عقد سكان قرية "المغير" العزم على إنشاء (جاروشة) متطوّرة للمواد العلفية، بوصفها مشروعاً ينسجم مع احتياجات الأهالي، خاصة مربي الثروة الحيوانية، بدعم من الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية "نبض" لضمان تخفيف التكاليف، وفرصة تسويقية للمنتجين من المحاصيل العلفية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 تموز 2020 "رافع الوقية" رئيس الجمعية الخيرية في القرية ليتحدث عن الفكرة، وكيف تحققت على أرض الواقع، حيث قال: «"المغير" قرية نائية لا يفصلها عن الحدود الأردنية إلا بضعة أمتار، وخدماتها قليلة جداً، وليس أمام الأهالي إلا الاعتماد على الزراعة وتربية المواشي لتحسين الدخل والحصول على لقمة العيش، بالتالي فإن البحث عن مشروع تنموي قد يكون بداية لعائد اقتصادي جيد يدعم الأهالي.

يمكننا وصف التجربة بالعمل التصاعدي الذي بدأ بكميات بسيطة، وعندما أخذ الأهالي في المناطق المجاورة مثل "الغارية"، ومدينة "صلخد"، وغيرها بالتوافد إلى الجاروشة، والاستفادة من خدماتها؛ تطور العمل بشكل واضح، فالطاقة اليومية بشكل وسطي تصل إلى ثلاثة أطنان، والكميات بتزايد يومي يدفع على التفاؤل، وقد عملنا لعدة أيام على كميات تجاوزت خمسة أطنان، فالقرية التي لا يزيد عدد سكانها على ألف نسمة تعول على القرى المجاورة الباقية، وتوسيع دائرة المستفيدين لضمان فاعلية المشروع، ونعمل لتحقيق تطور قادم لنحصل على مطحنة للبرغل والقمح، وهذا نمط أخر من الخدمات يحتاجها الأهالي

من خلال الجمعية الخيرية ومتابعة أوضاع الأهالي، وبالتنسيق مع كافة هيئات القرية، تمت دراسة الموارد والإمكانيات، وما تنتج من محاصيل حقلية، وأهم الأنشطة التي يمكن تطويرها لتحسين الواقع الاقتصادي بما هو متاح من فرص.

الجاروشة أثناء العمل

كانت البداية بالبحث عن مشروع يخدم شريحة الفلاحين والمربين، بالعودة للإحصائيات قمنا بحساب بسيط لرؤوس الماشية من الأغنام والماعز في القرية التي يبلغ عددها ألفاً وخمسمئة رأس، إلى جانب ثلاثين رأساً من الأبقار، وتعرفنا على كمية المواد العلفية المطلوبة للقطيع بشكل يومي، حيث تحتاج البقرة ثلاثة عشر إلى خمسة عشر كيلو من العلف يومياً، ما يدل على أنّ المربي يحتاج لجرش أطنان من المواد العلفية بشكل دوري لكفاية أبقاره، وكذلك مربي الأغنام الذي يحتاج بشكل أسبوعي في مواسم الشتاء إلى أكثر من طن من المواد العلفية لتغطية حاجة القطيع، وعلى ضوء هذه الدراسة تقدمنا بطلب منحة من الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية "نبض" في "صلخد" لإنشاء جاروشة حبوب ومطحنة قمح، وقُبل المشروع، وبدأت إجراءات التطبيق».

وتابع: «هنا كان على الجمعية تأمين المقر، وقد تم شراء مقر قديم من رصيد الجمعية، واستلمنا المنحة على دفعتين؛ 4 ملايين لشراء الآلات، ومليون لباقي التجهيزات، وباقي مخصصات المنحة تم الاستفادة منها للحصول على الآلات، حيث أطلقت تجارب العمل الأولية عام 2019، ومع بداية شهر أيلول، وفي منتصف شهر كانون أول من ذات العام تم الانطلاق بالعمل الفعلي.

متابعة العمل

عملية تطبيق أهداف المشروع انطلقت على أرض الواقع، وصارت الجاروشة مقصد أهالي القرية لطحن المواد العلفية ودخل المشروع مرحلة التسويق من خلال شراء محاصيل الفلاحين وبيعها للمربين بأسعار مدروسة تبعاً لهدف المشروع التنموي، ومن المحاصيل العلفية التي تجرش كغذاء للمواشي وتنتجها أراضي القرية نجد الحمص، الجلبانة، الكرسنة، الشعير، الفول، والذرة، بالتالي فإن الفلاح لا يحتاج لبيع منتجه الزراعي خارج القرية، ويبقى المنتج ضمن القرية خدمة لقطعان المواشي، والتخفيف من الاعتماد على الأعلاف المستوردة التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، وهذه غاية أولى تضاف إلى أن المشروع هيأ فرصة عمل لأربعة شباب من أهالي القرية والوافدين، إلى جانب محاسب مالي».

خمسة أطنان طاقتها الإنتاجية اليومية، كما أكد "الوقية"، وأضاف: «يمكننا وصف التجربة بالعمل التصاعدي الذي بدأ بكميات بسيطة، وعندما أخذ الأهالي في المناطق المجاورة مثل "الغارية"، ومدينة "صلخد"، وغيرها بالتوافد إلى الجاروشة، والاستفادة من خدماتها؛ تطور العمل بشكل واضح، فالطاقة اليومية بشكل وسطي تصل إلى ثلاثة أطنان، والكميات بتزايد يومي يدفع على التفاؤل، وقد عملنا لعدة أيام على كميات تجاوزت خمسة أطنان، فالقرية التي لا يزيد عدد سكانها على ألف نسمة تعول على القرى المجاورة الباقية، وتوسيع دائرة المستفيدين لضمان فاعلية المشروع، ونعمل لتحقيق تطور قادم لنحصل على مطحنة للبرغل والقمح، وهذا نمط أخر من الخدمات يحتاجها الأهالي».

المربون يقصدون الجاروشة يومياً

مدير المشروع "ناصر الوقية" تحدث عن أهمية وجود الجاروشة بالقرية ويقول: «أن تتوافر الجاروشة بمكان قريب يمكن أن يصله أهالي القرية دون تكاليف كبيرة فائدة لا تقل أهمية عن السعر المدروس والمنافس، فقد تم توفير نفقات النقل التي تبلغ آلاف الليرات تبعاً للحاجة إلى سيارات كبيرة بحمولة ثلاثة أطنان وأكثر، خاصة مع غلاء المحروقات، ويكفي أن نعرف حجم المبالغ التي يتحملها المربي بشكل شهري لإيصال هذه الكميات إلى مطاحن في أماكن مجاورة وتحمل عناء التنقل.

إلى جانب أنّ سعر الجرش كان في البداية سبع ليرات للكيلو، واضطررنا اليوم لرفع السعر إلى عشر ليرات بسبب ارتفاع الأسعار الذي طرأ مؤخراً للمحافظة على استمرار المشروع، وهذا طبعاً كان بموافقة ودعم الفلاحين للمشروع الذي يقدم لهم خدمة كبيرة تساهم في زيادة عدد المربين وزارعة المواد العلفية، لأنّ المرحلة القادمة تتضمن تسويق كميات أكبر من منتجات الحبوب العلفية من الفلاحين من أهالي القرية والقرى المجاورة».

وجد "جواد أبو عرار" أحد مربي الماشية في المشروع خدمة كبيرة، وقال: «أحتاج لكميات كبيرة في مواسم الصيف تقل نوعاً ما عن مواسم الشتاء من المواد العلفية المتنوعة لقطيع الأغنام والماعز، كنا نحصل عليها من الموردين، وطبعاً نخضع لتحكمهم بالسعر، لكن بوجود الجاروشة تمكنا من تشكيل خلطات علفية غنية بمساعدة المختصين وذوي الخبرة، كانت بديلاً جيداً وغنياً للمواشي من محاصيل جيدة مزروعة في أراضينا، ما ساعد على تخفيض التكاليف بنسب مقبولة، إلى جانب الاستغناء عن التنقل، وهذا ما يدفعنا في مراحل قادمة لزيادة القطيع رغم الصعوبات الأخرى، المشروع لاقى الدعم من كافة الأهالي، لأنه يتوافق مع احتياجات القطعان التي تشكل مصدر رزق، ومنتجها غذاء حقيقي للأهالي».

الجدير بالذكر أنّ فارق السعر وتخفيضات أجور النقل، وخلق منفذ للتسويق للمواد العلفية، ساهم في دعم زراعة المواد العلفية في أراضي القرية التي يعتمد فيها المزارعون على الزراعات البعلية، لكن المؤشر الإضافي يتمثل في إضافة أنواع جديدة للزراعة مثل الذرة التي تطورت من عشرة إلى عشرين دونماً كانت عبارة عن تجارب؛ تطورت العام الفائت إلى خمسين دونماً، وتوسعت زراعة الكرسنة على حساب الخضار بنسبة عشرة بالمئة، ويبدو أنّ أمام المزارعين للموسم القادم خططاً جديدة لضمان مصدر غذاء القطعان بالمواد العلفية التي تؤهل لتنمية اقتصادية جيدة المردود.