تميّز "قاسم أبو شميس"، بعمله في الزراعة، وعدم مفارقته لعمله طوال حياته، وكان لارتباطه بهذه الأرض وانتمائه إليها حكاية مشاركته في النضال ضد الفرنسيين، واستبساله في معركة "المزرعة"، ليكون أول من غنم مدفعاً من عدوه؛ ليضعه في خدمة "الثورة السورية الكبرى".

مدونة وطن "eSyria" زارت بيت المجاهد في بلدة "المزرعة"، والتقت ولده "محمود أبو شميس" بتاريخ 21 أيار 2016، فتحدث عن أبيه بالقول: «كان أبي يحب الأرض ويعمل بها، وكان يزرع أشجار التين والعنب ويعتني بها، إضافة إلى زراعة الأرض بالمحاصيل الزراعية، واستمر على هذا الحال مع أسرته التي قاومت الاحتلال العثماني، حيث شارك أبوه "حسين" في عدة معارك من معارك "اللجاة"، ضد الاحتلال العثماني، كما أن عمه قد سقط شهيداً في معركة "جبة مفعلة"، ضد الاحتلال العثماني أيضاً، واستمر هذا الحال إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي، وقامت الثورة السورية الكبرى بقيادة المغفور له "سلطان باشا الأطرش"، فما كان منه إلا أن لبّى النداء، وخرج مع الثوار للمشاركة في معركة "المزرعة"، التي جرت وقائعها في الثاني من آب عام 1925، حيث تقدمت القوات الفرنسية من "درعا" باتجاه "السويداء"، لفك الحصار عن قلعة "السويداء"، فقرر الثوار ملاقاتها في بلدة "المزرعة"، وكان بينهم أبي مع مجموعة من ثوار البلدة، نذكر منهم: "سلمان هنيدي، وأسد اليحيى، وهاني ذيب، وعلي عز الدين، وتوفيق الحلبي، وسليمان العقباني"، حيث كانت القوات الفرنسية تدفع قوات متقدمة لنصب نقاط استحكام، وكانوا يضعون في هذه الأماكن القناصة لقتل أكبر عدد ممكن من الثوار، كما دفعوا بالطائرات لضرب حشد الثوار، وتمكّن المجاهدون بعد إطلاق النار على إحدى الطائرات من إصابتها وسقطت في أرض بلدة "الطيرة"، وبعد هذه الحادثة بدأ هجوم القوات الفرنسية واشتبك الثوار معهم بقيادة الجنرال "ميشو"، واستطاع الثوار تطويق القوات الفرنسية المهاجمة، ودمروا 12 دبابة، ثم بدؤوا ملاحقة القوات الفرنسية، وهنا بقيت نقاط الاستحكام حيث كانت إحدى النقاط التي نصب فيها مدفع رشاش من نوع "هوشكيس" 3500 طلقة تصيب الثوار على بعد 2كم من الغرب إلى الشرق في منطقة يقال لها "المذراية"، وقد تمكنت نقطة هذا الرشاش من قتل عدد لابأس به من الثوار، فما كان من أبي إلا أن حدد المكان وتسلل إليه منحنياً ومتخفياً حتى وصل إلى أقرب نقطة للرشاش الذي كان الجنود الفرنسيون يخفونه بين الصخور، وعندها قام بالالتفاف وإطلاق النار من بندقيته فقتل اثنين من الجنود، ثم تابع التقدم ليقضي على كل من كان في حظيرة الرشاش، وقام بعدها بجمع البنادق وفك المدفع الرشاش وإخفائه في المكان نفسه على أمل العودة إليه، وتابع بعدها تقدمه مع الثوار، فقام أيضاً بالاستيلاء على مدفع نقال مع ثمانية صناديق من الذخيرة، كما أنه تمكن مع بعض الثوار من التقدم باتجاه قرية "الطيرة"، حيث كان هناك مدفع جبار مداه 30كم يطلق النار على الثوار، فتمكن بمساعدة رفاقه من قتل اثنين ممن يعملون على هذا المدفع، ثم اقترب وقام بتخريب عمل المدفع عن طريق سحب الميزان والجرار، وقد تم فيما بعد تسليم المدفع النقال والميزان والجرار لقيادة الثورة السورية، ليوضع في خدمتها، وكان هذا المدفع الأول من نوعه الذي يحصل عليه الثوار في المعارك، حيث استخدم فيما بعد من قبل الحملة التي قادها الأمير "عادل أرسلان" في ضرب قلعة "راشيا" في "لبنان" التي كان يتحصن فيها الفرنسيون، كما استخدم في ضرب قلعة "السويداء"، لفك الحصار عنها».

المجاهد "قاسم أبو شميس"، كان رجلاً قوي الشكيمة وصادقاً في المعاملة مع الناس ورجل بقي يعمل في أرضه لأواخر أيام حياته، ومشاركته في معركة "المزرعة"، كانت مشاركة فاعلة لأن هذه المعركة هي التي حددت اتجاه الأحداث اللاحقة في "الثورة السورية الكبرى"، وهي معركة فريدة من نوعها لأن العدو استخدم فيها الطيران والمدفعية الثقيلة، حيث كانت الحملة مؤلفة من ثمانية آلاف عسكري، وجاءت لفك الحصار عن قلعة "السويداء"، وبدأت المعركة صباح يوم 2 آب 1925 غرب قرية "الدور" في "تل الخروف" حيث تراجع الثوار في صباح ذلك اليوم، ليقوموا في المساء بضرب قسم الإمدادات في الحملة الفرنسية قرب قرية "سميع" بهجوم صاعق، وقد غنم الثوار ذخائر وأسلحة ومواد تموينية، وكانت هذه المعركة التي فاجأت الفرنسيين صدمة لجنودهم، كما أن انتشار خبرها السريع أعاد الثقة إلى الثوار الذين بدؤوا حصار الحملة ليلاً ودخلوا مراكز التوضع قبل طلوع الفجر، فلم يبقَ أمام الجنود الفرنسيين سوى السلاح الأبيض؛ وهو ما اضطر الطيران إلى أن يفرغ حمولته فوق القرى، كما أن طبيعة المعركة ألغت أي دور للمدفعية، وكان الشيخ "قاسم" أحد هؤلاء الثوار الذين شاركوا في المعركة التي كانت ساحتها تمتد من موقع "نبع المزرعة" غرباً، حتى قرية "الدور" شرقاً، فكانت أرض المزرعة هي الساحة الرئيسة للمعركة، وقد أوقع الثوار إصابات هائلة في صفوف الفرنسين؛ وهو ما اضطرهم إلى التراجع باتجاه مراكز تجمعهم في بلدة "أزرع"، وغنم الثوار كثيراً من الأسلحة والعتاد الذي تركه الجيش المهزوم في أرض المعركة، وكان من بين الغنائم مدفعان أحدهما مدفع رشاش اضطر الثائر "أبو محمد قاسم" إلى كسره وجمع أشلائه لعدم وجود ما يساعده على جرّه، كما أنه غنم مدفعاً آخر وهو مدفع نقال، وكان قريباً من القرية فجرّه إلى منزله، وقام بإخفائه احترازاً من أن يعود ويقع في يد الفرنسيين في حال عاودوا الكرة، وهذا المدفع وصل خبره فيما بعد إلى الأمير "عادل أرسلان"، الذي قاد معارك "اللجاة"، فطلب أن يتسلم هذا المدفع ليساعد الثوار في معارك قادمة، وكانت كثيرة، وهكذا ذهب هذا المدفع ليكون سلاحاً للثوار وليس ضدهم، وكانت هذه الغنيمة هدية هذا الثائر إلى "الثورة السورية الكبرى"، وكان أول غنيمة من السلاح الثقيل

بدوره الأستاذ والباحث في تاريخ الثورة السورية الكبرى "إسماعيل الملحم"، وهو من بلدة "المزرعة"، وصاحب كتاب "معركة المزرعة ملحمة السلاح الأبيض" تحدث عن المجاهد "أبو شميس" وعن معركة "المزرعة" بالقول: «المجاهد "قاسم أبو شميس"، كان رجلاً قوي الشكيمة وصادقاً في المعاملة مع الناس ورجل بقي يعمل في أرضه لأواخر أيام حياته، ومشاركته في معركة "المزرعة"، كانت مشاركة فاعلة لأن هذه المعركة هي التي حددت اتجاه الأحداث اللاحقة في "الثورة السورية الكبرى"، وهي معركة فريدة من نوعها لأن العدو استخدم فيها الطيران والمدفعية الثقيلة، حيث كانت الحملة مؤلفة من ثمانية آلاف عسكري، وجاءت لفك الحصار عن قلعة "السويداء"، وبدأت المعركة صباح يوم 2 آب 1925 غرب قرية "الدور" في "تل الخروف" حيث تراجع الثوار في صباح ذلك اليوم، ليقوموا في المساء بضرب قسم الإمدادات في الحملة الفرنسية قرب قرية "سميع" بهجوم صاعق، وقد غنم الثوار ذخائر وأسلحة ومواد تموينية، وكانت هذه المعركة التي فاجأت الفرنسيين صدمة لجنودهم، كما أن انتشار خبرها السريع أعاد الثقة إلى الثوار الذين بدؤوا حصار الحملة ليلاً ودخلوا مراكز التوضع قبل طلوع الفجر، فلم يبقَ أمام الجنود الفرنسيين سوى السلاح الأبيض؛ وهو ما اضطر الطيران إلى أن يفرغ حمولته فوق القرى، كما أن طبيعة المعركة ألغت أي دور للمدفعية، وكان الشيخ "قاسم" أحد هؤلاء الثوار الذين شاركوا في المعركة التي كانت ساحتها تمتد من موقع "نبع المزرعة" غرباً، حتى قرية "الدور" شرقاً، فكانت أرض المزرعة هي الساحة الرئيسة للمعركة، وقد أوقع الثوار إصابات هائلة في صفوف الفرنسين؛ وهو ما اضطرهم إلى التراجع باتجاه مراكز تجمعهم في بلدة "أزرع"، وغنم الثوار كثيراً من الأسلحة والعتاد الذي تركه الجيش المهزوم في أرض المعركة، وكان من بين الغنائم مدفعان أحدهما مدفع رشاش اضطر الثائر "أبو محمد قاسم" إلى كسره وجمع أشلائه لعدم وجود ما يساعده على جرّه، كما أنه غنم مدفعاً آخر وهو مدفع نقال، وكان قريباً من القرية فجرّه إلى منزله، وقام بإخفائه احترازاً من أن يعود ويقع في يد الفرنسيين في حال عاودوا الكرة، وهذا المدفع وصل خبره فيما بعد إلى الأمير "عادل أرسلان"، الذي قاد معارك "اللجاة"، فطلب أن يتسلم هذا المدفع ليساعد الثوار في معارك قادمة، وكانت كثيرة، وهكذا ذهب هذا المدفع ليكون سلاحاً للثوار وليس ضدهم، وكانت هذه الغنيمة هدية هذا الثائر إلى "الثورة السورية الكبرى"، وكان أول غنيمة من السلاح الثقيل».

الشيخ محمود أبو شميس

يذكر أن "قاسم أبو شميس"، من مواليد بلدة "المزرعة"، عام 1898، وقد توفي عام 1997، عن عمر ناهز تسعاً وتسعين عاماً، وله أربعة أبناء هم: "محمد، ومحمود، وحمود، ومحمودة".

الأستاذ إسماعيل الملحم
رمز للمدفع في مدخل بلدة المزرعة