عقود قضاها في الجمع والبحث ليطفو فيض ما جمع من معارف وما كتب من أشعار على ساحة "السويداء" وبين أوساطها المثقفة هو "منصور عزام" ابن قرية "خربا" الشاعر والباحث.

موقع eSuweda بتاريخ 20/1/2012 جمع من أخبار وحكايات العارفين لمسيرته ما يستحق أن يقدم للقراء عن شخصية تميزت بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وهذا حديث للباحث الأستاذ "جدعان المتني" المهتم باللغة، قال: «للتعريف بهذه الشخصية استعين بمقدمة أعدها الباحث والكاتب "صياح الجهيم" لديوان بعنوان "نشر الخزام" جمعه أولاد "منصور عزام" ليقدم للقراء بعد حوالي أربعة عقود من وفاته حيث يركز الأستاذ "الجهيم" على أن "منصور عزام اجتهد في علاج الأجسام والنفوس وطبع أشعاره بالحكمة أي وهي الغالبة على شعره سواء أأفرد لها الشاعر قصائد مستقلة أم أدخلها في ثنايا قصائده وهي قد تكون تأملا في الحياة والناس"، هذه المقدمة تقدم تصوراً واضحا عن مدى اطلاعه وثقافته في زمن كانت فيه الندرة من المتعلمين، ويبقى للمطلع على الكتاب والأشعار أن يستشف نفسه التواقة للحياة المتطورة والخروج من دائرة الجهل التي يفصلها بحالة الفلاحين في ذلك العصر بانتقاد لاذع للمجتمع وما اكتنفه من غياب العلم ليضمنه في شعره بلغة هي الأقرب للفصاحة، هذه الأشعار رددها المجتمع وحفظها لتكون حديث المتسامرين وتعبيراً عن رؤية الباحث لزمن مضى وللحياة الريفية في القرنين الماضيين».

محبته للعلم رسمت لحياته صورة اختلفت عن المتوقع في تلك الأيام ليتجه للطب والعلم بشكل فيه رفض قاطع لطرق التداوي الشعبية لأنه قرأ "الرازي" و"ابن سينا" وحرص على تطبيق ما يمكن تطبيقه، أما المخطوطات فقد كان يحصل عليها من مصادر مختلفة أهمها جامعة "الإسكندرية" ولبنان ومن جامعة "دمشق" في المراحل الأخيرة ليستفيد من كتب لمختصين أجانب ترجمت للعربية كان يقرؤها وكان يركب الأدوية تلك التي كان يطلبها من صيدلية مازالت موجودة في منطقة "السنجقدار" في مدينة "دمشق" اسمها صيدلية "الصاصي"، ليعطيها للمرضى في قريته ومن يطلبها من المناطق المجاورة، لتكون المداواة والشعر سبب من أسباب التصاق المجتمع به والاستزادة من حكم وأفكار ضمنها لأشعاره التي جمعها والدي وعمي في ديوان سمي "نشر الخزام في ديوان منصور عزام" وهو جزء من وثائق ومعارف وثقها الجد لتكون رصيداً للذاكرة وصورة لذاك الزمن الذي عرض لأوجاعه ومحاسنه ليتناقلها أبناء الجبل

نهاية القرن الماضي طبع أولاده ديوان أشعاره وأعاد الأحفاد طباعته حسب حديث الدكتور "وسيم عزام" أقدم أطباء "السويداء" حفيد الشاعر من ابنه "فريد" وقال: «وضع والدي "فريد" مقدمة الطبعة الأولى لديوان الجد وقمنا بطباعته للمرة الثانية ليكون في خدمة المهتمين والمثقفين، وهو نوع من الوفاء لذكرى الجد، وقد كان الديوان حصيلة لخبرة هذا الرجل وتصوير تقريبي لحالة المجتمع ولمعلومات كانت حصيلة لمكتبة غنية جمعها الجد وذاكرها، لتجد في الديوان الشعر الشعبي بما فيه من النصائح والإرشادات ووصف حالات اجتماعية سادت في ذلك العصر إلى جانب فصل كامل فيه مسحة من التندر لأنها ترتبط بألغاز كتبت شعراً ووثقت عن الجد، وللتعريف بجدي "منصور عزام" يمكنني القول إنه ولد في قرية "خربا" الواقعة إلى جنوب مدينة "السويداء" وهو ابن المعلم "خليل بن عزام" الحداد الناصري أصلا، الذي أتى من لبنان غلاما وهناك ترعرع لتقوده العناية إلى "حوران" وفيها تنقل كثيرا مختلطا على نوع خاص بالعقلاء من مسلمين ومسيحيين ليعاشر ذوي العلم وهم من رجال الدين ويأخذ عنهم المعرفة، واطلع على الأديان المعروفة ودرس الإنجيل لتكون هذه البيئة مولدة لجدي "منصور" الذي استفاد من زوار والده وخالطهم ليكون السفر والتنقل وسيلة أضافت لعلمه ومعارفه الكثير في محيطه الاجتماعي الذي يتكون من الهيئة الإسلامية من الموحدين والبدو والهيئة النصرانية ليمتلك الميل للتفكير والبحث عن كل ما يقدم الخير لمجتمعه ومحيطه واستعاض به عن عشيرته وهذا ما جعله محبوبا من الجميع، وكانت أشعاره رسالة لنبذ الجهل لسلوك طريق العلم والتنور».

ديوان منصور عزام الذي حمل عنوان نشر الخزام

الطب والشعر كانت ثمرة علم جمعه الجد ليكون المداوي للعامة، بإضافة للدكتور "وسيم" وقال: «محبته للعلم رسمت لحياته صورة اختلفت عن المتوقع في تلك الأيام ليتجه للطب والعلم بشكل فيه رفض قاطع لطرق التداوي الشعبية لأنه قرأ "الرازي" و"ابن سينا" وحرص على تطبيق ما يمكن تطبيقه، أما المخطوطات فقد كان يحصل عليها من مصادر مختلفة أهمها جامعة "الإسكندرية" ولبنان ومن جامعة "دمشق" في المراحل الأخيرة ليستفيد من كتب لمختصين أجانب ترجمت للعربية كان يقرؤها وكان يركب الأدوية تلك التي كان يطلبها من صيدلية مازالت موجودة في منطقة "السنجقدار" في مدينة "دمشق" اسمها صيدلية "الصاصي"، ليعطيها للمرضى في قريته ومن يطلبها من المناطق المجاورة، لتكون المداواة والشعر سبب من أسباب التصاق المجتمع به والاستزادة من حكم وأفكار ضمنها لأشعاره التي جمعها والدي وعمي في ديوان سمي "نشر الخزام في ديوان منصور عزام" وهو جزء من وثائق ومعارف وثقها الجد لتكون رصيداً للذاكرة وصورة لذاك الزمن الذي عرض لأوجاعه ومحاسنه ليتناقلها أبناء الجبل».

الجدير بالذكر أن الشاعر "منصور عزام" من مواليد عام 1857 توفي عام 1940 لبيقى ديوانه الذي طبع للمرة الأولى في العام 1993 ذي الطبعتين من الكتب المطلوبة لهذا التاريخ لقيمتها الأدبية والفكرية.

الدكتور وسيم عزام حفيد الحكيم منصور عزام