط.

كان لتجربتي في مجلس الشعب شجون خاص حين عملت على تطوير قطاع الصحة في المستشفى الوطني في "السويداء" والمستشفيات العامة والخاصة، وطرحت العديد من المقترحات لنشر مفاهيم العمل التطوعي القائم على خدمة المجتمع يقيناً بأهمية ذلك

حول شخصيته العلمية والإنسانية مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 26 أيار 2016، التقت الدكتور "أديب عقيل" أستاذ في جامعة "دمشق"، ويقول: «عرفته أستاذاً جامعياً خبيراً وعالماً، جراحاً يبدع بمشرطه ويداوي القلوب بلطفه وإنسانيته، من يستمع إلى صوته وهو يجري عملية الفحص، ويقدم العلاج الأولي بما يحمله من طاقة إيجابية تساعده في تمتين علاقته الإنسانية مع المريض، وذلك بمنحه القوة والشفاء بطريقة معاملته، كثيراً ما يأتيه مرضى من جميع المحافظات السورية، وجميعهم يخرجون من عيادته وهم يبتسمون فرحين، يتميز بصمته في علمه؛ فهو باحث علمي أكاديمي بارع، يبعث الأمل في قلوب الكثيرين من مرضاه وطلابه، أجرى آلاف العمليات الجراحية من دون مقابل مادي، ومازالت "فحصيته" رمزية، وأغلب الأحيان يقدم العلاج الدوائي من نفقته الخاصة.

الدكتور أديب عقيل

خاض تجربة مجلس الشعب لأكثر من عقدين من الزمن، وكان هدفه تطوير قطاع الصحة، ومساعدة المرضى في مستشفى "الأسد الجامعي"، ترأس قسم القلب لمدة؛ فكان عطاؤه أكبر من حجم عمله. أما علمياً، فقد أشرف على رسائل جامعية ودراسات عليا كثيرة في اختصاص جراحة القلب، وظل متواضعاً، ونتيجة أعماله الخيرية والإنسانية لقّب بألقاب اجتماعية، منها: "الطبيب الملهم"، و"أبو الفقراء"، وله مآثر اجتماعية عديدة، في بداية حياته كان والده من الرجال الأغنياء الأوفياء لأهلهم، فقدم مساعدات للناس مادياً، وحين وفاته وجدوا في خزينته مئات الليرات الذهبية بسندات على الناس، فقام الدكتور "كمال عامر" بحرقها جميعاً أثناء عزاء والده، وهذه المبادرة مازال المجتمع وأفراده يتناقلونها حتى يومنا هذا».

وفي لقاء مع الدكتور "كمال عامر" يقول: «ولدت في قرية "مردك" لأب فلاح محب للحياة والمجتمع، وتميزت بتعلقي بالعلم والمعرفة، وبعد أن أتممت مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي، درست الطب لشغفي وحبي لهذه المهنة، والأهم أن والدي كان له علاقة خاصة مع المجتمع وأفراده، حيث سدّ فراغاً كبيراً في تذليل صعوبات الناس، في زمن الفقر والحاجة، لكن ولّد ذلك بتعامل والدي بإنسانيته حالة من التأثير بشخصيتي؛ لهذا قطعت عهداً على نفسي أن أخدم المجتمع السوري، إذ بعد دخولي الجامعة لدراسة الطب وحصولي على الشهادة أوفدت إلى الاتحاد السوفييتي سابقاً لأحصل على الدكتوراه في جراحة القلب والتخصص فيها بجراحة القلب والأوعية الدموية، وبعد عودتي بدأ مشوار التعليم العالي لأقدم أبحاثاً ودراسات في هذا المجال؛ لأكون واحداً من الأساتذة الذين تم إيفادهم إلى "الولايات المتحدة الأميركية" في بعثة علمية لإجراء بحث علمي أكاديمي، وكان ذلك».

الدكتور عدنان مقلد

ويتابع: «كان لتجربتي في مجلس الشعب شجون خاص حين عملت على تطوير قطاع الصحة في المستشفى الوطني في "السويداء" والمستشفيات العامة والخاصة، وطرحت العديد من المقترحات لنشر مفاهيم العمل التطوعي القائم على خدمة المجتمع يقيناً بأهمية ذلك».

أما الدكتور "عدنان مقلد" من معارف الدكتور "كمال"، فيقول: «لقد وضع الأستاذ الدكتور "كمال عامر" منهجاً في التعامل الإنساني مع المرضى، ويمكن القول إن مدرسته باتت طموح أي طبيب يعشق مهنة الطب بحالته الإنسانية، وبالنسبة لي شخصياً كان المثل الأعلى والقدوة الحسنة، فقد عُرف طبيبنا بشهادة من رافقه وعايشه بأخلاقه العالية وإنسانيته وعطائه اللا محدود مذ كان يعمل مدرّساً للجراحة العامة وجراحة القلب والأوعية الدموية في كلية الطب بـ"جامعة دمشق"، وعضو هيئة تدريسية لأكثر من أربعين عاماً ومازال يدرّس الجراحة العامة وجراحة القلب في مستشفيات التعليم العالي وكلية الطب، إضافة إلى إجراء عمليات جراحية خاصة بالقلب في مستشفى "الأسد الجامعي" التي تميزت بالنجاحات الباهرة وضاهت التقانة الطبية في الدول الأوروبية، حتى حين عمل رئيساً لمركز جراحة القلب في الثمانينيات في مستشفى "المواساة"، وهو أول من تسلّم رئاسة قسم القلبية في مستشفى "الأسد الجامعي"، وكان له الفضل الكبير في تأمين إجراء العمليات الجراحية القلبية مجاناً لمختلف المواطنين والشرائح على امتداد الوطن».

الدكتور كمال عامر مع مراسل مدونة وطن

ويتابع الدكتور "عدنان مقلد": «يبدأ يومه الطويل من الساعة التاسعة صباحاً حتى منتصف الليل بلا كلل أو ملل، وقد يمضي أغلب يومه مواصلاً عمله في المستشفى من دون راحة إذا ما تطلب الأمر ذلك، وقد يترك عيادته لإيصال مريض ما إلى مكان سكنه؛ خاصة إن كان مسنّاً أو محتاجاً أو على مقربة منه بسيارته الخاصة؛ الأمر الذي دفع أفراد المجتمع إلى إطلاق عليه الألقاب مثل: "الحكيم القديس"، أو "أحد الملائكة على الأرض"، هكذا يعرف لدى الناس الذين يعرفونه، هذا الإنسان هو عطاء متميز، وحب لا متناهٍ، وكرم يفيض».