من يقرأ تاريخ الثورة السورية الكبرى ونضالها ضد أعداء الوطن، لابد وأن يقرأ اسم "عقلة القطامي" الذي كان أحد أعمدتها، والعقل المفكر الذي أسهم في نصرتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت حفيدته السيدة "هيام القطامي" بتاريخ 8/11/2013فتحدثت عن جدها قائلة: «ولد جدي "عقلة القطامي" في بلدة "خربا" في محافظة "السويداء" عام /1889/م، وتربى فيها بكنف أسرته المحافظة، وتعلم في مدارسها وكان له نهم للمطالعة، واشتغل بزراعة أرضه فكان مثالاً للجد والاجتهاد طوال حياته المتميزة بالعطاء والكفاح والعمل المثمر، وهكذا فقد كان ابناً باراً لـ"الجبل" الأشم، وأحد وجهائه البارزين، أخذ عنه الأنفة والشموخ والثبات وتمثلت به العادات العربية الأصيلة السائدة فيه من كرم وشجاعة وإغاثة الملهوف وحماية الجار المستجير.

ولد جدي "عقلة القطامي" في بلدة "خربا" في محافظة "السويداء" عام /1889/م، وتربى فيها بكنف أسرته المحافظة، وتعلم في مدارسها وكان له نهم للمطالعة، واشتغل بزراعة أرضه فكان مثالاً للجد والاجتهاد طوال حياته المتميزة بالعطاء والكفاح والعمل المثمر، وهكذا فقد كان ابناً باراً لـ"الجبل" الأشم، وأحد وجهائه البارزين، أخذ عنه الأنفة والشموخ والثبات وتمثلت به العادات العربية الأصيلة السائدة فيه من كرم وشجاعة وإغاثة الملهوف وحماية الجار المستجير. شارك منذ أيام شبابه الباكر في ثورات "الجبل" المتتالية على الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي بشجاعة فريدة وإقدام نادر، ما جعله في طليعة المكافحين عن الكرامة والعزة القومية، وصديقاً حميماً لقائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" قائد أولئك الأحرار الأبطال الذين كتبوا بسيوفهم وبدمائهم مآثر خالدة في تاريخ النضال العربي

شارك منذ أيام شبابه الباكر في ثورات "الجبل" المتتالية على الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي بشجاعة فريدة وإقدام نادر، ما جعله في طليعة المكافحين عن الكرامة والعزة القومية، وصديقاً حميماً لقائد الثورة "سلطان باشا الأطرش" قائد أولئك الأحرار الأبطال الذين كتبوا بسيوفهم وبدمائهم مآثر خالدة في تاريخ النضال العربي».

السيدة "هيام القطامي" حفيدة المجاهد

وتابعت: «كانوا مثلاً أعلى في الدفاع عن الحرية والاستقلال وفي الشجاعة والتضحية ونكران الذات ومكارم الأخلاق، لقد كان هذا المجاهد الفذ في الحرب والسلم على السواء سفيراً مفوضاً لقيادة الثورة خاصة ولـ"الجبل" الأشم عامة يحل الخلافات ويعقد الاتفاقيات.

كان في اتفاقية "أبو فخر ديكيه" في /4 آذار عام 1921/م، وفي مؤتمر "ريمة اللحف" /1925/م، واجتماع "عيون مؤتمر الملك فيصل بالأزرق"، ومؤتمر "خازمه"، وكان يبذل المساعدات كيف لا وهو موضع الثقة والأمانة والمحبة، ويشهد بذلك ما جاء من حديث "كنج شلغين" رئيس اللجنة المالية في "الحديثة" بوادي "السرحان" حيث قال: "كان المجاهد "عقلة القطامي" يقيم في "الحمر" بـ"الأردن"، فكان يقضي حاجات الثوار المقيمين في الصحراء ويلبي طلباتهم ويرعى مصالحهم ويمد يد العون إلى المحتاجين منهم، ويستلم الحوالات الواردة إلى التاجر "حمدي منكو" بـ"عمان" ويرسلها إلينا، وقد سلمنا ذات يوم مبلغ أربعة آلاف ليرة عثمانية ذهباً، كان البطريرك "غوريغوريوس حداد" قد بعث إليه إعانة في منفاه، فأبى أن يستأثر بها وحده وقدمها لنا لتوزيعها على الثوار، حسب الجداول المعتمدة لدينا، ولم يقبل خمسين ليرة من هذا المبلغ إلا بعد جهد جهيد"».

وعن أبرز مواقفه أثناء النضال ضد الاستعمار أضافت: «احتل أبو موسى "عقلة القطامي" منزلة عالية في قلوب عارفيه الكثيرين من رجال القضية العربية مقيمين كانوا أم مغتربين، وكان له من أكثريتهم مراسلات ولقاءات ومواقف نال فيها محبتهم وثقتهم ونشأت بينه وبين بعضهم صداقات حميمة لإخلاصه وصراحته وصواب رأيه وحسن تصرفه، وامتاز أسلوبه في مخاطبة من كان يراسلهم أو يقابلهم بسحر البيان ورقة اللفظ، وهو يصف أحوال الثوار المشردين في الصحراء، ويعدد ما كانوا يقاسون في مأساتهم المروعة من مصاعب وأهوال ويعانون من ألوان الجوع وأشكال الحرمان وأنواع الإهمال، كان بذلك يحث الهمم ويستدر العواطف، وجاء مثل ذلك في إحدى رسائله إلى الشاعر "القروي" فقال بما معناه: (إن سلطان باشا الأطرش يا أخي بطل قومي لا يجود الزمان بمثله في سنين عديدة، يحتل مع فرسان قلائل مسؤولية أعظم ثورة ضد الاستعمار، حياتهم في الصحراء مثل رائع في الصبر والشجاعة ونكران الذات والقدرة على تحمل المحن والمشقات، في عيش قاس مرير لا يطيقه نسّاك ولا جبابرة متمردون).

أما أثناء عضويته في المجلس النيابي ومجلس إدارة المحافظة فقد كان مثال الإخلاص والنزاهة، يقضي وقته في الخدمة العامة يدافع عن الحق وينصر المظلوم ويساعد الفقير ولا يداري أحداً ولا يخشى لومة لائم، فأحبه أبناء "جبل العرب" وكان محل ثقتهم ومودع سرهم، نال أوسمة عديدة تقديراً لجهوده الوطنية والقومية والإنسانية، وسام "النيشان" العثماني (الرابع والثالث والثاني) مع ميدالية "حرب" عثمانية وأخرى المانية. وفي عام /1947/م منح الوسام "البابوي"، خاض معارك الثورة ببسالة وتحمل التشريد والنفي بإباء، وزاده غضب الفرنسيين عليه ومصادرتهم أملاكه وأمواله صلابة وعقيدة وقوة إيمان بالمبادئ والمثل التي قامت الثورة من أجلها، وبوطنه وحقه في الحرية والوحدة والاستقلال، وقد اتخذ العروبة دنيا بما فيها من قيم سامية ومعان حضارية وقومية وإنسانية.

انتقل إلى رحمته تعالى عام /1953/م، بعد أن أدى الرسالة ببطولة وشرف مخلفاً ذكراً خالداً مدى الأيام، وسيرة حميدة يعطر شذاها الآفاق ونسلاً صالحاً سيظل سائراً على خطاه بشمم».

في كتاب الصحفي "منهال الشوفي": (بيارق في صرح الثورة السورية الكبرى) تحدث عن "عقلة القطامي" بقوله: «يوم انطلقت الثورة الكبرى بقيادة "سلطان باشا" كان "عقلة القطامي" أول من لبى نداءها فمثل بسلوكه ومواقفه الأخلاق العربية وما تجسده من بيئة "جبل العرب" وحياة أهله من تقاليد أصيلة، وكان الثائر "القطامي" من أوائل الذين تعرضوا إلى حقد المستعمرين بسبب ثباته في خطه الوطني الحر رغم المغريات التي كان المستعمر يلجأ إليها، وقد وقف ورفاقه إلى جانب قائد الثورة وشارك في جميع المعارك، وعانى مع قائد الثورة قسوة التشرد في الصحراء /12/ عاماً معلناً إيمانه بحق "سورية" في الحرية، وفي /5 نيسان 1924/م زار الجنرال "سراي" الذي حل محل "ويغان" "الجبل"، فطلب وفد يمثل "الجبل" مقابلته للاحتجاج على سياسة كاريبيه وخروجها عن نص اتفاقية (أبو فخر – دي كيه) التي تقضي أن يكون حاكم "الجبل" من أبنائه، فقال الجنرال: (إنها حبر على ورق)، فأجابه الثائر "عقلة القطامي": (إن البعثة الفرنسية في "دمشق" هي التي وضعتها فكيف تكون حبراً على ورق يا سيدي الرئيس!)، فاعتقله ونفاه إلى "تدمر" وهدد الوفد، فقامت المظاهرات ثم توجهت حملة بقيادة الكابتن (نورمان) إلى "القريا" لإلقاء القبض على "سلطان الأطرش" ورفاقه».

الجدير بالذكر أن السيدة "فرحة عازر الجوابرة" من قرية "خربا"، كانت زوجة البطل "عقلة القطامي" وقد وقفت إلى جانب زوجها في مقارعة الاستعمار الفرنسي، وكانت سديدة الرأي وصاحبة قرار، وقد قالت كلمتها المشهودة: "لا نريد أرضاً ومالاً.. نريد أن نتحرر من الاستعمار".